اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

إتحاد صحراوي بفكر مخزني..والتلفزيون على نهج قراصنة الصومال

كتب بواسطة : futurosahara on 07‏/10‏/2011 | الجمعة, أكتوبر 07, 2011

بقلم الأستاذ : التاقي مولاي أبراهيم
لازال الإتحاد الصوري للكتاب والصحفيين الصحراويين يقدم المزيد من الأدلة والبراهين التي تثبت أجندته الخفية الرامية إلى ترجيح كفة الصراع الفكري والثقافي بيننا والعدو لصالح هذا الأخير ، كما أشرت إلى ذلك في مقال سابق حول هذا الكيان الوهمي،وقد أعتقد حينها البعض أن الأمر مجرد أثار خلاف مع القائمين على الإتحاد،لكن مع مرور الأيام زالت المساحيق المصطنعة التي طالما غطت وجهه البشع ،وتأكد بالفعل أنه مجرد موقع صحراوي يسير بذهنية مخزنية بحتة تعمل على إختزال الفكر الصحراوي في أشخاص محدودين وتحويله من أداة للمقاومة والصمود إلى عنوان للاستسلام والخنوع....ولما لا العمل على تهيئة المناخ للتطبيع مع العدو في ظل اللامركزية التي أصبحت تسيطر على جميع مؤسسات الدولة،لامركزية لا مجال فيها للمحاسبة مادام الجميع مذنب من القمة للقاعدة.
قبل أشهر كتب الزميل سعيد زروال رسالة إلى باراك أوباما باعتباره رئيس أقوى دولة في العالم، ينبهه فيها إلى تجاهل أمريكا لمطالب الصحراويين في ملحمة أكديم ايزيك، وفي المقابل وقفت إلى جانب الثورتين التونسية والمصرية بدون تحفظ،وأكد له أن زمن العمل بازدواجية المعايير قد ولى بلا رجعة منذ نهاية الحرب الباردة،والشعب الصحراوي على غرار جميع الشعوب التواقة للحرية قرر أن يضع حدا للإحتلال منذ أن أطلق أول رصاصة في وجه المستعمر الإسباني يوم 20ماي1973،وما ملحمة اكديم ايزيك التاريخية التي أيقظت الشعوب العربية إلا جزء من التاريخ البطولي لهذا الشعب الذي لم تنصفه القوى العظمى في العالم وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في نيل استقلاله وحريته، وقد دعا الزميل سعيد زروال السيد أوباما إلى ضرورة تحمل الولايات المتحدة لمسؤوليتها القانونية والأخلاقية من أجل رفع الغبن عن هذا الشعب الذي صمد لأزيد من 35سنة في ظروف صعبة وقاسية، محملا إياه جميع العواقب التي قد تنجر عن إطالة معاناة الصحراويين في المنفى.
ومن خلال محتوى الرسالة ،يتضح أنها تدخل ضمن الدور المنوط بالمثقف الصحراوي الذي يجب أن يسخر فكره وقلمه في سبيل نصرة قضيته،ولكن الطامة الكبرى هي أن هذه الرسالة والتي جاءت متزامنة مع الربيع العربي تم رفض نشرها وبدون مبرر من قبل القائمين على شؤون اتحاد الكتاب والصحفيين الصحراويين،وفي المقابل تم نشر لقاء أجراه السيد بابا مصطفى السيد مع سعيد زعواطي في مجلة الصحراء اليوم التي تصدر في المغرب،وسعيد زعواطي كما يعلم الجميع هو مقدم نشرات في قناة الرحيبة بالعيون المحتلة ،ولطالما أستهل نشراته الإخبارية بأخبار المحتجزين في مخيمات تندوف كما يحلو له الوصف، ومحاولاته الدؤوبة للنيل من كفاح شعبنا الأبي،وليس غريبا أن تجد مساهماته الحثيثة لجعل الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من المملكة المغربية مكانة لها عبر موقع الإتحاد الصوري مادمنا في عهد(أنا أمير وأنت أمير،فمن سيقود الحمير؟).
وفي غمرة الانتفاضة البطولية لمدينة الداخلة المحتلة، كتب الزميل سعيد زروال مقالا رائعا تحت عنوان (من الداخلة إلى المخزن)،أين تحدث بإسهاب عن الواقع المأساوي الذي تعيشه هذه المدينة الصامدة من خلال الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون المغاربة ضد أبناء وطننا هناك،داعيا إلى ضرورة التفكير في ابتكار أساليب جديدة لحماية المواطنين الصحراويين العزل من غطرسة جنود الاحتلال المغربي المدججين بمختلف أنواع الأسلحة قبل أن يتمكن منا المحتل مدينة مدينة وجهة جهة ويكون مصيرنا مثل مصير الثور الأبيض ورفاقه.
هذا المقال ورغم روعته وظرفيته لم يجد له موضعا في موقع الإتحاد الصوري،في الوقت الذي نحن فيه في أمس الحاجة لكل كلمة كفيلة بتسليط الضوء على الجرائم التي أقترفها المستوطنون في حق أهلينا في الداخلة من أجل تنوير العالم بعدالة قضيتنا من جهة وكشف همجية المستعمر من جهة أخرى،فأضحت مسألة عدم نشر المقالات التي تفضح العدو وتغذي روح المقاومة كفيلة بفتح التساؤل التالي:
ـ هل أصبحت الكتابة عن الوطن جريمة؟
منذ مدة وأنا أتابع جميع الكتابات التي ينشرها موقع الإتحاد الصوري للكتاب والصحفيين الصحراويين،وللأمانة فإني لم أقرأ قط أي خبر من الأخبار الواردة فيه لعدم مصداقيتها كما حدث في ملحمة أكديم ايزيك من جهة ولاعتمادها على المحاباة والعلاقات الشخصية و المصالح في النشر من جهة أخرى،فالقطاعات الاجتماعية ذات الارتباط الوثيق بحياة المواطن الصحراوي لا مكان لها في موقع الإتحاد لأن هذه القطاعات ليس لديها أية مغريات من شأنها إثارة لعاب القائمين على هذا الإتحاد،كما أن الأنشطة التي تقيمها وزارة الإعلام بمختلف وسائطها لا تجد لها موضعا في أخبار الموقع لأن القائمين على الإتحاد في خلاف مع الوزارة،أما الأنشطة التي تقام بولايات ومؤسسات الوطن فحدث ولاحرج فنشرها من سابع المستحيلات مادام لا يجنى من ورائها إلا التعب و(المرثة) بتعبير حساني،وحتى الأخبار التي ترد في وكالة الأنباء الصحراوية لا مكان لها في الموقع وكأن الوكالة أقل منه شأنا أو أن موقع الإتحاد سليل ل س.ن.ن أو رويترز أو بي بي سي.
أما بالنسبة للكتابات التي ترد في الموقع،فالكثير منها مجرد نسخ ببغائي لأحاديث مسؤولين سامين في الدولة،فإذا قال الرئيس أو أحد رجالاته أن الأولوية في الكفاح للانتفاضة،يشرق الموقع صباح اليوم الموالي بإبداعات كتابه حول الانتفاضة،وإذا تحدث الوزير الأول عن المعادلة المرفوضة رياضيا وفيزيائيا ومنطقيا، معادلة تحرير الوطن وبناء لحمادة تحت عنوان ( من اجل التحرير والبناء) أمطرنا كتابه في اليوم الموالي بإسهاماتهم المتميزة في استنساخ أفكار الوزير الأول،وهكذا دواليك.....،وياليت الأمر توقف عند هذا الحد،بل أصبح بإمكان أي مثقف صحراوي أن يذهب إلى باريس ويستـأجر غرفة في أحد الفنادق الفخمة المجاورة لنهر السين ويصف لنا هذه المدينة وسحرها ولماذا سميت عاصمة الجن والأنس وكيف أبدع الفرنسيون في بناء برج إيفل،وكيف تنساب مياه نهر السين وسط كم هائل من الأشجار الخضراء التي تسر الناظرين،من شدة وصفه البارع لهذه المدينة الخلابة ينتابنا شعور غيوري،شعور يكاد ينسينا في قضيتنا ووطننا لولا وجبة البلقمان التي يعدها في غرفة الفندق الذي لم يكن يدرك مصصمه أنه سيكون مسرحا لإعداد هذا النوع من الوجبات يوما ما،ولأن المقال يتناول وجبة صحراوية تقليدية(وقد يدرك النصر بالبلقمان) في سطرين من مقال يتحدث عن باريس وسحرها فهو جدير بالنشر في موقع الإتحاد الصوري الذي لايفرق بين السير الذاتية والكتابات التي تخص القضية والوطن،ولا داعي في هذا المقام لأن أجدد التذكير بالرسائل الغرامية التي نشرها الموقع الذي يعتبره القائمون عليه أخر صيحة في ميدان الإعلام الصحراوي..
