07‏/09‏/2011

اسلاميون جزائريون ارادوا التقرب من المغرب على حساب القضية الصحراوية


كشف مصدق ميميون الدبلوماسي المغربي والعميل الاستخباراتي الأسبق في أول ظهور إعلامي له لجريدة الشروق اليومي الجزائرية ان بعض القادة في الجبهة الاسلامية للانقاذ المحظورة في الجزائر ارادو التقرب من المغرب ومبايعة الملك والاعتراف بما يسمى بمغربية الصحراء الغربية المحتلة .

وفيمالي نص الحوار الذي اجراه الصحفي الجزائري انور مالك مع مصدق ميمون الديبلوماسي والعميل الاستخباراتي المغربي السابق .

في مراسلة وجهتها لجهاز المخابرات تحدثت فيها عن القيادي السابق في الجبهة الإسلامية للإنقاذ رابح كبير وموسى كراوش؟
  • - لما وصلتني معلومات جد حساسة من طرف أستاذ مغربي متخصص في الشريعة الإسلامية، كانت له علاقة مع جزائريين من بينهم موسى كراوش الذي كان متزوجا من مغربية من ناحية وجدة. وقد كنت أتابع في إطار مهمتي كلا من موسى كراوش ورفيقه جعفر الهواري حيث أسسا جمعية للأخوة الجزائرية الفرنسية (FAF) بسورين بضواحي باريس. في نفس الوقت فإن جعفر الهواري أصبح من مؤسسي جمعية تسمى  "أهل البيت" في لاكورنوف، وتحت إشراف مواطن فرنسي أسلم وسمى نفسه إبراهيم حسين. وقد كان جعفر الهواري همزة وصل بين رابح كبير وإيران، حيث ربط له علاقة وطيدة مع رجل الدين الشيعي محمد بكر الأنصاري الذي كان إماما لأكبر مسجد شيعي في همبورغ بألمانيا، وكان حينها الممثل الشخصي لمرشد الثورة خامنئي.
  • وتلخيصا للأمر، لما جاءتني أخبار عن رابح كبير الذي كان مسؤول "الفيس" في الخارج بأنه يرغب في الدخول إلى المغرب وكان ذلك في مارس 1993، وأكدوا لي بما لا يدع مجالا للشك أن رابح كبير وجماعته يريدون بيعة الملك الحسن الثاني كأمير للمؤمنين ويعترفون بمغربية الصحراء. غير أنه لما كشفت بعدها بأيام علاقاتهم الوثيقة والممتازة مع إيران التي تموّنهم بأموال كبيرة وأيضا يتلقون تموينا آخر من المركز الإسلامي التركي الموجود بكولوني بألمانيا، قمت بتبليغ ذلك للسلطات الأمنية في المغرب، وأعتقد أن ذلك كان سببا في رفض لجوء هؤلاء للمغرب الذي له حساسية مفرطة من كل شيء يرتبط بإيران.
  • وزراء وضباط سامون وسفراء مغاربة تورطوا في تبييض الملايير بفرنسا ودول أخرى
  •  كشفت في أحد تقاريرك التي قدمتها للمخابرات المغربية ملفا عن قضية تبييض الأموال وتهريبها للخارج والتي تورط فيها كبار المسؤولين، فما هي حكاية ذلك؟
  • - في مطلع 1993، قررت القيام ببحث مدقق في الجرائم المالية التي تورطت فيها شخصيات مغربية نافذة، وقد شجعني على ذلك لما ردد البعض أخبارا عن أن مهاجرين جزائريين يودّون جمع أموال لتسديد ديون بلادهم، وقد صادف في تلك الفترة أن الملك الحسن الثاني ألقى خطابا حازما وجّه فيه إنذارات غير مباشرة لأشخاص لم يذكرهم تورطوا في تهريب المال العام، ووعد بشدة أنه سيحارب الفساد. اتصلت بعلاّبوش طالبا منه تغطية من أجل القيام بهذه المهمة الوطنية، ولا سيما أنه كان تحت يدي أحد الضباط الفرنسيين ويحب المغرب، بل لديه رغبة في مساعدتي بهذه المهمة. لما تحصلت على الضوء الأخضر من قبل السلطات العليا التي شجعتني على هذه المبادرة، وفعلا قمت بذلك وبمساعدة مختصين فرنسيين، حتى تمكنت من وضع لائحة فيها اسماء وزراء وضباط سامون وسفراء، الذين اكتسبوا الملايير وهربوها للخارج وخاصة بفرنسا، وبمساعدة عبد اللطيف العراقي الذي كان الرئيس المدير العام لمدة 30 عاما للبنك الشعبي بباريس. أرسلت برقية تحمل رقم 593 / 93 إلى الإدارة المعنية، وكشفت فيها ما توصلت إليه من معلومات خطيرة، ومطالبا فيها السلطة بتعليمات جديدة.
