اسلامه الناجم
هل خيب ظنك تقرير السيد روس الأخير؟ لا اعتقد ذلك ، فكل من يتعاطى السياسة في حدها الأدنى، يدرك تماما أن التقرير لن يخرج عن هذا الشكل الذي خرج به، فالسيد روس ممثل شخصي للامين العام الاممي في ملف الصراع الصحراوي المغربي، يقرأ الوقائع على الأرض ويتابع سعي طرفي النزاع في تغييرها ، وردود فعلهما على الدوام، ويستمع جيدا لحجج الطرفين ومعهما الأطراف المهتمة، كل هذا يصوغه في تقرير يقدمه لمجلس الأمن الدولي، وبما انه موظف أممي وسيط وليس طرفا في النزاع فيجب أن يأتي تقريره متوازن جدا جدا، و قد كان .
لقد رفع السيد روس في هذا التقرير، العتب عن الأمم المتحدة، ورفض اتهامها بالتقاعس عن إيجاد حل للنزاع، ووضع العتب واللوم على الطرفين, وهذا صحيح، انطلاقا من أن ملف النزاع يعالج بمقتضى البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشترط التوافق بين طرفي النزاع، دون اللجوء إلى فرض حل على احدهما أو كليهما، ومعنى هذا الكلام أن لا يزايد احد على المنتظم الدولي، أو ينتظر من عنده الحل، فالحل عند أطراف النزاع وبيدها، بمعنى أن القادر على فرض حل ما فليفعل، وهو أمر لطالما كرره المبعوث الشخصي منذ أن تسلم الملف وبلسان عربي مبين، و بإصرار واضح فقد قال بالحرف أن "غياب أزمة حادة في الصحراء الغربية من ضمن عوامل نسيان المنتظم الدولي لهذا الملف" والمقصود – طبعا- البوليساريو، إذ لا يعقل أن يلجا المغرب إلى تأزيم الوضع ولفت الأنظار إليه، فهو يفضل الوضع الحالي وحالة الركود هذه ، ويبدو أيضا أن هذا محل تفضيل من قوى دولية فاعلة كما نقل روس في هذا التقرير وبالحرف أيضا " أن البعض يعتقد أن استمرار الوضع الراهن قد يكون داعي استقرار، وأن خلق فرص للسلام أمر محفوف بالمخاطر" . والحمد لله أن المبعوث الشخصي سفه هذا الرأي ووصف هذا الاعتقاد ب" خطأ خطير في الحسابات خصوصا الآن والمنطقة مهددة من طرف المتطرفين، والإرهابيين، والعناصر الإجرامية التي تعمل في منطقة الساحل".
لكن الصحيح أيضا أن الأمم المتحدة أو بمعنى أدق المجتمع الدولي لا يريد لهذا النزاع حلا عاجلا ، وإلا كان نقله من طائلة البند السادس إلى السابع، كما فعل في مناطق أخرى من العالم، لكن غياب مصالح واضحة وآنية لهذه الدول جعلها تضع الحل في الثلاجة، ومن هنا صح لنا اتهام الأمم المتحدة بالتقصير بل و التواطؤ.
كتبت وكتب غيري ، مرارا عن عدم جداوئية مفاوضات، أساسها حوار الطرشان، فالبوليساريو ترتكز فيها فقط على الشرعية والقانون الدوليين، دون وسيلة ضغط حقيقية، في حين يرتكز المغرب على أمر واقع، فرضته سيطرته على جزء كبير من وطننا وإدارته عنوة. وها هو السيد روس يقول بان هذا الرأي بات مسموعا من جهات عديدة على علاقة بالصراع، وان الأمم المتحدة ستأخذ به، فقد جاء في تقريره "وافقني كبار المسؤولين الرأي في أنه من غير المجدي عقد المزيد من الاجتماعات بين الأطراف في الوقت الحالي في ظل عدم وجود أي تغيير في المعادلة. فبعد أربع جولات من المفاوضات الرسمية وتسع جولات من المحادثات غير الرسمية، فإن عقد اجتماع آخر سيزيد فقط من تسليط الضوء على الجمود، وبالتالي إضعاف مصداقية العملية" . لكن البديل أيضا لا يطمئن يا سيد روس " اقترحت على الأطراف أن أقوم بالمزيد من المشاورات مع القوى الدولية الرئيسية تليها فترة من الدبلوماسية المكوكية الهادئة مع الطرفين والدول المجاورة".