وهناك أيضا في موقع الإتحاد مساهمات في الألفية الجديدة بذهنية زمن الصورة البيضاء والسوداء،والهاتف الثابت،واني لأستغرب كل الاستغراب من الكتابات التي لازالت تتحدث اليوم عن الإنسان العربي الكبيت أو مايسمى بالكبت العربي في زمن عالم القرية الواحدة والانتشار المذهل لوسائل الإتصال،وما فكرة الإنسان العربي الكبيت أو مايسمى بالكبت العربي إلا نوع من الاجترار المبتذل لأفكار من زمن غادة السمان وجبران خليل جبران وغيرهم من الكتاب الذين أبدعوا في هذا المجال حين كانت هناك دواعي حقيقية للإبداع فيه،ولا تستغرب أن طالعت كتابات في هذا الاتجاه في عصر العولمة لأنك في موقع الإتحاد الصوري.
وعادة مايطلعنا هذا الموقع بأخر إسهامات الباحث المغربي إبراهيم الحيسن ذو الأصول صحراوية،والذي طالما تميزت كتاباته بطرق مواضيع ذات الارتباط بالثقافة والتراث الصحراويين،وإبراهيم الحيسن هو مقدم برنامج ثقافي بتلفزة الرحيبة بالعيون المحتلة حامية عرين المحتل والمدافعة عن أفكاره التوسعية وجرائمه البشعة في حق أهالينا العزل هناك،وتتميز كتاباته دائما بترديد كلمة (الصحراء)مبتورة من وجهتها(الغربية)، وهو سلوك ثار عليه حتى كتاب مغاربة أب عن جد على غرار هشام بوشتي وغيره،وكلما أقرأ له أشعر وكأنني أمام مدافع مغربي عن الوحدة الترابية المزعومة للملكة المغربية ليس لديه من اسم للصحراء الغربية سواء (الصحراء)،ورغم كل ذلك فكتاباته دائما ما تجد لها مكانا في الموقع الذي يحاول التمهيد لتطبيع ثقافي وفكري في انتظار التطبيع السياسي على حد تعبير أحد الكتاب الصحراويين البارزين.
إن المتتبع لهذا الموقع ،وفي غمرة أحداث الداخلة الدامية التي عاث المستوطنون فيها فسادا وتنكيلا بأهالينا ،سيلاحظ وبدون شك التغطية الهزيلة لها من قبل القائمين عليه ،وكأن الداخلة مدينة من مدن النيبال أو سيريلانكا وكأن من تعرضوا للهجوم البربري ونكل بهم لا يستحقون أن تملأ أخبارهم صفحات الموقع،في تنافي كبير مع التغطية المتميزة والخلاقة لهذه الأحداث من قبل موقعي المستقبل الصحراوي وشبكة الرسالة الإعلامية رغم استقلاليتهما إلا إنهما أثبتا وبكل جلاء أن الجسم الصحراوي واحد لا يتجزأ،متى اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى،في حين بقى موقع الإتحاد كحليمة الوفية لعادتها القديمة، مانحا أولوياته في التغطية لنشاطات المتسولين في الخارج عساه يحصل على فتات متساقط من هنا وهناك.
