لعنة الصحراء الغربية تصيب وسطاء الأمم المتحدة في هذا النزاع الذي يزداد تعقيدا، في حين اعتبر وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول بان الوساطة في هذا النزاع هي نوع من الانتحار.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان قد قرر سنة 1997 الرهان على مبعوث خاص له في محاولة لتحريك ملف نزاع الصحراء، وجرى الاتفاق على شخصية قوية قادرة على فرض الاحترام، ووقع الاختيار على جيمس بيكر الذي شغل من قبل منصب وزير الخارجية الأمريكي. وكان الاعتقاد السائد هو الاحتمال الكبير لنجاح هذا الدبلوماسي الأمريكي المخضرم اعتقادا أن البيت الأبيض سيدعمه في مهمته.
ونجح جيمس بيكر في تنظيم لقاء تحت إشراف الأمم المتحدة بين جبهة البوليزاريو والمغرب في العاصمة البرتغالية لشبونة في حزيران (يونيو) 1997، وكان ولي العهد وقتها الأمير محمد الذي سيصبح سنتين بعد ذلك ملكا للبلاد 'محمد السادس' هو الذي ترأس الوفد المغربي.
وتمكن جيمس بيكر سنة 2003 من تقديم ما سمي 'مخطط جيمس بيكر' الذي صادق عليه مجلس الأمن بالإجماع في تموز (يوليو) 2003 وينص على الحكم الذاتي للصحراويين لمدة أربع سنوات وبعدها تنظيم الاستفتاء، لكن المغرب رفض المخطط وقبلته بشكل ضمني البوليزاريو . ونتيجة المأزق، تقدم بيكر باستقالته في حزيران (يونيو) 2004 بعدما أدرك صعوبة النجاح في هذا الملف.
واقترحت الأمم المتحدة في الشهر نفسه كبديل لجيمس بيكر الدبلوماسي البيرواني ألفارو دي سوتو. ويوجد فرق بين المبعوث الشخصي للأمين العام وممثل الأمين العام الذي يتولى رئاسة قوات حفظ السلام 'المينورسو'.
وبعده اختار كوفي أنان الهولندي بيتر فان والسوم الذي لقي ترحيبا من أطراف النزاع، وأصبح المبعوث الشخصي للأمين العام في هذا النزاع ابتداء من تموز (يوليو) 2005. وراهن والسوم على اللقاءات المباشرة بين البوليزاريو المغرب حيث نظم الكثير منها. وفي أبريل 2008 تقدم بتقرير الى مجلس الأمن يعتبر فيه خيار تقرير المصير غير واقعي ودعا البوليزاريو الى بحث الحكم الذاتي لأنه الحل 'الأمثل والواقعي' كما دعا المغرب الى ضرورة الرهان على الحكم الذاتي. واعتبرت البوليزاريو أن 'تقرير والسوم خطير وسيترتب عنه العودة الى الحرب لأنه يتناقض والتوصية الكلاسيكية لحل النزاع المتمثلة في تقرير المصير'.
وأعلن البوليزاريو رفضها التعامل مستقبلا مع بيتر فان والسوم، واضطرت الأمم المتحدة الى البحث عن مبعوث خاص جديد، واقترحت مدريد بصفتها قوة استعمارية سابقة في الصحراء على وزير الخارجية الأمريكي السابق كولن باول الوساطة، وكان جوابه 'الوساطة في نزاع الصحراء بمثابة انتحار'.
ووقع الاختيار على الدبلوماسي الأمريكي كريستوفر روس، ولكن المغرب تحفظ عليه بسبب منصبه السابق كسفير للولايات المتحدة في الجزائر وتصريحات سابقة له شدد فيها على تقرير المصير لحل النزاع. وجرى خلال كانون الثاني (يناير) 2009 تعيينه بعدما توصل المغرب بضمانات حول نزاهته وعدم انحيازه للبوليساريو. وخلال شهر مايو الجاري 2012، يؤكد المغرب رفضه التعامل مع كريستوفر روس متهما إياه بعدم الموضوعية بسبب تهميشه لمقترح الحكم الذاتي في تقريره الى مجلس الأمن واتهام المغرب بالتجسس على قوات المينورسو.
وبعد موقف المغرب، تجد الأمم المتحدة نفسها مجبرة على مبعوث جديد في هذا النزاع الذي بدون شك ستصيبه لعنة الصحراء الغربية كما أصابت المبعوثين السابقين.