لعل النقطة الايجابية في هذا التقرير (التقني) ، إلى جانب تمسكه بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، هو تسليطه الضوء على حقيقة أن أجهزة الأمن في العيون المحتلة لا وجود فيها للعنصر الصحراوي بل كلهم مغاربة، وهذه شهادة أو غمزة لها أكثر من معنى ومغزى في معركة حقوق الإنسان . ثمة نقطة أخرى أسالت حبرا كثيرا و أثارت لغطا أكثر عند العدو وحلفائه وهي عدد اللاجئين الصحراويين ، أكد روس انه في اجتماعه مع المانحين بالجزائر لم يلمس أي حرص على متابعة هذه المسألة، بما يعني أنها ثانوية وليست بالأهمية التي يحاول المغرب وحلفاؤه أن تبدوا عليها .
هذا التقرير يحيلنا إلى أسئلة كانت وستبقى معلقة دون إجابة من المعني، لكن هذا لا يحجب شرعيتها، كيف تكون القضية الصحراوية خارج الاهتمام الدولي ونحن لنا انتشار دبلوماسي هائل في العالم ، يفوق بكثير بعض الدول المستقلة؟ ما فائدة هذا الانتشار أو مالذي يصنع أهله بالضبط ؟ لماذا لا نحذو حذو الفلسطينيين بالذهاب إلى الأمم المتحدة ؟ لنطالب بالاعتراف بالدولة الصحراوية خاصة ونحن نمتلك وضعا أفضل من الفلسطينيين بكثير، أليست الدولة الصحراوية كاملة العضوية في الاتحاد الإفريقي ؟ لماذا لا يساعدنا المحفل الإفريقي في مسعانا؟ إلى متى سنعتمد المقاومة السلمية في الأرض المحتلة كخيار استراتيجيي؟ لماذا لا نراجع حصائلها ونفتح خيارات أخرى إلى جانبها؟.
يجب أن لا يغيب عن قيادتنا، إن نهج المقاومة السلمية وحده، يتطلب تعدادا بشريا هائلا، حتى ينجح العصيان المدني وتشل الإدارات وتؤتي الإضرابات والتظاهرات أكلها، وهو ما ينقصنا بكل تأكيد. أين اعمار الأرض المحررة؟ إن الحجج بقلة الموارد واهية ، لماذا لا نحول وجودنا هناك إلى أمر واقع؟ يفرض على المجتمع الدولي دفع تكاليفه إن لم يكن سياسيا فإنسانيا ؟ الم يقل روس بلسانه إن غياب أزمة حادة هو ما جعل المجتمع الدولي يضع الملف في الدرج ؟!
ماحك جلدك مثل ظفرك، فهذا التقرير وعشرات سبقته، وأخرى ستليه، لن تغير من الوضع الحالي قيد أنملة، وسوف لن تسمي المعتدي صراحة، ولن تشير إلى المارق عن الشرعية الدولية والمتمرد عليها، فالذي سيحلحل الوضع ويضغط على المجتمع الدولي ، نحن وليس غيرنا مهما بلغ من النزاهة أو الحياد .
الطامة أن نهاية التقرير كشفت لنا – ربما عن قصد- سر تمسك الأمم المتحدة بالسيد روس، والتي هي رغبة أمريكية دون شك ، فعلاوة على أن الوسيط أمريكي ولا يجوز التعامل معه بهذا الشكل المهين الذي أقدم عليه المغرب بكل وقاحة واتهامه السخيف بعدم الحياد والنزاهة ما يفتح الباب واسعا لرفض الوسطاء الأمريكيين في مناطق أخرى من العالم وخاصة في الشرق الأوسط . والمعنى هوان روس له مهمة أخرى وصفها بغير الرسمية فحواها تشجيع العلاقات بين الجزائر والمغرب ، اعتقد أن القصد واضح لا يحتاج إلى تفسير وقراءة لما بين السطور فالنظرة النمطية للصراع بأنه جزائري مغربي لا زالت هي السائدة عند المجتمع الدولي، و الآن نفهم طبيعة البرودة التي تعاملت بها فرنسا مع تمسك الأمم المتحدة بروس خلافا لرغبة حليفها المغربي.