  •  وماذا جرى بعد إرسال البرقية؟
  • - بعد ذلك كنت في الوقت نفسه أتابع قضية أخرى تتعلق بمخطط تهريب الأسلحة للمغرب من قبل شبكة مغربية، غير أنني لما اتصلت بمدير حماية التراب (DST) لأسأله عن هذه القضية الجد حساسة والمتعلقة بأمن البلاد، تعجّبت أنه لم يحدثني عن قضية لائحة الشخصيات المتورطة في تهريب الأموال، ولما سألته عنها أجابني قائلا: "أنظر ميمون لقد بلّغتُ سي إدريس البصري وهو مهتم بذلك الملف، ولكن يقول لك أن لا تتكلّم مع أي أحد على اللائحة حتى أعطيك أوامر جديدة". ومنذ ذلك الحين لم يتم فتح الملف أبدا، وحتى عندما أحاول التحدث فيه يتهربون من ذلك ويتحججون بتأجيله وبطريقة أوحت لي مدى تخوفهم من فتح الملف.
  • وبقي الأمر على حاله إلى غاية 1995 حيث سلّم إدريس البصري الملف للملك الحسن الثاني، الذي أمر بالمحاكمة ومتابعة هؤلاء الأشخاص مهما كان نفوذهم.
  •  هل تمّت محاكمة كل من ذكرتهم في ملف تحقيقاتك؟
  • - جرت محاكمة الأكثرية منهم، ولكن أهمهم تم إخراجهم كالشعرة من العجين عبر سيناريوهات محبوكة، وتحصلوا على حكم البراءة ومن دون إرجاع أموال الدولة والشعب التي ثبت بالدليل تهريبهم لها، والغريب في الأمر هو أن ما يسمى بقاضي القضاة الذي زركش أحكام هؤلاء الشخصيات لتبرئتهم هو نفسه الذي سيعطي 1998 أوامره هاتفيا لرئيس الغرفة الإدارية لتكسير الاجتهاد القضائي الذي صدر لصالحي.
  • هكذا انتقموا مني وحياتي وأسرتي الآن في خطر
  •  هل تعرضت أنت لإجراءات وانتقامات بسبب هذا الملف؟
  • - نعم.. بسبب هذا الملف، وأيضا بسبب نجاحي في عملية إرجاع ضابط مخابرات مغربي فرّ إلى بلجيكا طالبا اللجوء السياسي، ويدعى أبو النجم محمد، حيث قمت بتحسيسه وإعادته لأرض الوطن، وكانت مهمتي موفقة بامتياز، في حين فشلت المصالح المعنية بالقضية في بلجيكا وفرنسا، واعتبروا نجاحي في المهمة إهانة كبيرة لهم، وخاصة أن العملية جاءت بأمر من الملك الحسن الثاني وكان مهتما بها شخصيا.
  • وأذكر أنه بعد المهمة ببضعة أشهر، أصبح الجنرال العنيكري هو الرجل الثالث في المخابرات الخارجية بفضل الجنرال القادري الذي أراد أن يريح صديقه الحميم الجنرال حسني بنسليمان، هذا الأخير كان يود التخلص من العنيكري من الدرك الملكي لأسباب عديدة ليس المجال للتحدث فيها. وهنا يمكننا أن ندرك أبعاد رفض الجنرال العنيكري لاقتراحاتي لما أصبح مديرا عاما لحماية التراب الوطني (DST) ومكلفا بخلية هشام المنداري، حيث ظل يعتبر نجاحي في قضية ابو النجم إهانة له، ولا سيما لما اطلعت على قضايا تكشف ارتباط الجنرال العنيكري مع المنداري.
  • فعلا كل هذه المعطيات دفعت السلطات الإدارية وبإيعاز من مصالح الجنرال القادري مع الخارجية، إلى شطبي من السلك الدبلوماسي بسبب ترك الوظيفة، وهذا كذب وتلفيق لا أساس له، ويكفي أنه صدر اجتهاد قضائي في مجلة الإدارة المحلية رقم 24  للفترة الممتدة من شهر جويلية إلى سبتمبر 1998، ولما بلّغت وزير الشؤون الخارجية الطيب الفاسي من أجل تنفيذ الحكم والقاضي بإعادة إدماجي وتمكيني من كل الحقوق، وعدوني بتسوية الوضعية الإدارية في أقرب الآجال، غير أنهم قاموا بتقديم استئناف سرّي دون إبلاغي ولا محامي الدفاع. وقد اكتشفت من خلال مصادري الخاصة أن رئيس المجلس الأعلى للقضاء آنذاك أعطى أوامره هاتفيا لرئيس الغرفة الإدارية لرفض الحكم الابتدائي غيابيا ومن دون إشعار للدفاع.
  •  إلى أين وصلت أمورك مع الجهات الإدارية؟
  • - نجحت العصابة التي فضحتها في التآمر عليّ حيث جردوني من كل حقوقي من دون وجه حق ولا قانوني في دولة يزعمون أنها ترفع شعار الحق والقانون. فضّلت الصمت حينها لأنني أخشى على حياتي، إلى أن تمكنت من مغادرة المغرب بطريقة خفية في 27 / 7 / 2000.
