اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

الكفاح الصحراوي مرآة الربيع العربي / اسلامه الناجم

كتب بواسطة : futurosahara on 28‏/08‏/2011 | الأحد, أغسطس 28, 2011

هل يحق لنا التفاؤل بالربيع العربي ؟ والاحتفاء به ؟ هل أفرطنا في التفاؤل به ؟ هل غير الزلزال العربي معالم المنطقة وغير استراتيجيات وتحالفات ؟ هل أعاد للشعوب العربية فعلا سيادتها وقرارها وخيارها ؟ هل النخب الجديدة تحمل سمات تختلف فكريا وعقديا عن الأنظمة المخلوعة ؟ هذه عينة من الأسئلة الملحة التي ينبغي الإجابة عليها قبل الاستغراق في التفاؤل والنوم في العسل !.
اعترف أنني كنت – وما زلت – من اشد الناس حماسة للعصر العربي الجديد , ليقيني أن العرب قاطبة جعلتهم نظمهم المخلوعة والمهزوزة على السواء , خارج التاريخ, وحولتهم كما مهملا لا اثر له ولا تأثير , ولظني ايضا, بان هذا الربيع سيزهر ديمقراطية ومواطنة ودولة المؤسسات, وسيمتد أريجه الى كل المناحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية, ما سيترجم في الآجال القادمة نهضة ومكانة مستحقة بين الأمم .
لكن ما هو حاصل الى الآن رسميا على الأقل , شيئا آخر ليس الذي يموج به الشارع وتصدح به الحناجر وتتمناه القلوب .
ففي تونس نرى حكومة ,إن لم تكن امتداد لابن علي ,فهي امتداد لبورقيبة ,حكومة لم تستوعب بعد معنى انتفاضة الشعب التونسي ,وهروب الرئيس بن اعلي ,و الإصرار الشعبي على إسقاط نظامه ,أو إنها لا تريد , وهي تحاول قدر الإمكان , ربح الوقت و تهدئة الشارع , حتى تعيد الأمر الى سابق عهده, وكأن شيئا لم يكن لا انتفاضة, ولا شهداء, ولا تضحيات ,ولا هم يحزنون , فما نراه محاكمات هزلية للرئيس السابق وعائلته, وأركان حكمه بتهمة حيازة المخدرات ,وقضايا أخرى تافهة ,لا ترقى بأي حال الى تهمة الرئيس بن اعلي الحقيقية,و المتمثلة في اختطاف بلد ,وسرقة مستقبله ,ومصادرة ماضيه ,كما أن فرنسا ,والتي تقاعست بشكل فج و فاضح عن دعم الثورة التونسية ,في سعيها لإسقاط الديكتاتور, لا زالت تتمتع بدورها التقليدي في الدولة ,ترسم سياستها الخارجية ,وتحدد أولويات الداخلية, وتوجه الاقتصاد.
وبالنسبة لنا نحن الصحراويين, الذين عانينا من انحياز بورقيبة للاحتلال المغربي, ومن "الحياد البارد" المزعوم لبن اعلي, وهو ما فضحته تسريبات الوكيليكس لاحقا , وكشفت وجهه الحقيقي المنحاز للمغرب , بالنسبة لنا لم نر من النظام – الثوري – الجديد, أي إشارة ايجابية, ونحن الذين بنينا تفاؤلنا على الحراك العربي ,وان الأمر إن صار بيد الشعب, سيكون اكثر فهما لعدالة كفاحنا ,وشرعية مطالبنا و أولها الحق في تقرير المصير .
أما في مصر فالقضية اكثر تعقيدا, لموقع مصر الجيوبوليتيكي ووزنها الحضاري, فبالرغم من أن الشارع المصري , ما زال لم يهدأ الى الآن, منذ نجاحه في خلع مبارك ,ونظامه في ال11 فبراير الماضي , بسبب رفضه لما يعتبره استمرار لسياسات النظام المخلوع ,كما أن نفوذ البيت الأبيض ,لا يزال طاغ على سياسة القاهرة ,وموجه لها في الكثير من القضايا , والى الآن لم تنتبه القاهرة ,الى ضرورة الانسجام والاستقرار, في منطقة المغرب العربي ,وانعكاسه الايجابي عليها ,والذي لن يتم دون حل عادل ونهائي للنزاع الصحراوي المغربي.
