اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

لقاء خاص مع السيد البشير مصطفى السيد

كتب بواسطة : futurosahara on 04‏/10‏/2011 | الثلاثاء, أكتوبر 04, 2011


البشير مصطفى السيد، أحد أبرز قيادات جبهة بوليساريو، من مرحلة تأسيسها في بداية سبعينيات القرن الماضي الى وقت قريب أين"غاب"، كما يري البعض أو "تم تغييبه"، كما يرى آخرون المثقف الصحراوي أرتأت أن تسأل الرجل "الحاضر الغائب" عن الأسباب التي جعلته كذلك وعن رأيه في مواضيع الساعة وقضية الصحراء الغربية التي كان هو يوما ما " صاحب الحل والعقد"فيها رغم أنه لايمكن الحديث عن ماضي البوليساريو دون الحديث عن دورالبشير مصطفى السيد في "صناعته" او على الاقل في " صناعة" جزء منه الا اننا تحاشينا الحديث، فقط ، عن هذا التاريخ رغم أهميته وحاولنا إستطلاع رأيه فيما يجري من أحداث في قضية الصحراء الغربية والمنطقة عموما.



أين هو البشير مصطفى السيد الآن ولماذا لم يعد الصحراويين يسمعون عنه أو يرونه الا قليلا؟
هو حاضر و متواجد بين ظهران أهليه و مواطنيه طيلة العهدة الشرعية التي حددها المؤتمر الثاني عشر و سمع عنه الكثير مما لم يبدل حال و لم يحول الى مآل لأن المقررات لم تطبق بالنص و ما طبق لم يطبق بروح المؤتمر وما أريد به هو نفخ الحصائل
كيف تحول البشير مصطفى السيد من " قيادي بارز" في جبهة البوليساريو الى " بدوي بارز" ، هل هناك أسباب موضوعية أوغير موضوعية لانعرفها - الرجاء ذكرها - أم أن الأمر لا يعدو أن يكون قناعة شخصية أم ان هناك أسباب أخرى أين الحقيقة ياترى؟



ما دام البروز بمعنى التميز هو الصفة الجامعة للوضعيتين فإني آخذ السؤال على أنه إطراء و إعجاب ما دمنا كلنا رعاة و كل مسؤول عن رعيته و ما دمنا من البادية خرجنا فإليها أحيانا نعود وعبرها نجتاز الصحارى كوقت راحة و ساعة مراجعة و هنيهة تأمل




هناك من يوصف موقفكم بأنه "ضبابي" وغير واضح فتارة يراكم في قيادة جبهة بوليساريو في "الخطوط الامامية" دون منازع وتارة في هذه القيادة ولكن" في الصفوف الوسطى" غير عابثين بما يجري و تارة أخرى غائبين تماما - أو مغيبين- حتى لانقول " في الخطوط الخلفية" هل تشاطرون هذا الرأي ؟ ثم نسأل مرة أخرى عن أين الحقيقة؟

أجزم أن هذا الوصف دقيق جدا. فهذا التموضع المسجل تجسيد لمراحل الجزر لزخم المؤتمر الثاني عشر و تراجع عنفوان مقرراته. فالسنة الأولى إحتليت الكرسي الثاني يسارا عن الأخ الرئيس وفي السنة الثانية من العهدة إنزويت عدة كراسي إلى اليسار دائما وفي السنة الأخيرة من العهدة إرتحت لقرب السكريتاريا التي تكتب ولا تنطق.




البعض من الصحراويين يرى أن حقبة توليكم زمام الأمور خصوصا في ثمانينات القرن الماضي، ورغم الإنجازات، شابها بعض "الغموض" خصوصا في قضية حقوق الانسان. نسألكم من منطق العصر ومجريات الاحداث الجارية في المنطقة. هل لكم "الجرأة" أو حتى "النية' للوقوف أمام " لجنة الحقيقة والمصالحة" لتوضيح موقفكم كما وقع في العديد من الدول أم أن الامر مبالغ فيه و لايستحق كل هذه الإهتمام ؟



أقر أن تلك الحقبة غاية في التعقيد و الصعوبة .الحرب المريرة ضد جبار متمرس و موغل في تاريخ البطش و مدعوم بآلة التدمير الغربي و البترودلار(الخليجي ) لم تخل من أخطاء و شابتها تجاوزات. لن أعتبره جرأة إستعدادي الكامل للوقوف أمام أي جسم ينشئه الصحراويون عن وعي و حسن تقدير للحقيقة و المصالحة. و بالمناسبة فقد قام التنظيم بأعمال جريئة فعلا و مبادرات سخية و هادفة في هذا المضمار مع إنطلاقة مخطط التسوية.