  •  ماذا فعلت عندما وصلت إلى فرنسا؟
  • - حاولت أن أتصل بالوزارة والسفارة، غير أنهم ظلّوا يواصلون إطلاق وعودهم بحل المشكلة وتمكيني من حقوقي، غير أن ذلك كان مجرّد وعود فارغة من أجل ربح الوقت فقط. في 2002 اضطررت لمراسلة الملك محمد السادس وسلّمت ملفا يزن 1.8 كغ لضابط أمن حراسته الخاصة في مقر سكناه بنويي سيرسان (ضواحي باريس) والملف لم يصل إلى الملك أبدا بل حوّل إلى جهات أخرى متورّطة في الفساد وتبييض الأموال والذين كشفتهم.
  • ماذا حدث بعد ذلك؟
  • - علمت بوسائلي الخاصة ما أشرت إليه سابقا من أن الملف لم يصل إلى الملك أبدا، والعصابة الفاسدة التي تحصلت عليه واطلعت على خباياه، قد فهمت أنني صرت أشكل خطرا عليها، ولذلك شرعت في مخطط ماكر وجهنمي من أجل إدخالي للمغرب عن طريق إدخال زوجتي السيدة أدبيب زبيدة التي هي بدورها تعرضت لتعسف حيث كانت موظفة في السلك الدبلوماسي كأمين للسر ممتاز وشغلت منصب الكاتبة الخاصّة باللغة العربية للوزير الأول عباس الفاسي لما كان سفيرا بباريس، حيث أرادوا إدخالها إلى المغرب بإنهاء مهامها في فرنسا وتم توقيف راتبها، وهذا يعني عودتي أنا أيضا معها، وطبعا هذا المخطط من أجل التخلص مني ومحوي من الوجود كما فعلوا مع بنبركة والمنداري وغيرهما كثيرون.
  • هل ترى حياتك وأسرتك مهددة بخطر ما؟
  • - بالطبع هذا أكيد، وسيزداد أكثر بعد حديثي الإعلامي معكم، وفي حال تعرضنا أنا أو زوجتي أو بناتي الثلاث لأي مكروه، فأحمل المسؤولية للجهات التي فضحتها من قبل والآن، وهي المستفيدة في الأول والأخير من سكوتي أو إخراجي من الدنيا.
  • نتمنى سلامتكم أولا، ونود أن نعرف ما تنوي القيام به مستقبلا؟
  • - لن اصمت عن حقي هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد مكنت كل ما أعرفه صحفيا كبيرا لا يمكن أن أذكره حتى لا يساء له من طرف أخطبوط إجرامي، وأعطيته ما بحوزتي من مستندات ووثائق لأجل نشر كتاب يفضح هذه الأطراف النافذة والفاسدة في المغرب. كما لديّ محام معروف على الصعيد الدولي مكّنته بدوره من كل التفاصيل. والكتاب سيرى النور قريبا. كما أتأسف كثيرا على ما اقدمت عليه كرجل دولة من المفروض أن يتكتّم على ما عرف من أسرار، فأنا مجبر ولم أجد من وسيلة لتبليغ ما جرى ويجري للملك محمد السادس، لأنهم أغلقوا في وجهي كل الأبواب وأرادوا تدميري نهائيا حتى لا يكون لي أي دور في بناء بلادي وتطهيرها من الفساد والمفسدين.
  • ماذا كشفت في كتابك الذي ستصدره قريبا وأطلعتنا على نسخة منه قبل صدوره؟
  • - الكثير الكثير جدا من الأسرار والخفايا التي تنشر لأول مرة حقيقتها، مثل قضية المعارض المغربي الراحل ابراهام السرفاتي، وقضية مؤامرة في باريس على الملك محمد السادس خلال زيارته الأولى الرسمية كولي للعهد في 07 / 02 /1993 من طرف مسؤولين مغاربة، وخبايا قضية العميد محمد مصطفى ثابت وما تحتويه من حقائق مرة، وقضية الإخوة الثلاثة بوريقات بايزيد ومدحت وعلي، الذين قضوا 18 عاما في تازمامرت ومقابل سكوتهم عن تصوير فيلم تلقّوا مبلغا هاما بالملايير في سويسرا من طرف المرحوم الملك الحسن الثاني الذي أعلمته أنا بالقضية بواسطة البصري أسبوعا قبل أن يتخذ جلالته هذا القرار، وتفاصيل دقيقة لقضية المنداري، وأشياء أخرى تتعلق بالبوليساريو والجزائر والإرهاب وأسرار مافيا دولية للمخدرات وتورط شخصيات عليا في ذلك. ولا يمكن أن نكشف كل ما أوردناه من معلومات خطيرة، إلا أنني أؤكد على أن الكتاب سيكون قنبلة قوية المفعول تحت أقدام الكثيرين من رجال السلطة في المغرب الذين يسيئون له في الداخل والخارج.