معركة غزة الأخيرة مع إسرائيل، توضح بأنه لم يتأخر الوقت بعد، على إجبار الجيوش الجبارة والحكومات الفاشية و العنيدة ، على الانصياع لإرادة الشعوب مهما تواضعت وسائلها في الكفاح من اجل حقها المشروع في تقرير المصير و الحرية . وهو أمر أثبته المقاتل الصحراوي أيضا قبل نحو عشرين سنة، لكن لم نعرف كيف نبني على الانتصار ونراكم النجاحات؟
هل خيب ظنك تقرير السيد روس الأخير؟ لا اعتقد ذلك ، فكل من يتعاطى السياسة في حدها الأدنى، يدرك تماما أن التقرير لن يخرج عن هذا الشكل الذي خرج به، فالسيد روس ممثل شخصي للامين العام الاممي في ملف الصراع الصحراوي المغربي، يقرأ الوقائع على الأرض ويتابع سعي طرفي النزاع في تغييرها ، وردود فعلهما على الدوام، ويستمع جيدا لحجج الطرفين ومعهما الأطراف المهتمة، كل هذا يصوغه في تقرير يقدمه لمجلس الأمن الدولي، وبما انه موظف أممي وسيط وليس طرفا في النزاع فيجب أن يأتي تقريره متوازن جدا جدا، و قد كان .
لقد رفع السيد روس في هذا التقرير، العتب عن الأمم المتحدة، ورفض اتهامها بالتقاعس عن إيجاد حل للنزاع، ووضع العتب واللوم على الطرفين, وهذا صحيح، انطلاقا من أن ملف النزاع يعالج بمقتضى البند السادس من ميثاق الأمم المتحدة، الذي يشترط التوافق بين طرفي النزاع، دون اللجوء إلى فرض حل على احدهما أو كليهما، ومعنى هذا الكلام أن لا يزايد احد على المنتظم الدولي، أو ينتظر من عنده الحل، فالحل عند أطراف النزاع وبيدها، بمعنى أن القادر على فرض حل ما فليفعل، وهو أمر لطالما كرره المبعوث الشخصي منذ أن تسلم الملف وبلسان عربي مبين، و بإصرار واضح فقد قال بالحرف أن "غياب أزمة حادة في الصحراء الغربية من ضمن عوامل نسيان المنتظم الدولي لهذا الملف" والمقصود – طبعا- البوليساريو، إذ لا يعقل أن يلجا المغرب إلى تأزيم الوضع ولفت الأنظار إليه، فهو يفضل الوضع الحالي وحالة الركود هذه ، ويبدو أيضا أن هذا محل تفضيل من قوى دولية فاعلة كما نقل روس في هذا التقرير وبالحرف أيضا " أن البعض يعتقد أن استمرار الوضع الراهن قد يكون داعي استقرار، وأن خلق فرص للسلام أمر محفوف بالمخاطر" . والحمد لله أن المبعوث الشخصي سفه هذا الرأي ووصف هذا الاعتقاد ب" خطأ خطير في الحسابات خصوصا الآن والمنطقة مهددة من طرف المتطرفين، والإرهابيين، والعناصر الإجرامية التي تعمل في منطقة الساحل".
لكن الصحيح أيضا أن الأمم المتحدة أو بمعنى أدق المجتمع الدولي لا يريد لهذا النزاع حلا عاجلا ، وإلا كان نقله من طائلة البند السادس إلى السابع، كما فعل في مناطق أخرى من العالم، لكن غياب مصالح واضحة وآنية لهذه الدول جعلها تضع الحل في الثلاجة، ومن هنا صح لنا اتهام الأمم المتحدة بالتقصير بل و التواطؤ.
كتبت وكتب غيري ، مرارا عن عدم جداوئية مفاوضات، أساسها حوار الطرشان، فالبوليساريو ترتكز فيها فقط على الشرعية والقانون الدوليين، دون وسيلة ضغط حقيقية، في حين يرتكز المغرب على أمر واقع، فرضته سيطرته على جزء كبير من وطننا وإدارته عنوة. وها هو السيد روس يقول بان هذا الرأي بات مسموعا من جهات عديدة على علاقة بالصراع، وان الأمم المتحدة ستأخذ به، فقد جاء في تقريره "وافقني كبار المسؤولين الرأي في أنه من غير المجدي عقد المزيد من الاجتماعات بين الأطراف في الوقت الحالي في ظل عدم وجود أي تغيير في المعادلة. فبعد أربع جولات من المفاوضات الرسمية وتسع جولات من المحادثات غير الرسمية، فإن عقد اجتماع آخر سيزيد فقط من تسليط الضوء على الجمود، وبالتالي إضعاف مصداقية العملية" . لكن البديل أيضا لا يطمئن يا سيد روس " اقترحت على الأطراف أن أقوم بالمزيد من المشاورات مع القوى الدولية الرئيسية تليها فترة من الدبلوماسية المكوكية الهادئة مع الطرفين والدول المجاورة".