مخطط السلام- الذي كنتم أحد عناوينه - أعاد شيخ القبيلة الى الدبلوماسية من بابها الواسع كما هو حاصل في الثورات العربية الحالية التي أعادت له مكانة ما بعد غياب. هل يعني هذا ضعف المجتمع المدني - ردة مدنية - أم هي سنة الله في خلقه؟ وفي نفس السياق نسأل أين ياترى تنتهي "سلطة - ذهنية - القبيلة" وتبدأ " سلطة - مفهوم - الدولة المدنية" من وجهة نظركم؟

حينما جيء بالشيخ لتجاوز إشكالية تحديث قوائم من تحق لهم المشاركة في الإستفتاء و التثبت من هويتهم ما كان الشغل الشاغل حال أو مآل المجتمع المدني. و حينما واظب الشيخ على الحضور وأمعن في الغياب و الفقدان أصبح وضع المجتمع المدني إنشغالا حقيقيا وأمسى موقع السياسي مقابل الإجتماعي مدعاة للإهتمام والمتابعة. فيما يخص العارضة الأخيرة من السؤال فنحن ما زلنا نضع الشئ الى جانب ضده و نقول الشئ و نعني عكسه والمفاهيم ما تزال مختلطةَ و التجارب ملتبسة و جملتنا إختصار لجمل متنافرة وهكذا نحتاج مؤتمر لتحديد المفاهيم و إظهار ماهيتنا و تبيان النماذج الصالحة لنا إنطلاقا من وضعنا الفعلي و ظرفنا الملموس.




هل كانت هناك بنود - غير معلنة - في إتفاق بيكر تعطي لقيادة بوليساريو ضمانات خصوصا في الفترة التي تسبق الاستفتاء ؟


لاعلم لي ببنود سرية لأن مهمتي في قيادة المفاوضات أنهيت مباشرة بعد لندن التي أبرمت فيها صفقة مع بيكر مفادها إلتزام الطرف الصحراوي بالعودة الى مواصلة تحديد الهوية التي كان قد أوقفها رفضا لمناورات الطرف المغربي و محاولاته تضخيم أعداد المشاركين الذين لم يشملهم إحصاء 1974. مقابل إلتزام الطرف الصحراوي تعهد بيكر بإحضار وفد مغربي عالي المستوى الى لشبونة لإنطلاقة المفاوضات الرسمية المباشرة تحت إشراف الأمم المتحدة. وضربنا الموعد في لشبونة و لم أحضر ذلك اللقاء كما هو معروف. تقديري أن جولات بيكر كانت جلبا للنصب التي وضعت على قبر مخطط السلام و أنه أوصلنا الى القبول و لو مبدئيا و لو في مرحلة إنتقالية بالحكم الذاتي و هذا من قبله ليوم واحد عليه إقناع من لايريد الإقتناع بضرورة التخلص منه في اليوم الثاني.




مع مرور الزمن وتعاقب الممثلين والمفاوضين والمخططات المختلفة أتضح أن إستراتجية " التنازلات من أجل إحراج المغرب وتجميل الصورة -أو تقديم جميل - أمام الامم المتحدة" لم تكن موفقة، على ضوء هذا الطرح ماهي الأستراتجية الأمثل التي يراها المفاوض السابق ملائمة للمرحلة الحالية؟

الاستراتيجية المثلى، جاء المؤتمرالثاني عشر بجل عناصرها ورتبها ترتيبا ضمن سلم أولويات - التنظيم السياسي، الجيش، العمل الدولي، إنتفاضة الإستقلال، الإعلام، الثقافة، الإدارة و الخدمات - هذه الخطةَ (جْبنا منها الّلِي جاب َبّبة من القنوت ( أو طبقناها بقراءة (ويل للمصلين ). و بما أن الشئ بالشئ يذكر فلا يحتاج من (يعرق وينشف ) اليوم لإستخراج الأفكار من الأعماق أن يزيد إبتعاده في التيه بحثا عن ضالة عثر عليها المؤتمر السابق وعقلها ولكن البعض لا يريد التعرف عليها إمعانا في (تعذيب الذئب بسرحة الغنم أو خنق الحوت بالماء ). المنطق السليم يدعو الى تغيير المنفذ حينما لا تسير الخطة حفاظا على الهدف إذ في كل مشروع هدف و منفذ وخطة و أول مرشح للتعديل و التبديل و التغيير هي الخطة ولكن بعد عقدين من هذا التمرين لم تبق هناك من محاولة مجدية قبل تغيير الهدف سوى تبديل المنفذ، إذ في المعادلة كلها لا من طرف مقدس غير الهدف الذي يسمو على الخطط و المنفذين. أما إن حصرنا الجوا ب على تفصيل – المفاوضات - فنحن لم تعد لنا مرجعية غير - حل سلمي متفاوض عليه و مقبول من الطرفين- و بالتالي أصبحنا لا نعرف ما نفاوض عليه أو ما نراهن عليه غير المواظبة على صلاة الجماعة خلف الممثل الشخصي و التضرع أن يرضى عنا محمد عبد العزيز و المجتمع الدولي. لقد نصحتهم أيام بيكر بإرسال مفاوض أبكم و مع الممثل الشخصي الحالي بمفاوض أطرش و لا شك أن المرحلة القادمة و في ظل عجزنا التنافسي مع آلة إنتاج الممثلين الشخصيين للأمم المتحدة فالأنسب أن يكون مفاوضنا أصم و أبكم..

 


كيف ينظر البشير مصطفى السيد الى قضية الصحراء الغربية في ظل التطورات الحاصلة في المنطقة العربية. وكيف يرى الحل الأنسب في هذه المرحلة بالذات؟

وضعنا يتميز بالجمود و إلانسداد ليس فقط على المستوى الخارجي ( المفاوضات و التقدم الدبلوماسي ) إنما و تلك الطامة الكبرى على المستوى الداخلي كذلك (الإمعان في التفرد بكل القرارات و مراكمة الصلاحيات المطلقة و التسمر على المقود مع العجز عن إنتاج آية طاقة دفع آو خلق مبادرة آو فتح أفق ) ، تشتت النخبة نتيجة التباين الحاد في المستويات وإختلاف التجارب و لكن وعلى الأخص نتيجة النفاق الوليد الأول للرهبة و الرغبة، فقدان المجتمع المدني و تخلف الثقافة السياسية للقاعدة الشعبية. مررنا منذ سنة 1976 (المؤتمر الثالث ) والى السنة الحالية ( المؤتمر الثالث عشر ) بنوعين إثنين من القيادة: جماعية فشلت سنة 1988ـ عمرت 12سنة ـ و قيادة فردية كتسوية وهي التي تعلن إفلاسها وتهدد بإفلاس كافة المشروع الوطني إن هي عمرت يوما زائدا على أيام المؤتمر الثالث عشر .الحل و ليس من سحر يعطيه وإنما يتشكل من طرح الأسئلة الجوهرية بدون رياء أو مواربة والجواب عليها من دون نفاق أو لف آو تأجيل آو ترحيل. القيادة الفردية إبنة للشلل وربة للأنسداد والجمود فلا هي ثورة تنتج المبادرات و تطلق التحديات وتصنع المعجزات ولا هي دولة تضمن أجود الخدمات وتصون أقدس الحريات وتأخذ بأروع التجارب وتتبع أنصع النماذج.

كثر الحديث مؤخراً عن "الإصلاح" أو "إصلاح النظام". من وجهة نظركم هل هذا الاصلاح أصبح ضرورة حتمية تفرضها التغيرات الحاصلة في المجتمع الصحراوي وفي محيطه الأقليمي ؟ وإذا كان الأمر كذلك كيف ترون الطريقة الأنسب لإنجازه. هل طريقة "التدرج في تلك الإستحقاقات ببرنامج محدد" أم أن درب " الثورة زينة " هو الأنسب؟


الإصلاح شعار للتقدم ودعوة اليه بالأسلوب الوديع الدينامي التدرجي ويقابله كشعار ولكن بالوثبة ودعوة ولكن بالصرخة التغيير .الإصلاح لا يعترض عليه عاقل و لايرده ذو حكمة و ليس في أرض العرب والأفارقة و المسلمين أحوج منا الى الإصلاح طلبا للفلاح. قيادتنا السياسية تأتي من حيث التعمير السياسي مباشرة بعد أمعمر و قبل مبارك و صالح و الأسد بكثير والأجيال تنتظر دورها وتتساءل ما إذا كان زوال القضية الوطنية هو مفتاح تبديل القيادة السياسية و هل سينتهي المشروع الصحراوي عند رئيس واحد.



جبهة البوليساريو على أبواب مؤتمرها الثالث عشر، من وجهة نظركم، هل تلاحظون - تستشفون -أن هذا المؤتمر سيشكل " قفزة نوعية" لتبقى البوليساريو "رائدة " في الدفاع عن حقوق الصحراويين أم أنه سيكون مجرد "نسخة" من المؤتمرات السابقة لتبقى دار "بوليساريو" على حالها ؟

علينا أن نتمنى أن يكون فعلا مؤتمرا فارقا بين أمس الضعف والجمود والتفرد وغداً القوة و التوثب والمشاركة وعلى اللجنة التحضيرية والمجتمع المدني والنخبة غير المنتفعة و بالتالي الصادقة أن تحفزنا على السير الواثق و الحثيث نحو ذلك. الصعوبات جمة والمعرقلات جيوش منها الخائبة آمالهم و غيرالمهتمين والمنافقون وغير العالمين. معالم الطريق التي وضعها المؤتمر الثاني عشر لا تحتاج سوى المساءلة الصارمة و الحساب العسير على التفريط فيها و إصلاح نمط القيادة أو تغييرها.





عطفاَ على السؤال السابق، هل سيشارك البشير مصطفى السيد في هذا المؤتمر وبآي صفة وهل ترون لكم مكان في القيادة القادمة - بعد المؤتمر المرتقب - ؟


لن يهم كثيرا حضوري من عدمه. لا شك ان علي دينا ثقيلا ممن منحوني ثقة كبيرة ربما لا أستحقها وعلي ان أجد المكان و الزمان و الحجة لمقابلة و مكاشفة هؤلاء.

نقلا عن صحيفة المثقف الصحراوي الاليكترونية
http://www.msahrawi.org