إن الكتابة عن القضية والوطن واجب ملقى على عاتق كل مثقف صحراوي مادامت أصوات بنادق جيش التحرير الشعبي مكممة،وكل تقاعس في الدفاع عن القضية الوطنية هو بمثابة وصمة عار في جبين صاحبه ، وصمة عار صارت ملازمة للإتحاد الصوري وموقعه الذي أصبح وبدون حياء يحجب النور عن الكتابات التي تدين المستعمر وتمجد الانتفاضة المباركة،وما الزميل سعيد زروال إلا نموذج للعديد من الكتاب والمثقفين الصحراويين الذين تتعرض كتاباتهم للحجب من قبل القائمين على موقع الإتحاد لأنهم يختلفون معهم في الرأي أو لأنهم ينتقدون أولياء نعمتهم مادامت مهمة الإتحاد في الوقت الراهن هي العمل على تدمير روح الإبداع لدى المثقف الصحراوي وحرمانه من حفه الطبيعي في الدفاع عن قضيته،وهي مهمة مستحيلة مادام المثقفون الصحراويون على قناعة تامة بأن الدفاع عن القضية من جهة وكشف جميع الممارسات السلبية التي تحدث في مؤسسات الدولة من جهة أخرى معركة حياة أو موت حتى ولو تطلب الأمر مقارعة العدو عبر مواقعه الإلكترونية.
أما بالنسبة للتلفزيون الوطني الذي طالما دافعت عنه في نقاشاتي هنا وهنا باعتباره تجربة حديثة النشأة في حاجة ماسة لأن يقف الكل ورائها من اجل توفير جميع أسباب النجاح لها،ولأنها على خلاف بقية المؤسسات تضم نخبة مؤهلة فكريا وثقافيا لتحقيق أحلام كل صحراوي في رؤية تلفزيون وطني قادر على مواجهة الآلة الدعائية المغربية وإيصال قضيتنا بالصوت والصورة إلى مختلف أرجاء المعمورة بأسلوب راقي يجلب لنا الاحترام والتقدير،ولما لا تحقيق مكاسب سياسية عجزت عنها دبلوماسية التسول لدينا.
وقد تكون مسألة نقص الإمكانيات حاجزا من الحواجز التي تقف دون تحقيق هذا الحلم ونحن نتفهم قلق القائمين على هذا الصرح من هذه الناحية،لكن ما لا يتقبله المنطق وبالرغم من العدد المعتبر من الكفاءات التي تزخر بها هذه المؤسسة وما تكلف الدولة من أعباء مادية كبيرة في صرف منحها، تجد نفسها عاجزة عن تحرير افتتاحية على هامش أحداث الداخلة المؤلمة،الداخلة التي تشبة جزيرة ممتدة داخل المحيط الأطلسي والتي اعتبرت على مر الأزمنة مصدرا لإلهام الكتاب والشعراء والمؤرخين بما تتميز به من مناظر خلابة ومناخ معتدل،فمابالك وهي تسقى بدم الشهيد ميشان محمد لمين لحبيب،ويصنع فيها أبطال الانتفاضة ملحمة تاريخية أسقطت الخرافة المغربية التي تعتبر الداخلة رمزا للولاء والوفاء للعرش الملكي.
ففي يوم الثلاثاء 04 أكتوبر2011 تمت قراءة مقال الكاتب والمناضل الصحراوي سعيد البيلال المعنون ب(الداخلة...تلك الحسناء المقاتلة) كافتتاحية على هامش الأحداث من العنوان إلى أخر كلمة في المقال وكأنه من إعداد أحد أعضاء هيئة التحرير بالتلفزيون الوطني،وليس عيبا أن يسد التلفزيون حاجاته بإسهامات الكتاب والمثقفين الصحراويين مادام الجميع في مواجهة مع العدو،ولكن العيب هو أن يتنكر التلفزيون للحقوق الفكرية لهؤلاء حتى من باب التنبيه إليهم وبمساهماتهم التي يستغلونها في إثراء برامجهم،وقد ذكرتني حادثة القرصنة على مقال الكاتب والمناضل سعيد البيلال بحوادث مماثلة حدثت ولكن في البحر الأحمر على يد القراصنة الصوماليين مع فارق واحد وهو معرفة العالم لبلدان السفن التي تتم قرصنتها ،في حين يجهل العالم الذي تابع التلفزيون الوطني من هو كاتب مقال(الداخلة ...تلك الحسناء المقاتلة) لأن التلفزيون الوطني لم يذكره حتى يتسنى للمشاهدين الاستمتاع بعبقرية تلفزيونية مختلسة.