اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

عامل الأندلس الجديد الراخوي

كتب بواسطة : futurosahara on 21‏/01‏/2012 | السبت, يناير 21, 2012


السيد حمدي يحظيه 
زار الراخوي المغرب، طبَّق العادة الجديدة التي عمرها الآن 28 سنة، وهي أن كل وزير جديد أسباني عليه أن يزور الملك المغربي ويركع عند قدميه ويقدم له أوراق الاعتماد. كان منظر الراخوي في المغرب مثيرا حقا للشفقة والرثاء، فهو مثلما حاول أن يشيع عن نفسه هو شخص متعالي، فخور أو حتى يمكن أن يقال أنه مغرور. فهذا المغرور، وريث أسبانيا "العظيمة" التي ربحت- حسب الصحراويين- 99 حربا، والتي استعمرت في زمن ما نصف الكرة الأرضية وجد نفسه فجأة مرغما أن يتخلى عن غروره وتكبره وأناقته ليقف خائفا ذليلا أمام الملك المغربي الصغير ( المورو)، ويقدم له أوراق اعتماده ويستمع إليه خاشعا. الصور التي بثها التلفزيون المغربي كانت مقصودة، وظهر فيها الراخوي متواضعا، ينصت باهتمام، بل في بعض الأحيان يدني رأسه من الملك كمن يركع له. إن الراخوي في نفسه يدرك أنه لا يقوم بهذه الزيارة بمحض إرادته إنما يمليها عليه الخوف من المغرب العدواني الذي يستطيع القيام بأي شيء قذر حتى يصل إلى مأربه. 
إن التقليد الجديد ( قيام رئس الوزراء الأسباني مكرها بأول زيارة إلى المغرب) تجعلنا نتذكر حين نحاول تمحيصها والتدقيق فيها أن لها علاقة بتقليد آخر قديم في المغرب مرتبط بالعلاقة بين ولاة وعمال وسفراء ووزراء الملك وهذا الأخير. فعمال وولاة الملك وسفرائه، بعد تعيينهم، مباشرة، وحتى قبل غسل وجوههم، فإن أول ما يفعلون، إذا أرادوا المحافظة على المنصب، هو أن يذهبوا جماعيا إلى الملك ويقدمون له قَسَمَ الطاعة والولاء. يقفون في طوابير مذلة ومهينة لمدة طويلة، يلبسون الجلاليب البيضاء والقبعات الحمراء ويقضون الساعات الطويلة في انتظار وصول الملك: يقبلون يده، يقسمون أمامه أن لا يخونوا العرش ولا الملك. 
إذن الآن فهمنا لماذا يفرض المغرب على كل رئيس وزراء أسباني جديد أن يقوم بأول زيارة له إلى المغرب. بسيطة، فالمغرب يعتبر أسبانيا مقاطعة مغربية، يعطيها الآن نفس الاسم القديم( الأندلس)، ويعتبر إن أي رئيس جديد لها، إذا أراد أن لا تُثار له المشاكل، عليه أن يقوم في مدة شهر كأقصى اجل بزيارة للملك المغربي، يقدم له أوراق الاعتماد، يستمع إلى "نصائحه"- هي في الحقيقة أوامر- ويعود. 
ورغم إن الراخوي حاول أن يُظهر بعض الامتعاض من الزيارة بسبب طقوسها إلا أن ذلك لم يمنعه من أن يظهر على حقيقته: الراخوي المتكبر، المتغطرس الفخور بأنه رئيس أسبانيا "العظيمة"، تحول، فجأة، إلى نمر من ورق مقوى، وكاد ينزع عنه ما تبقى من لباس الفخر والاعتزاز. فمثلا في سنة 2010م، إذا لم تخني الذاكرة، رأينا راخوي " يتحدى المغرب" ويقوم بزيارة إلى سبتة ومليلية، ورايناه يحث حزبه على الوقوف إلى جانب الشعب الصحراوي في البرلمان الأوروبي. كل هذا كان خداع سياسي لتسخين الطبل للانتخابات. الآن الراخوي يريد علاقة جيدة مع المغرب، يبكي أمام الملك مستجديا اياه إن يجدد اتفاق لصيد مع المغرب حتى لو شمل المياه الصحراوية. أكثر من ذلك سمعناه يقول بفخر " انه صديق حميم للمغرب، وان هذا الأخير هو بلد رائد في العالم العربي". لم يقول الراخوي أي شيء من الممكن أن يجعل وجه الملك المضيف يحمر، أو يشير مثلا إلى ملف حقوق الإنسان أو إلى احتلال الصحراء الغربية أو إلى انتهاك الشرعية الدولية.  
ورغم ما قام به الراخوي من مداهنة وملاينة وحتى تدليك وحك لظهر الملك إلا أن ذلك، حسب الصحافة المغربية، ليس كافيا. على الراخوي أن ينزع مزيدا من الملابس ويركع حتى تلامس جبهته الأرض مثل ما فعل ثاباتيروا. إن المغرب يريد أسبانيا " مغربية" وليس أسبانيا أوروبية تقف في الصف الأول دفاعا عن حقوق الإنسان. 
إن المنتظر أن تعرف العلاقات المغربية الأسبانية الكثير من المشاكل في السنوات القادمة، فلا احد في المغرب الآن يصدق ما قام به الراخوي من زيارة وخطاب. الضغط قد يكون كبيرا في المستقبل على أسبانيا، ومن الممكن جدا إذا نعرف توترا كبيرا وحادا في قضية سبتة ومليلية وحتى محاولة تدويلها. وقد يزيد التوتر والضغط على أسبانيا أكثر إذا حدث تطور في قضية الصحراء الغربية. إنه من الممكن جدا إن لا نسير طويلا في مسلسل المفاوضات بهذا الشكل، فهي على الأقل سوف لن تكون مفاوضات ما لا نهاية.