اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

أطباء يهدون / محمد حسنة الطالب

كتب بواسطة : futurosahara on 17‏/08‏/2011 | الأربعاء, أغسطس 17, 2011


يفترض أن يكون أي من المرشد الديني ، أو الكاتب المضطلع ، أو الناقد الحكيم ، أو أي شخص سوي قويم ، بمثابة طبيب لمختلف أمراض المجتمع دون استثناء ، يتابع حالة المرضى منه ويصف لكل داء دواء بعد التمعن والتدقيق في مسبباته ، وهذا لن يتأتى باستشارة أي من هؤلاء فقط ، وإنما يجب أن يأتي كذلك بمبادرة منهم حرصا على محيطهم من تفشي الأمراض المعدية والعلل الاجتماعية المتنامية التي قد تعصف بهم وبمن معهم إلى الهاوية إذا لم يحركوا ساكنا ، فتنامي الفيروسات القاتلة في أي وسط يجعل الحياة تزداد قذارة ونتانة ويؤدي بمن يعيشها على هذا النحو إلى موت سريري لا يعلم ما بين يديه من مكائد وما خلفه والى جانبيه من نكبات ومصائب ، وما هو أمامه وينتظره من عواقب لا ينفع معها الندم . فمن لا ينصح بالخير، أو لا يكتب عن علة ما ، أو لا ينتقد وضعا مزريا شائنا ، يكون كالأصم عن قوله تعالى "ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " ولقد أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لامته في حديثه القائل " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان .
إن المضي في الحياة دون تقويم لمسالكها هو ما يزيد دون أدنى شك من رتابتها ، بل ويضل أهلها عن سواء السبيل ، ولهذا فلا شئ مجد للوقاية من متاهاتها غير التأمل والتفكير في كل خطوة قد يخطوها كل من سولت له نفسه الخطأ جراء أوهام وإغراءات هي في الأساس من عمل الشيطان ، وقد يدفع التمادي في التسليم بها في هذا الاتجاه إلى حد يصعب معه تدارك الوضع والعودة به إلى جادة الصواب .
إن محاولة إعادة الأمور إلى مجاريها أمر يتطلب وعيا تاما بخطورة الظواهر المقيتة ومن ثم العزيمة والإصرار على إقبارها إلى الأبد بنية خالصة ويقين قاطع ممن يحرصون فعلا على عافيتهم أولا وصحة محيطهم ثانيا ، ولهذا وجب عليهم فحص حياة بني عمومتهم وتشخيص ما ألم بها من عته وانحراف ، حتى يتمكنوا من وصف الدواء المناسب لكل علة ويحررون الوصفة اللازمة لاستلامه من أفواه الناصحين ،ومن خطب المرشدين ، ومن كتابات ونقد الخيرين ، ومن ثم يكون قد أعذر من أنذر، ويبقى عيب الدار على من بقي فيها .
ولعل من ينبغي عليه القيام بذلك في غياب الوازع الديني والأخلاقي هو علماء الدين بالأساس والكتاب والصحفيين والنقاد والمرشدين ممن لهم بقية أخلاق وشئ من التقوى يحثون به على عجل على عمل الخير ويدعون به دون تهاون إلى التأمل ومراجعة الذات للتكفير عن خطايا النفس واجتناب ما قد ينجر عنها من أعمال دنيئة وتصرفات مخجلة وسلوكات بذيئة تشوه السمعة وتحط من قيمة المجتمع .
ونحن المسلمون و في شهر رمضان نقيم شعيرة من شعائر هذا الدين الحنيف وجب علينا كإخوة أن يكون كل منا مرآة للآخر نصلح ولا نفرق ، نهدي ولا نضل ، ننصح ولا ننافق ، لنطهر أمتنا التي هي خير أمة أخرجت للناس مما علق بها في هذا الزمن الردئ ، الذي شوه عقيدتنا السمحة ، وأخل بقيمنا النبيلة وبنهجنا السوي في هذه الحياة التي هي إلى زوال ، وما للعبد فيها إلا ما قدم من جليل الأعمال وحسن العبادة وتقوى الله الواحد الأحد في كل شاردة وواردة . وليكن نصح وتوجيه أهل الخير شافيا من كل العلل وتطبيقه سمعا وطاعة من لدن من خص به ليكتمل الرشاد وتكون الهداية نقطة الوصول إلى ما يرضي الله وعباده المتقين .

0 التعليقات: