اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

العالم يتقشف فلماذا تسرف الحكومة؟ محمد عبد الرحمن

كتب بواسطة : futurosahara on 06‏/09‏/2011 | الثلاثاء, سبتمبر 06, 2011


في وقت يعاني فيه العالم من أزمة مالية واقتصادية خانقة، وقت عصيب،أعلنت فيه معظم حكومات دول الاتحاد الاوروبي،عن إجراءات تقشفية مشددة،رغم ما يعنيه هذا من انخفاض شعبيتها،وبالتالي تقليل فرصة فوزها في أي استحقاق انتخابي قادم,وفي وقت تواجه فيه معظم دول أوروبا،خطر الإفلاس,بل في وقت يعاني فيه أول واكبر اقتصاد في العالم،الاقتصاد الأمريكي،من مخاطر الركود والكساد،بسبب تجاوز السقف المسموح به للدين العام,وعينه وقلبه على أزمة 1929 أو ما بات يعرف أمريكيا بالكساد الكبير،في وقت كهذا،نرى نحن، حكومتنا وجبهتنا العتيدتين، يسبحان كعادتهما عكس التيار،وهي عادة منشأها العناد و قصر النظر، اللذان طالما أوقعاهما -على الأقل- منذ وقف إطلاق النار،في مدارك الجميع يعرفها ويحس وخامة نتائجها،على القضية وعلى المواطن.
يتجلى هذا في الإنفاق الحكومي،أو قل التبذير الحكومي الواسع،على أشياء قليلة الجدوى أو عديمتها،لا نفع من ورائها للقضية،ولا طائل من ورائها للمواطن .
لم تكتف الجبهة والحكومة،بالإنفاق "السخي" على الأعياد الوطنية والمناسبات "الثقافية" الأخرى،كمهرجان الثقافة والفنون الشعبية،ومهرجان السينما وغيرهما,و أريد أن أقول قبل أن يساء الفهم,عن صدق نية أو عن مزايدة،انه لا مانع بل من الضروري إحياء الأعياد الوطنية، وخلق منابر ومناسبات أخرى، لشد الانتباه للقضية دوليا، ولشحذ العزائم ورفع المعنويات داخليا،واقلها رسم البسمة وبث الفرح، في هذا المتاه القاسي،هذا الثقب الأسود الذي يبتلع فرح الكبار ومسراتهم،ويمتص بسمات الأطفال وبراءتهم,لكن للضرورة أحكام،والمصلحة الوطنية هي الفيصل،في كل شأن،وفي كل عمل .
من هنا،وجب أن يكون إحياء المناسبات والاستحقاقات الوطنية،وفق إستراتيجية مرسومة الاتجاه،ومحددة الأهداف،حتى "يتقاد اجهد مع التخمام" وان تستحضر الجبهة والحكومة معا السؤال التالي،ماذا تريدان من إحياء حدث وطني معين ؟ تحديد الإجابة بدقة سيمكنهما من توفير الكثير من الجهد والمال،اللهم إلا إذا كانت هناك نوايا أخرى وراء هذا "السخاء" .
أما النوايا فيتولاها الله وهو أدرى بها،وأما الذي أؤكده أنا وأنت وهي،أن هذه المصاريف الباهضة الباذخة،هي باب الفساد وسبب الاختلاس،والأخطر أنها موجب اهتزاز ثقة الشعب في قيادته،والتي من نتائجها ما نعرفه جميعا.
غير أن التبذير الحكومي للمال العام والإنفاق دون تحفظ ،لا يقف فقط عند الأعياد والمناسبات الوطنية (الذكريات والمهرجانات)، والأرقام بملايير السنتمات الجزائرية لمن لا يدري،بل الى أشياء أخرى،هي عند أي حكومة رشيدة ومسؤولة " من الهم العاشر"، فما الداعي والحال في العالم المالك لثروته، والمنتج لاحتياجاته واحتياجات غيره، والسيد في أرضه،هي ما ذكرت في أول المقال،بل أسوء،ما الداعي لبناء ما يسمى "دار الضيافة"،والآن بعد كل هذه السنين,لقد تمكنت الجبهة من استقبال كبار الضيوف،رؤساء دول, أمناء عامين للأمم المتحدة ,مبعوثيهم الشخصيين,رؤساء أحزاب ,برلمانيين وغيرهم من رجال الفن والأدب والصحافة،كل هؤلاء تم استقبالهم في مقر الرئاسة " الكتابة العامة" أو بمركب الشهيد الحسين التامك.
كم سيكون كلف هذا البناء يا ترى ؟ وكم كلف أثاثه و اكسسواره ؟ وهل تم وفق مناقصة عادية،أم وقع الاختيار على محظوظ من إياهم؟ والأدهى أن الذي تم اختياره للإشراف على "درا الضيافة", شخص سبق وان حامت حوله شبهات فساد،وكان قد ترك العمل هنا،و توجه الى اسبانيا مثل الكثيرين للعمل هناك,ولما استحكمت الأزمة في اسبانيا كوفئ بهذا المنصب!
هل تحتاج قيادتنا للتذكير بأننا لازلنا لاجئين،وانه لا موارد لدينا،سوى ما يأتي من (التسول) ومساعدات إنسانية هزيلة؟!
هل نجحت الحكومة في سد الاحتياجات وتوفير الأولويات،ولها سيولة وموارد لا مقطوعة ولا ممنوعة، لتلفت الى الكماليات، وتسرف في الإنفاق؟هل نذكر حكومتنا بان مخصصات الشهداء و أبنائهم هزيلة؟هل نذكرها أن (رواتب) العسكر لا تسمن ولا تغني من جوع ؟ هل نذكرها ب (رواتب) المعلمين التافهة؟هل نذكرها أن صهاريج المياه بالولايات قليلة وغير كافية؟هل نذكرها أن الصيدليات في المستشفيات و المستوصفات فارغة؟أم نذكرها أن الإذاعة الوطنية لا تمتلك سيارة للمهام؟ أو أجهزة للبث المباشر،هل تمكنت من تعزيز جميع عوامل الصمود؟ وهل و هل؟
لماذا هذه الدار إذن ؟ ما الفائدة التي تعود منها على القضية ؟ أو على الصمود ؟ هل هو الميل الى الراحة والرفاهية،قصد إبهار الضيف بمدى ثراء الجبهة؟! لكن الضيف يعرف الجبهة ومواردها !! وبالتالي انطباعه عن هذا البذخ سيكون سلبيا حتما،واللبيب من الاشارة يفهم!
يا قيادتنا التي كتب الله علينا قضاء وقدر،ونحن مؤمنين بقضاء الله وقدره، نسألك بدم الشهداء,بحزن الثكالى والأرامل،بدموع اليتامى،بآلام جرحى الحرب,بمعاناة اللاجئين,بأناة السجناء والمعتقلين في سجناء الاحتلال,بصبر المقاتلين وشجاعتهم،بقدسية الوطن،بكل مقدس وبكل عزيز عليك.
نسألك أن تراعي الله فينا، أن تراعي مصلحة الوطن،أن تبقي بين الشعب وبينك ولو شعرة واحدة لا تقطعيها،بعد أن قطعت الحبال وحطمت الجسور وبلغت القلوب الحناجر.

محمد عبد الرحمن