اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

حركية السلك الخارجي ، هل يمكن تاجيلها ؟

كتب بواسطة : futurosahara on 18‏/09‏/2012 | الثلاثاء, سبتمبر 18, 2012


لقد جرت العادة ان تجرى حركية شاملة بعد المؤتمر العام لجبهة البوليساريو بدءا بالحكومة واركان الجيش والولاة والسفراء والممثلين ، غير ان التغييرالذي حدث بعد المؤتمر 13 للجبهة لم يشمل السلك الخارجي كما كان متوقعا .
وقد ثارت حينها تساؤلات عن السر الكامن وراء ترك الحال على ماهو عليه في واحدة من اهم الجبهات احتكاكا مع العدو او هكذا يفترض على الاقل ؟ هل كان ذلك تعبيرا عن رضى الهيئة القيادية عن اداء السلك الدبلوماسي لفترة السنوات الاربع التي سبقت المؤتمر وتثمينا للمكاسب المحققة في الميدان الخارجي ؟ ام كان بسبب عدم وضوح خارطة الانتشار الخارجي انذاك في ذهن صانع القرار ؟ مما جعله يكتفي بشكل مؤقت بملا الفراغات التي حدثت هنا او هناك كما حصل في السويد والبرتغال ؟ الم تكن طلبات التغيير التي تقدم بها عدد من السفراء والممثلين والدبلوماسيين كافية لاحداث تغيير جوهري في السلك الخارجي ؟ 
وبالرغم من كثرة الحديث مؤخرا عن التغييرات المزمع اجراؤها و تشكيل لجنتين لهدا الغرض فوضت احداها باقتراح القوانين والنظم الداخلية والقواعد والاجراءات الناظمة للعمل الخارجي بينما اسند للاخرى اعداد مقترح للانتشار المرتقب،الا انه لم ترشح لحد الان اية معلومات عن هذا التغيير الذي طال انتظاره.
من حيث المبدا فان التغيير والحركة سنة مفيدة وعادة حميدة ، غير انه في وضع كوضعنا فان التغيير الذي نطلبه يجلب معه غالبا بعض المشاكل والقلاقل الامر الذي ينعكس سلبا على تحقيق الاهداف المرجوة من هكذا تغيير.
ومن المؤكد ان التغييرات المنتظرة تواجه بعض الصعوبات والتحديات لعل اكبرها هو تحديد طبيعة التغييرات في حد ذاتها ومستواها ؟هل ستكون شاملة بغض النظر عن تقييم مستوى الاداء العام للدبلوماسيين ؟ ام ستكون محدودة وستمس فقط طاقم السفارات والمكاتب التي من المفترض ان هناك ضرورة موضوعية ليمسها التغيير ؟ وهل سيشمل التغيير السفراء والممثلين فقط ام انه سيمتد الى الاسلاك الادنى درجة ؟ وهل سيصدر التغيير المنتظر كله في مرسوم رئاسي واحد مهما كانت درجة الدبلوماسيين الذين سيمسهم التغيير ؟ ام ان هناك حاجة لان يترك المجال لتغيير لاحق عن طريق قرار وزاري يشمل بقية الدبلوماسيين الاقل درجة من سفير او ممثل في دولة ما خاصة ونحن نتحدث عن ضرورة سن القوانين والاجراءات والقواعد التي تنظم العمل الخارجي وتحدد الصلاحيات وترسم المعالم بشكل واضح وتؤسس لوزارة يجب ان تكون القدوة الافضل لباقي مؤسسات الدولة الصحراوية لما تتوفر عليه من كفاءات وخبرات .
ان التغيير الشامل للسلك الدبلوماسي يفرض حتما اجراء تعديل حكومي نظرا لوجود عدد من اعضاء الامانة الوطنية والاطر العليا في السلك الخارجي و الذين لا تسعهم الا الحكومة ؟ الا ان التساؤل الذي يثور هنا هو هل هناك فعلا ضرورة لتغيير حكومي بعد سبعة اشهر فقط من تشكيل الحكومة ، و بعد شهرين من مصادقة البرلمان على برنامجها السنوي؟ و لماذا الان بالضبط ؟ الا يمكننا الانتظار الى ديسمبر مثلا حيث يتم تقييم البرنامج السنوي للحكومة والحكم عليه من قبل البرلمان الامر الذي قد يتيح مبررا كافيا لتغيير كل او بعض الحقائب الوزارية .
اما اذا كان التغيير محدودا في بعض الاماكن التي توجد بها مبررات موضوعية او حتى ذاتية كواشنطن ونيويورك، الجزائر ، مدريد، باريس، اديس ابابا ،كوبا ،فان الامر لم يكن يستدعي كل هذه الهالة والضجة التي اثيرت حول الحركية والتي القت بظلالها بشكل سلبي على نفسية واداء العاملين بالسلك الخارجي حيث تركت الجميع في حالة ترقب وانتظار.......
ومن هنا يبرز التساؤل الجوهري عن الغاية والهدف من اجراء هذه الحركية في هذا الوقت بالذات ؟ هل هو بناءا على تقييم موضوعي وجاد وحيادي بعيدا عن كل الحسابات الضيقة ام هو مجرد تحريك اشخاص واستبدالهم باخرين ربما لايفقهون حتى لغة البلد الذي انتدبوا فيه لايصال صوت قضية شعبهم العادلة ؟ 
لابد في الاخير من التاكيد على ان مراجعة العنصر البشري ضرورة وسنة حميدة كما سبق واشرنا ، غير انه لايكفي لوحده لتحقيق الاهداف المطلوبة لربح معركتنا مع العدو، في ظل تجاهلنا الدائم والمتكررلعناصر اخرى مهمة ، تؤثر بشكل جوهري على نجاح العمل الدبلوماسي ومنها اختيار الكادر الكفؤ ووضعه في المكان المناسب وتوفير الامكانيات المادية اللازمة والمساعدة على تحقيق انتصارات دبلوماسية حقيقية تعيد للخارجية بريق انجازاتها وانتصاراتها ، اضافة الى تحديد اولويات واهداف كل مرحلة ،والوقوف عليها ،من خلال تقييم دوري للبرامج والاشخاص الامر الذي لن يتاتى الا في ظل وجود مركزية غير مقيدة قوية ذات صلاحيات وملفات واضحة تتابع وتوجه العمل الخارجي وترسم الخطط الضرورية مع الحلفاء لمواجهة المؤامرات التي يحيكها العدو وحلفاؤه ضد امال وطموحات شعبنا في الحرية والاستقلال . فهل سنشهد تغييرا ياخذ بعين الاعتبار ما اشرنا اليه انفا من عناصر ؟ لان التجربة اثبتت ان بقاء بعض العناصر في نفس المكان لعقد او اكثر من الزمن لم يعد بالنفع عليهم كاشخاص واضر كثيرا بصورة القضية، ومعا من اجل تغيير يخدم القضية ولا يقدس الا شخاص .
ابو اسماعيل
بئرلحلو، 18 سبتمبر 2012 .