لعل النقطة الايجابية في هذا التقرير (التقني) ، إلى جانب تمسكه بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، هو تسليطه الضوء على حقيقة أن أجهزة الأمن في العيون المحتلة لا وجود فيها للعنصر الصحراوي بل كلهم مغاربة، وهذه شهادة أو غمزة لها أكثر من معنى ومغزى في معركة حقوق الإنسان . ثمة نقطة أخرى أسالت حبرا كثيرا و أثارت لغطا أكثر عند العدو وحلفائه وهي عدد اللاجئين الصحراويين ، أكد روس انه في اجتماعه مع المانحين بالجزائر لم يلمس أي حرص على متابعة هذه المسألة، بما يعني أنها ثانوية وليست بالأهمية التي يحاول المغرب وحلفاؤه أن تبدوا عليها .
هذا التقرير يحيلنا إلى أسئلة كانت وستبقى معلقة دون إجابة من المعني، لكن هذا لا يحجب شرعيتها، كيف تكون القضية الصحراوية خارج الاهتمام الدولي ونحن لنا انتشار دبلوماسي هائل في العالم ، يفوق بكثير بعض الدول المستقلة؟ ما فائدة هذا الانتشار أو مالذي يصنع أهله بالضبط ؟ لماذا لا نحذو حذو الفلسطينيين بالذهاب إلى الأمم المتحدة ؟ لنطالب بالاعتراف بالدولة الصحراوية خاصة ونحن نمتلك وضعا أفضل من الفلسطينيين بكثير، أليست الدولة الصحراوية كاملة العضوية في الاتحاد الإفريقي ؟ لماذا لا يساعدنا المحفل الإفريقي في مسعانا؟ إلى متى سنعتمد المقاومة السلمية في الأرض المحتلة كخيار استراتيجيي؟ لماذا لا نراجع حصائلها ونفتح خيارات أخرى إلى جانبها؟.
يجب أن لا يغيب عن قيادتنا، إن نهج المقاومة السلمية وحده، يتطلب تعدادا بشريا هائلا، حتى ينجح العصيان المدني وتشل الإدارات وتؤتي الإضرابات والتظاهرات أكلها، وهو ما ينقصنا بكل تأكيد. أين اعمار الأرض المحررة؟ إن الحجج بقلة الموارد واهية ، لماذا لا نحول وجودنا هناك إلى أمر واقع؟ يفرض على المجتمع الدولي دفع تكاليفه إن لم يكن سياسيا فإنسانيا ؟ الم يقل روس بلسانه إن غياب أزمة حادة هو ما جعل المجتمع الدولي يضع الملف في الدرج ؟!
ماحك جلدك مثل ظفرك، فهذا التقرير وعشرات سبقته، وأخرى ستليه، لن تغير من الوضع الحالي قيد أنملة، وسوف لن تسمي المعتدي صراحة، ولن تشير إلى المارق عن الشرعية الدولية والمتمرد عليها، فالذي سيحلحل الوضع ويضغط على المجتمع الدولي ، نحن وليس غيرنا مهما بلغ من النزاهة أو الحياد .
الطامة أن نهاية التقرير كشفت لنا – ربما عن قصد- سر تمسك الأمم المتحدة بالسيد روس، والتي هي رغبة أمريكية دون شك ، فعلاوة على أن الوسيط أمريكي ولا يجوز التعامل معه بهذا الشكل المهين الذي أقدم عليه المغرب بكل وقاحة واتهامه السخيف بعدم الحياد والنزاهة ما يفتح الباب واسعا لرفض الوسطاء الأمريكيين في مناطق أخرى من العالم وخاصة في الشرق الأوسط . والمعنى هوان روس له مهمة أخرى وصفها بغير الرسمية فحواها تشجيع العلاقات بين الجزائر والمغرب ، اعتقد أن القصد واضح لا يحتاج إلى تفسير وقراءة لما بين السطور فالنظرة النمطية للصراع بأنه جزائري مغربي لا زالت هي السائدة عند المجتمع الدولي، و الآن نفهم طبيعة البرودة التي تعاملت بها فرنسا مع تمسك الأمم المتحدة بروس خلافا لرغبة حليفها المغربي.
معركة غزة الأخيرة مع إسرائيل، توضح بأنه لم يتأخر الوقت بعد، على إجبار الجيوش الجبارة والحكومات الفاشية و العنيدة ، على الانصياع لإرادة الشعوب مهما تواضعت وسائلها في الكفاح من اجل حقها المشروع في تقرير المصير و الحرية . وهو أمر أثبته المقاتل الصحراوي أيضا قبل نحو عشرين سنة، لكن لم نعرف كيف نبني على الانتصار ونراكم النجاحات؟