اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

البرلمان ضياع فرصة اخرى

كتب بواسطة : futurosahara on 23‏/02‏/2013 | السبت, فبراير 23, 2013

يبدو أن النظام الصحراوي لازل مصرا على إجهاض أي محاولة لجسر الهوة المتزايدة بينه والمواطنين البسطاء، وإضاعة كل فرصة يمكن أن تساهم في خلق أي نوع من الثقة في مؤسسات الدولة، فكما ضيع فرصة المؤتمر الأخير، الذي كان بالإمكان أن يشكل محطة مفصلية من كفاح شعبنا، من خلال تصحيح الأخطاء والوقوف في وجه الظواهر الدخيلة التي تشكل خطرا محدقا بمشروعنا الوطني ، وتعزيز عرى الثقة بين الحاكم والمحكوم التي مافتئت تضعف اذ لم تكن تتقطع بفعل ثقافة الفساد المتنامية لدى اغلب القائمين على أمرنا.
ها هو يضيع فرصة أخرى، كان يمكن أن تساهم في حقن جرعة ثقة في مؤسسة البرلمان، التي  صارت تفتقد بشكل شبه كلي إلى ثقة المواطنين، في قدرتها على القيام بمسؤولياتها فما بالك قدرتها على صنع التقويم أو قيادته، فقد أدى الإصرار على إبقائها خاضعة لأرادة السلطة التنفيذية، إلى إفراغها من محتواها وتحويلها إلى شيء أشبه ببرلمان قارقوز منه إلى برلمان حقيقي -"مع احترامنا لنواب شرفاء يمثلون الندرة وسط الغث"- يمثل إرادة الشعب ويدافع عن مصالحه ويحميه من تغول السلطة التنفيذية .
لقد كانت الخطوة الأخيرة التي حاول البرلمان القيام بها غير منتظرة، لأن الجميع يعلم انه غير قادر على معاقبة الحكومة فرادى أو بشكل جماعي، إلا أن تصويته على توبيخ الحكومة شكل مفاجئة رغم انعدام أي اثر قانوني له ، فهو لا يعني سحب الثقة ولا يمكن يتكرر بتوبيخ آخر يقتضي لغة على الأقل سحب الثقة، لان عهدته بعد هذه الدورة هي في حكم المنتهية، رغم تكرم فخامة الرئيس مشكورا بتمديد عهدة النواب بأشهر إضافية إلى غاية نهاية السنة، وهو ما يعني أنهم سيصادقون على برنامج الحكومة المقبل لكنهم لن يحاسبونها عليه، وبالتالي فالتوبيخ السالف الذكر لا يمتلك أي اثر قانوني لأنه لن يتكرر، وهو أشبه بوقوف مواطنة حانقة على هذا الواقع في إحدى الندوات أو المهرجانات، وصب جام غضبها على ما يجرى من فساد " تسمعهم اسماخ وذنيهم" لينتهي الامر مع جلوسها.
رغم هذا كله، فقد شكل تصويت النواب على التوبيخ مفاجئة، لكنها لم تدم طويلا، لان النواب أنفسهم قد أعادوا التصويت مرة أخرى بحضور الحكومة ورفضوا ما صادقوا سلفا، وهو ما يعني أن الملتمس الغريب الذي جاء به المؤتمر الماضي، قد صار تقليدا وعصا جديدا باسم القانون يضرب أعناق المصوتين ضد رغبة الحاكم، ليعيدوا التصويت ضد رغبتهم، فهنيئا لحكامنا بنوابنا ومؤتمرينا وتقليدنا أيضا.
هذا التغول في استعمال السلطة، والانتشاء بتدجين المؤسسات واختطاف المحطات، من طرف النظام قد تكون له نتائج ظرفية معينة، إلا أن عواقبه لا محالة وخيمة ، لان التمادي في تقزيم المؤسسات وتصغير إرادة الناس ولي عنق القانون ليوائم  إرادة الحاكم هو الذي عصف بأنظمة أكثر قوة جبروت لكن يبدو أن الاستعمار ليس وحده التلميذ الغبي.