أما ليبيا ,والتي كانت ثورتها اكثر عنفا ,من الثورتين الجارتين , بل شهدت تدخلا عسكريا أجنبيا مباشرا ,الى جانب احد الطرفين , في محاولة متأخرة من الغرب ,لركوب قطار التغيير العربي , وقد انعكس هذا العنف الدامي, على الفعل الدبلوماسي, حيث راح المجلس الانتقالي, من خلال شخصيات ,كنا نحسبها رزينة و مسؤولة , تقدس الحرية وتحترم خيارات الشعوب وتدعمها ,من أمثال محمود شمام وغيره, راحت هذه الشخصيات ,تكيل الاتهامات جزافا ,من غير علم ولا دليل, بوجود كتائب للبوليساريو, تقاتل الى جانب العقيد القذافي, وهنا سنفتش عن المستفيد ,الذي هو المغرب دون شك ,وان الذي وراء هذه الدعاية الكاذبة ,هي فرنسا دون تردد, خدمة لعرشها في الرباط , ولا نعرف سببا واحدا ,يدعوهم لهذا الاتهام ,فلئن كان القذافي قد عدم يوما ما الكفاح الصحراوي ,من اجل الحرية ضد اسبانيا , ثم المغرب فيما بعد, فربما يكون فعله هذا هو الحسنة الوحيدة, في تاريخه الطويل الممتد لأربعة عقود ,ثم أن دعم القذافي للصحراويين, لم يدم طويلا خلافا لما يعتقد البعض, بل نكص على عقبيه – كعادته - و أعطى للمغرب, أثناء اتفاقية وجدة 1984 بينه والحسن الثاني , أضعافا مضاعفة, لما قدمه للصحراويين , ودعم القذافي الفلسطينيين, اللبنانيين, الايرلنديين الشماليين وجنوب السودان وتعاون مع فرنسا ساركوزي بالذات ومع بريطانيا والولايات المتحدة و غيرهم, فلماذا هذه الحملة الظالمة ,على الصحراويين دون غيرهم ؟ ثم إن تاريخ المغرب ,في ممارسة دور المرتزق, طويل وعريق, فقد قمعت وحدات من جيشه, ثورة إقليم شابا في الزائير, نهاية سبعينيات القرن الماضي, من اجل تامين مناجم النحاس لأسياده في أوروبا و أمريكا, إضافة الى محطات أخرى قذرة ليس هذا مقامها , والغريب أن المجلس الانتقالي , يغض الطرف الى الآن, عن الصفقة المخزية بين نظام القذافي والنظام المغربي, والتي بموجبها سلم الأخير, المعارض الليبي عمر لمحيشي للقذافي, مقابل ملايين الدولارات (200مليون حسب رواية لعبد الرحمن شلقم في لقاء له مع صحيفة الحياة اللندنية )وتمت تصفيته بطريقة وحشية , فلماذا اتهام البوليساريو إذن ؟ كان على المجلس الانتقالي الليبي ,أن يتثبت من الأمر قبل الاتهام, بتقديم البراهين والدلائل ,وليس بإلقاء الكلام على عواهنه, خدمة لأغراض وأهداف ليست ليبية حتى ! .فهل المقصود باتهام البوليساريو إدانة للجزائر ؟وهي التي تحتضن البوليساريو فوق أراضيها ,وتدعم كفاحها المشروع ,دون قيد ولا شرط , أليس غريبا أن الجزائر نفسها متهمة, من قبل هذا المجلس الانتقالي المعمد فرنسيا ؟ ما غاية المجلس من تشويه البوليساريو وتجريمه ؟أهي صفقة أخرى مخزية مع المغرب وفرنسا؟ لتأهيله دوليا وتشريع قيادته وتمثيله لليبيا !.
سيهدأ الغبار وتنجلي المعركة, وسيتأكد العالم من زيف الادعاء , ساعتها يتوجب ,على حكوماتنا ,أن تطلب من الدولة الليبية, الاعتذار الرسمي للشعب الصحراوي ولنضاله ولنقاء صفحته وسريرته.
اعلم أن الوقت مازال مبكرا,للحكم على الربيع العربي , و أخشى ما أخشاه, أن يكون حلمنا قد اختطف منا مرة أخرى, كما حدث أواسط القرن المنصرم, عندما انقض الضباط على الحكم,في عدد من العواصم العربية , في محاولة لما أسموه تصحيح المسار العربي, وتحرير القدس , فشردوا بالأوطان, في متاهات الفساد والتوريث,فضاعت الأوطان, وضاعت القدس وكامل فلسطين .
وسأقول دون مبالغة, ولا تردد, أن الاعتراف بشرعية الكفاح الصحراوي,و دعمه هو المؤشر الحقيقي,على صدق الحراك العربي و هل هو ربيع أم صقيع ؟ فالملحمة الصحراوية, كانت ومازالت , من اجل الحرية وحقوق الإنسان وتقرير المصير ؟


0 التعليقات: