اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

من طرابلس الى البوليساريو / سعيد زروال

كتب بواسطة : futurosahara on 25‏/08‏/2011 | الخميس, أغسطس 25, 2011



شاءت الصدف وان شاركت مع بداية الثورة الليبية في برنامج نقطة حوار على قناة البي بي سي البريطانية حول الاحداث بليبيا ، وقد عبرت حينها عن وجهة نظري حول ما يجري بذلك البلد واعلنت عن تأييدي لثورة 17 من فبراير، وبعد بث البرنامج تلقيت العديد من الانتقادات من قبيل ان القذافي هو اكبر المساندين للقضية الوطنية  ومن الواجب تاييده ولو من باب رد الجميل .
 
عند ذكر القذافي لابد من ذكر فضائله على الشعب الصحراوي بصفته احد القادة العرب القلائل الذين قدموا يد العون والمساندة للشعب الصحراوي في سنوات نضاله الاولى ضد المحتل المغربي ، لكن بذكر القذافي لابد كذلك من تذكر سياساته المتضاربة والمتذبذبة فبعد دعمه للشعب الصحراوي ادار الظهر لجبهة البوليساريو عام 1984 بمجرد تقاربه مع نظام المحتل المغربي ، وبسرعة البرق حول دعمة السياسي والعسكري من الطرف الصحراوي الى المعسكر المعادي. كما لاننسى الرد المذل الذي اصدرته حكومة العقيد والذي حاولت من خلاله التقرب الى المملكة المغربية بعد احتجاجها على استقبال رئيس الدولة في احد اعياد احتفالات الفاتح من سبتمبر، اضافة الى الوصف المهين الذي اطلقه العقيد على الشعب الصحراوي بعد موافقته على وساطة الولايات المتحدة الامريكية عن طريق وزير خارجيتها السابق جيمس بيكر.

وبسبب المداخلة السالفة الذكر دخلت في جدال مع البعض حول لمن ستكون الغلبة في النهاية في المشهد الليبي والمشكلة ان جل المحاورين كانو شبه متيقنين من ان العقيد سيحم المعركة لصالحه ، الا ان الرياح جرت عكس مايتمناه العقيد وانصاره داخل وخارج الجماهيرية ، لانه وبكل بساطة في الحروب الحديثة اصبحت هناك حسابات دقيقة تحدد وللوهلة الاولى الخاسر والرابح وبالتالي هامش المناورة يضيق اكثر امام الراغبين في التخندق مع هذا الطرف او ذاك ، وهو ماحدث لقيادة البوليساريو التي لم تحسن التخندق كعادتها ولم تأخذ العبرة من تخندقها الخاطيء اثناء الحرب الباردة امام المحتل المغربي ، الذي وكعادته لازال يحسن سياسة التخندق واللعب على اكثر من وتر خاصة في الازمات المعقدة كالازمة الليبية .
فوسائل الاعلام الصحراوية الرسمية تجاهلت كل ما يحدث في ليبيا حتى دخول الثوار الى طرابلس وبعد ان تيقن العالم ان القذافي اصبح في خبر كان ، وحتى بعد تصفح بعض المواقع الاليكترونية المحسوبية على النظام الحاكم نرى انها تتخذ مواقف مناؤية للثورات الشعبية وذلك عن غير قصد او رغبتا في التقرب الى النظام الحاكم والابتعاد عما من شأنه ان يعكر مزاج هذا الاخير.

لاندري لماذا نجد انفسنا دوما مجبرين على اللحاق بالركب بعدما ضيعنا فرصة ركوب الموجة من اولها ، لان موقفنا من الثورة الليبية يزداد تعقيدا يوما بعد يوم خاصة في ظل حملات التضليل المغربية ونشوة النصر لدى حلفاء باريس في شمال افريقيا وعلى رأسهم الرباط التي سارعت الى الاعتراف بالنظام الجديد بطرابلس.
اما القيادة الصحراوية فلم تحسم موقفها بعد وبالتأكيد فانها ستبعث برسالة تهنئة في القريب العاجل الى المجلس الانتقالي تهنئه فيها على نجاح ثورة 17 من فبراير، هذا ان كانت هناك قنوات اتصال بين الجانبين  ، متناسيتا العقبات وحملة التشويه الكبيرة التي قامت بها نفس القيادة من اجل تشويه النسخة الصحراوية من ربيع الثورات العربية ممثلا في شباب الثورة الصحراوية عن طريق حملات الدعاية المغرضة والمضللة للرأي العام الصحراوي مستفيدتا في ذلك من عزلة المخيمات عن العالم الخارجي .
كما ان السيد رئيس الدولة والامين العام للجبهة سينسى كذلك تصريحه لجريدة الخبر الجزائرية في شهر جويلية الماضي بوصفه للثورات العربية بالظاهرة الفوضوية متناسيا ان احداث مخيم اكديم ازيك هي التي شجعت كل المنطقة العربية على الانتفاضة في وجه انظمتها الديكتاتورية.
لقد كتب على الشعب الصحراوي ان يدفع وفي كل مرة ثمن التخندق الخاطئ لنظامه الحاكم الفاقد لاي استراتيجية واضحة في التعامل مع الازمات الدولية ، فالتزام البوليساريو الرسمية بسياسة الحياد المبهم المائل الى تأييد العقيد المخلوع ستكون لها انعكاساتها السلبية على القضية الوطنية الصحراوية ، وكل هذا بسبب الاعتماد على مستشاري الوهم والذين يعتمد عليهم السيد الرئيس في كافة قراراته الخارجية رغم ان افكار الكثير منهم تعود الى زمن الحرب الباردة.
لطالما كرر النظام الصحراوي خاصة في ندوة الشباب التي عقدت شهر جوان الماضي بالداخلة ان الوضع الصحراوي يختلف عن مصر وتونس ولكن ماذا سيقول عن ليبيا؟، التي كان لها نظام نسخة طبق الاصل من نظام المؤتمرات الشعبية الذي وضع اسسه قائد الثورة الليبية العقيد المخلوع معمر القذافي واستوردته القيادة الصحراوية بنسخته الاصلية بعدما رأت فيه ضالتها التي ستمكنها من احتكار المشهد السياسي الصحراوي لاكثر من ثلاثة عقود .

لذا اصبح من الضروري على النظام الحاكم في جبهة البوليساريو طرح الاسئلة التالية في مؤتمره القادم : هل نظام المؤتمرات الشعبية لازال متلائم مع التطورات التي تعرفها المنطقة ؟، وماهو جدوى الاستمرار في الاحتكام لنظام حكم فقد شرعيته في بلد نشأته اي جماهيرية القذافي العربية العظمى؟ .
سينظر العالم الى البوليساريو وفي حال عدم قيامها باي عملية تعديل لنظامها السياسي بانها نسخة لم تعد قابلة للاستخدام من نظام المؤتمرات الشعبية البائد، وسيلعب المحتل المغربي دوره في تأليب الراي العام الدولي ضد النظام السياسي الحاكم في جبهة البوليساريو .
لذا وحرصا منا على صمود كفاح الشعب الصحراوي في وجه العواصف الخارجية ندعو مهندسي السياسة الداخلية الصحراوية الى اعادة النظر في الكثير من القوانين المعمول بها في الساحة السياسية وعلى رأسها احتكار القرار السياسي من قبل قدماء مناضلي جبهة البوليساريو ، واشراك الرأي الاخر وفتح المجال لحرية الرأي والتعبير ، ومحاولة التوفيق بين الوضع الاستثنائي لحركة تحرير وطنية والتطورات التي تعرفها المنطعة العربية ، والتي يبدو انها لاتستثني بالضرورة الحركات التحررية ، والا فان الدور القادم سيكون وبكل أسف على النظام الحاكم بجبهة البوليساريو وهو ماقد تترتب عنه اثار وخيمة على كفاح وصمود الشعب الصحراوي . خاصة وان باريس العدو اللدود للبوليساريو خارجيا اصبح لها اكثر من موضع في المنطقة المغاربية ، وبالتالي فالسياسة الفرنسية المعروفة بعدائها لقضية شعبنا العادلة ستكون حاضرة وبقوة في رسم الخارطة المستقبلية لمنطقة شمال افريقيا . هذا ناهيك عن انضمام النظام الليبي الجديد الى الاصوات المعارضة لعضوية الجمهورية الصحراوية بالاتحاد الافريقي الذي كان نظام القذافي عضوا مؤثرا في قراراته .

وبعد سقوط نظام القذافي وتسلم النظام الصحراوي لوسام اقدم نظام في القارة الافريقية والعالم العربي ، سيحاول المحتل المغربي ان يزيد من ضغوطه على نظام الجبهة بادخاله لمصطلحات جديدة في جولات المفاوضات العبثية ، من قبيل إنهاء حكم الحزب الواحد واحتكار الساحة السياسة واشراك المعارضة في المشهد السياسي لذا من مصلحتنا البدء في حوار وطني شامل يمهد لارساء اصلاحات سياسية ودستورية قبل ان تفرض علينا تلك الاصلاحات بيد خارجية حينها قد لاينفع واندماه .
يجب اخذ العبر مما حدث بليبا واولها عدم الرهان على الجواد الخاسر خاصة الجواد الذي لايؤتمن جانبه مثل السياسة المتناقضة للعقيد القذافي ، والاسراع في قراءة المستجدات على الساحة الدولية والتخندق حيث تكمن المصلحة الوطنية وعدم التخندق حيث يتخندق الحلفاء لان امكانات الحلفاء قد تقيهم شر اي مفاجأة غير محمودة العواقب .

كما انه يجب على نظامنا الحاكم الاسراع في الاصلاحات السياسية لان منطق عصر الثورات العربية اصبح يقول بعد سقوط طرابلس : من لم يسقط بالتظاهرات السلمية سيسقط بالمقاومة المسلحة ... تعددت الاسباب والسقوط واحد .

0 التعليقات: