اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

الوحدة الوطنية المستباحة بأخطاء القيادة

كتب بواسطة : futurosahara on 27‏/12‏/2012 | الخميس, ديسمبر 27, 2012

كثر الحديث هذه الايام عن الوحدة الوطنية وضرورة تمتينها في وجه المناورات المغربية خاصة بساحة الارض المحتلة.
وكعادتها لم تتأخر القيادة الصحراوية ممثلة في وزير المناطق المحتلة في الدخول على الخط باعتبارها صمام أمان الوحدة وحامي حمى القضية الوطنية، لاعتقادها ان عصر الانترنت يشبه عصر اللجان والخلايا الاساسية بمخيمنا المتواضع.
والمتابع للخطاب الرسمي للقيادة الصحراوية منذ سبعينيات القرن الماضي الى اللقاء الاخير لوزير المناطق المحتلة سيلاحظ ان القيادة الرشيدة تتصرف وكأنها مجموعة من الملائكة معصومة من الاخطاء الادمية وتعيش في كوكب منعزل عن التغيرات العالمية، فكل الاخطاء المرتكبة في دولتنا الفتية يتحمل مسؤليتها المحتل المغربي، اما القيادة الوطنية المخلصة والثورية فمن غير المنطقي ان ترتكب اخطاءا قد تضر بسمعة القضية، لذا اصبح من الواجب توجيه عدة اسئلة الى وزير المناطق المحتلة ومن خلاله الى النظام الصحراوي :
هل العدو هو المسؤول عن البيروقراطية الممارسة في الادارات الصحراوية؟، وهل العدو هو المسؤول عن التقصير الحاصل في الاجهزة الامنية والذي ادى الى اختطاف اصدقاء الشعب الصحراوي نهاية العام الماضي؟، وهل العدو هو المسؤول عن اهانة المواطن الصحراوي امام ابواب السفارة الصحراوية بالجزائر؟، وهل العدو هو من يطلق الاشاعات المغرضة ضد اي صوت يحاول اصلاح النظام الصحراوي؟، وهل العدو هو المسؤول عن نشر البلبلة في ساحة الارض المحتلة؟، وهل العدو هو من حاول إقحام النشطاء الحقوقيين في الصراعات السياسية الداخلية؟، اسئلة كثيرة لايتسع المقام لذكرها بحاجة الى اجابة من وزير المناطق المحتلة والمدير السابق لحماية المؤسسات وهي المديرية التي عجزت عن حماية ضيوف الشعب الصحراوي.
لقد حاول الوزير في مقابلته ان يوجه رسالة الى اهالينا بالمناطق المحتلة لكنه للاسف لم يختر اللغة المناسبة ، لان لغة الخشب اصبحت لاتجدي نفعا في عصرنا الحديث، بسبب ان مصطلحات من قبيل المناورات والمخابرات والدسائس اصبحت متجاوزة ، كما أن الاستمرار في إلغاء اللوم على العدو دون تقديم الادلة الدامغة يعني إعطاء فرصة وستار لرموز الفساد بـ "الرابوني" للاستمرار في سياساتهم التدميرية للوحدة والقضية الوطنية مادام ان العدو يتحمل وزر كافة الكوارث التي ترتكب يوميا باسم القضية. ودور العدو في هذه المعادلة يشبه الى حد كبير لدور اسرائيل لدى الانظمة العربية الهالكة والتي كانت تعلق كل اخفاقاتها على العدو الصهيوني ليتفاجأ العالم ان تلك الانظمة اخترعت الخطر الصهيوني ليس حبا منها في الوحدة العربية المنشودة بل دفاعا عن انظمتها القمعية. فنظامنا لايتذكر الوحدة الوطنية الا عندما يستشعر خطرا على استمراره "جهد انبيح الكلب الا عن راسو".
لاينكر احد ان العدو المغربي لم يبخل اي جهد منذ اعلان الوحدة الوطنية بمؤتمر عين بنتيلي من اجل القضاء عليها. ولانلوم هنا العدو لان هدفه الاول والاخير هو تدمير مكتسبات الشعب الصحراوي. لكن قبل ان نلوم العدو علينا ان نوجه اللوم لمن فتح ثغرات في جدار الوحدة الوطنية تسمح للعدو بتمرير سياساته الخبيثة. وهنا نتساءل عن دور النظام الصحراوي في صيانة الوحدة الوطنية طالما ان قيادتنا الرشيدة تلغي باللائمة على العدو المغربي. فأكبر خطر على الوحدة الوطنية لم يأتي من عاصمة العدو المغربي الرباط بل من داخل "الرابوني" وتحديدا من داخل وزارة المناطق المحتلة. ولاداعي هنا لتقديم الادلة لانها معلومة لدى العام والخاص.
للاسف أن الوحدة الوطنية التي اعلنها الشهيد الولي ورفاقه يوم 12 اكتوبر 1975 حولها النظام الصحراوي الى ورقة رابحة في الساحة السياسية من اجل تحقيق مصالحه الانانية، فلا يتذكر الوحدة الوطنية الا عندما يستشعر الخطر من المطالب الديمقراطية، اما الممارسات القبلية اليومية من قبل القيادة الصحراوية فلا تشكل خطرا على الوحدة الوطنية وفق منطق "الرابوني". كما ان سياسة المحاصصة التي رسختها الكتابة العامة والتي حولتنا من نظام "شبه رئاسي" الى نظام "شبه لبناني" بدورها لاتشكل خطرا على الوحدة الوطنية. فالوحدة الوطنية وبالتفسير "الرابوني" للمبدأ هي وحدة هدفها الحفاظ على تماسك النظام وعلى مصالحه حتى ولو كانت على حساب المصلحة الوطنية "يشرب النظام يعمل حاسي الشعب ايطيح".
لا ندري عن اي وحدة يتحدث وزير المناطق المحتلة والجاليات اذا كان معظم القيادة الوطنية يتخذون من القبلية صمام أمان في وجه اي خطر سياسي، والقاعدة المتبعة عندهم هي ان اي مساس بمصالح اي وزير او مدير او ادنى موظف هو اعتداء على الخلفية التي ينحدر منها. وبعد ان عجزوا عن حماية الوحدة بمخيمات العزة والكرامة اصبحوا يقدمون انفسهم انه باستطاعتهم حمايتها بالمناطق المحتلة، الا ان التجربة اثبتت ان دور التنظيم السياسي في الخلافات الحقوقية بالارض المحتلة اصبح يشبه الى حد كبير لدور الشرطة في الافلام الامريكية والتي غالبا ما تاتي الى مسرح الجريمة بعد انتهاء القضية. ولو كان التنظيم السياسي يتعامل مع قضية تقوية الوحدة الوطنية بنفس الجدية التي تعامل بها مع الاصوات المعارضة للنظام الحاكم مثل  "شباب الثورة الصحراوية" حيث قام باستدعاء اكبر وفد حقوقي يضم 100 شخص في ظرف قياسي لا لشيء الا لتلميع النظام الفاسد في الرابوني. فلماذا لم يسارع النظام الى استدعاء الحقوقيين من اجل ندوة طارئة هدفها الحفاظ على الوحدة الوطنية؟ نترك الاجابة لمن قاموا بتبذير مبلغ 300 الف يورو على مسرحية الندوة الاولى لسياسات الشباب بولاية الداخلة وهو مبلغ كان من الاجدر توجيهه الى ساحة الارض المحتلة بدل صرفه على مسرحية فاشلة من مسرحيات الانظمة الاحادية.
 رغم كل الهفوات المرتكية في الساحتين الداخلية والخارجية الا ان قيادتنا الوطنية ومنها وزير الارض المحتلة لازالوا يظنون انهم ملائكة الله في الارض، لا يخطئون وإن اخطاؤ لايسألون وان سؤلوا لايأباهون، للاسف هذا هو المنطق الذي تفكر به القيادة الصحراوية وهو منطق ندفع ثمن نتائجه الكارثية من حاضرنا ومستقبلنا .