28‏/08‏/2011

محنة الوطن وامتحان الرجال / محمد لبات مصطفى

ان الظروف العصيبة التي نجتازها اليوم [ الاحتلال الأجنبي] هي امتحان حقيقي وتاريخي لكل صحراوي، فأمام محنة الوطن المحتل، تمتحن ارادة الرجال، ومعادنهم وضمائرهم، ان كانت نقية صادقة، أو مرتشية حائدة عن الحق.. ؟ ان هذا الذي يحدث "بيع التزيرة" وفي ظروف كهذه، مريع وفاضح..؟ حيث يصاب المرء بالقرف والازدراء وهو يتابع {مسرحيات بهلوانية} من خلالها يتخلى مواطنون من أبناء جلدتنا عن أهم ما يتوجب على كل منهم إزاء شعبه ودولته وأهله وتاريخه.. ونشاهد من لم يتورّع في ظروف كهذه عن التكشير عن أنيابه الحادّة، ويُفرز لَعابَ غضبه السّام على أهلِه، ويسلخ جلدَ وطنيّتِه، لينهش لحم إخوانه، ابتداءً من النفخ في بوق العصبية والفرقة، واثارة النعرات لشق وحدة الصف..وانتهاءا بالتسويق لأطروحة العدو، وبيع الوطن بأرخص الأثمان. عبر قوّة المال العابر للحدود.. مؤكّدا بذلك انّه عبد للعروش و"الكروش". طبيعي جدا وفي ظروف كهذه، أن تستدعي سلطات الاحتلال المغربي كل احتياطاتها من كل نوع: البوليس والمستوطنين.. السلاح والكلام، الأغاني..والتهريج.. الترهيب والترغيب..الدعاية والأكاذيب..القبلية.. والبهلوانيات لإساغة ما لا يسوغ!..
والهدف دائما وأبدا زعزعة القناعات في مشروع العمل الوطني الجامع للأفئدة والإرادات، وضرب ثّوابت المناعة الوطنية، والمساس بالإرث النّضالي، والتشكيك في عدالة القضيّة، ومشروعيّة الكفاح المسلح ضدّ الاحتلال العسكري، والغاء الحق في المقاومة الوطنيّة لاطلاق سراح أسرانا، والكشف عن مصير مفقودينا، والافراج عن معتقلينا في زنازن المخزن.     لهؤلاء [مشاريع الفتنة] الذين نفختهم إلى درجة الانفجار آلة دعائية تخصصت في الكذب والتدليس،  نذكر ان التاريخ يسجل..ولن يضيع حقا أو حقيقة لأحد.. وان الأوطان في الأوقات العصيبة هي بالتأكيد في أعظم الحاجة إلى جهد كل أبناءها "ماهو صديق الما جابو أرغاها.."    ان أسوأ ما يمكن أن يحدث لشعب، هو أن يخضع لمشيئة محتليه من عساكر الاجتياح القساة الفظاظ الغلاط ، الذين رملوا نساءنا، ويتموا أطفالنا [ينعل الي ينسى] وأحرقوا زرعنا بالنابالم والفوسفور، ووأدوا نسلنا.. لم يرحموا صغيرنا ولم يحترموا شيخنا..ولازالوا يزرعون الرعب في قلوب أطفالنا.. ان الأوطان لا تملك ترف الاستغناء عن أي كان من أبناءها "ما شايط حد" الملتزمين بالقيم والمنطلقات، والذين يعيش كل فرد منهم بوجه واحد لا يتغيّر ولا يتبدّل بتغيّر الظروف وتبدل  الأحوال.. كما ان الجميع يدرك انّ الشّعب الصحراوي يعتبر قضيّة الحرية وتقرير المصير وشرعية تمثيل حاضنة الكفاح ــ البوليساريوــ من القضايا السياسية والإجماعيّة التي لا خلاف عليها ــ ميزان المواطنة ــ ولم يسجّل طوال تاريخه أن خرج عن الجماعة من يدافع عن المرتدين، أو يطالب بعدم معاقبة من يفتحون أبواب الوطن أمام  الأعداء لاستباحته.                 
إن واقعا كهذا الذي نعيشه اليوم هو بالتأكيد واقع لم ينشده لنا أجدادنا وآباؤنا، وهو بلا شك واقع لا يرقى لتطلعات وأحلام الثلة العريضة من أبناء شعبنا.. وشهداء قضيتنا الذين كتبوا شهادة حياة خالدة لهم في تاريخنا المعاصر.
ان ما يجري الآن هو لحظة كاشفة لمجمل أوضاع تتعلق بنا نحن كصحراويين [بعضها صنعناه بايدينا] ولتجاوز المأزق يجب ان نتحصن بالعدل والحزم لنحقق الحرية ، ونحقن اداراتنا بحقن الشفافية والمساواة..ونرتب أوضاع البيت الداخلي أيا كان الجهد المطلوب أو الثمن الذي يتعين علينا دفعه. لأن الطاقة البشرية هي الذخيرة الحقيقية للشعب، ومخزونه الذي لا ينضب..و الذي  َيَمْكُثُ فِي الأرْضِ ويَنْفَعُ النَّاسَ..ان حلم النصر أغلى وأعلى...وطلب الحرية أقوى...ولن يفل الحديد إلا الحديد والرجال، ثم ان شمس الحقّ لا يمكن أن يغيّبها غربال أبو رغال وأتباعه.. في سبعينيّات القرن الماضي أطلق أحد قادة العمل الفدائي الفلسطيني صرخةً مدوّية قائلا: " أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر".                                                     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق