اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

قضاة واعلاميين ومثقفين يراسلون اللجنة التحضيرية للمؤتمر

كتب بواسطة : futurosahara on 19‏/10‏/2011 | الأربعاء, أكتوبر 19, 2011



مساهمات واقتراحات من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه

مقدمة :

إن الأوضاع التي يعيشها شعبنا منذ عقدين من الزمن على الأقل، قد ازدادت تدهورا وخطورة خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لعدة أسباب موضوعية، ولبروز عدد كبير من الظواهر الإجتماعية والسياسية التي باتت، في نظرنا، تشكل خطرا حقيقيا ليس على التنظيم السياسي الصحراوي فحسب، بل وعلى وجود شعبنا، ومصيره ومجتمعه وأخلاقه. ولأننا مقتنعون بمسؤوليتنا كمناضلين صحراويين مؤمنين بعدالة قضية شعبنا، ومصرين على مواصلة الكفاح في إطار المشروع السياسي الوطني الجامع الذي أطلقته ثورة الـ20 ماي، ولا زالت تقوده، فقد قررنا نحن الموقعون أسفله الإستفادة من المادة العاشرة من القانون الأساسي للجبهة والتي تقول أن:
"لكل مناضل في صفوف الجبهة الحق فـــي:
  • المطالبة بتطبيق مقررات مؤتمر الجبهة واحترام القانون الأساسي ودستور الدولة وتنفيذ قرارات وتوجيهات الهيئات الوطنية ومكاتبة الهيئات المعنية والمختصة حين يرى ضرورة لذلك.
  • الإدلاء برأيه شفويا أو كتابيا والمساهمة في صنع كل المواقف التي تتخذ إزاء القضايا التي تناقشها هيئته.
  • ممارسة النقد والنقد الذاتي البناء في إطار الهيئات سواء تعلق الأمر بأخطاء أو بأنقاص الهيئات أو بأحد أعضائها.
إلى أخر ذلك من الحقوق التي نتمسك بها، ونود ممارستها من خلال مساهمتنا بهذه الورقة، لهذا ارتأينا الإدلاء بدلونا في النقاش الوطني الجاري في إطار التحضير للمؤتمر الثالث عشر للجبهة، ليس فقط لنقد الوضع الحالي، بل لطرح جملة من الرؤى والمقترحات والحلول التي نعتقد بجدواها، وضرورة التفكير فيها والبحث عن سبل تطبيقها وطنيا لإنقاذ المشروع الوطني من الأخطار المحدقة به.

تشريح للوضع الحالي:

لن نغوص في التحليل والتفاصيل المتعلقة بالوضع الراهن، بل سنطرح المشاكل التي نرى ضرورة التعاطي معها على شكل نقاط مقتضبة وواضحة:
  1. غياب التواصل التام بين التنظيم السياسي والمواطن، حيث لمسنا لدى العديد من المواطنين، وأحيانا كثيرة الأطر، جهلا شبه تام بما يجري ويدور من أحداث ومستجدات على المستوى الدولي، أو على مستوى الأمم المتحدة، والسبب الرئيسي هو فشل التنظيم السياسي في ربط الإتصال بالمواطنين. إنه لمن الخطير أن ينجح العدو ودعاياته في بث البلبلة في نفوس المواطنين في حين يعجز التنظيم عن تمكين هذا المواطن من فهم قضيته بتفاصيلها، وتسليحه بالمستجدات اليومية بشكل جيد، وكشف الدعايات الكاذبة، وتوضيح أهدافها وأسبابها ووسائل نشرها في المجتمع.

  1. تقول المادة 11 من القانون الأساسي للجبهة أن من واجبات المناضل فيها: "محاربة الظواهر السلبية من قبلية وجهوية وأي شكل من أشكال التمييز والرشوة والمحسوبية والتسلط واستغلال الممتلكات العامة أو للسلطة لأغراض شخصية وضيقة بإعتبارها جريمة في حق الشعب والوطن"، في حين نحن شهود على تفشي الرشوة، والمحسوبية، والتعاطي وفق المصالح والعلاقات القبلية، والتكسب من المناصب ، وكل هذا قد أصبح بمثابة أمر واقع مقبول من طرف المواطن، ومتجاوز أو متغاضى عنه من طرف الجهات الرسمية، التي قد تكون متورطة بشكل أو آخر أحيانا والتي تعتبر مسؤولة عن تفشي هذا الفساد في نهاية الأمر بحكم مسؤوليتها السياسية عن المجتمع والمؤسسات والمشروع الوطني.

  1. تقول المادة 12 من الدستور: أن "مؤسسات الشعب ملك له ولا يمكن استغلالها أو تحويلها عن الأغراض والأهداف الدستورية التي أنشئت من أجلها"، تقول والمادة 19 من الدستور أنه: "لا يمكن أن تكون الوظائف في مؤسسات الدولة مصدرا للثراء ولا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة أو مصالح مجموعة ضيقة  قائمة على أساس الجهوية أو المحسوبية أو القبلية، تجرم هذه الأفعال ويعاقب عليها طبقا للقانون"، لكننا نلاحظ غياب البناء المؤسساتي، حيث أن المؤسسات مرتبطة بالأشخاص وأمزجتهم، ونلاحظ تفشي ظاهرة استبداد المسؤول الأول وحاشيته بالأمر والنهي في تسيير المؤسسة، ولو لضياعها، دون أن يتخذ التنظيم أية إجراءات ردعية تظهر للمواطن، وللعامل البسيط أنه محمي من طرف الدولة. ونتيجة لهذا الامر تفشت ظاهرة الطرد التعسفي للعمال، والتوظيف العشوائي وتوظيف عمال على أساس قبلي أو مصلحي، وتفشي تهميش عمال على حساب آخرين حسب درجة الولاء والقرابة للمسؤول الأول. كما تفشت ظاهرة استغلال المسؤول الأول لواردات المؤسسة من ميزانية أو مشاريع، وفي أحيان كثيرة يبدو أن المسؤول الأول يستغل منصبه وكل الإمكانيات المادية والمالية للمؤسسة للإستغناء والإثراء بلا سبب، حتى أصبحنا نسمع عن إبل فلان، ومنزل فلان في اسبانيا أو تيندوف أو غيره، دون الحديث عن تصرفات المسؤولين غير العملية ولا المحترفة أحيانا، واستبدادهم بالرأي في تسيير المؤسسات وعرقلة أية أفكار مهما كانت إيجابية إن صدرت عن أشخاص غير موالين لهم..الخ.

  1. تقول المادة 11 من القانون الأساسي للجبهة أن من واجبات المناضل فيها: "السهر على حماية مكاسب الجبهة وتطويرها وعقلنة استخدام واستغلال الإمكانيات العامة ومحاربة مظاهر التبذير والإهمال والتفريط"، في حين تفشى تبذير المال العام بشكل لم يسبق له مثيل في واقعنا الحالي، لدرجة أنه أصبح أمرا عاديا، بل ومقبولا من الجميع، وهو ما يتسبب ليس فقط في ضياع المال العام، بل وفي تربية أجيال كاملة على السرقة، وفساد الأخلاق، والغش، والبحث عن الربح السريع، والجريمة. إضافة إلى ذلك، تتسبب هذه الظاهرة في عرقلة العمل، حيث تسرق الميزانيات، وتجمد المشاريع أو تخسر بسبب سرقة مخصصاتها الخ. وتتسبب في تبني النظام لمنح المناصب حسب موازين قبلية/سياسية، أو ما يتعارف عليه في المجتمع الآن بظاهرة "الكرعة"، وهو أمر خطير وقاتل للتنظيم ولبناء الدولة، وتربية خاطئة للمواطن وللأجيال التي لم تفتح أعينها على التنظيم خلال سنوات الحرب والإنضباط.

  1. تفشي ظواهر الترف، والجاه والإغتناء التي أصبحت فاضحة على عائلات القيادة وبعض عائلات المستفيدين من الواقع الحالي، هذه العائلات التي أصبح أبنائها يتنافسون على اقتناء السيارات الفاخرة، والمنازل، ويصرفون الأموال الطائلة للتباهي امام الناس من الضعفاء، ويقضون العطل الصيفية في الخارج، ويحصلون على الفيزا التي يضطر المواطن لشرائها بالملايين أحيانا، ويدرس أبنائهم في الجامعات الأجنبية.. الخ وهي كلها مظاهر تنزع أية مصداقية عن القيادة، وتشكك المواطنين في صدقيتها وجديتها في الدفاع عن القضية الوطنية، وتخلق أزمة ثقة حقيقية بين القاعدة والقيادة. ومن جهة أخرى، تؤثر هذه الظواهر على تشجيع عدد من الإطارات المتوسطة على اتباع هذا المثل السيء، والمحاباة، والتزلف، وموالاة القائد للتكسب ولتحصيل الفائدة، وبالتالي، تصبح قيادة المجتمع ونخبته عبئا على المواطن وخطرا على القضية الوطنية، في حين تضطر فئة أخرى للهروب من هذا الواقع بالهجرة إلى الخارج.

  1. انتشار ظاهرة خلق المؤسسات والمناصب من أجل الأشخاص للترضية.

  1. ضعف الأداء على المستوى الخارجي والنقص الكبير في تمثيلية الشعب الصحراوي في البلدان الأهم على الإطلاق، في بريطانيا، ممثل ونائبه، في الولايات المتحدة، ممثلان، في فرنسا وروسيا ممثل واحد، ولا أحد في الصين.. دون اعتماد مقاييس الكفاءة والجدارة في تعيين الممثلين.
إن النقاط التي أثرنا هي مجرد غيض من فيض، وهي في المحصلة عراقيل حقيقية وممارسات مشينة وخطيرة باتت تحول دون الوصول للهدف المنشود والمصير المستقبلي الذي لا زلنا مؤمنين بأنه لن يكون إلا الاستقلال الوطني، وبناء دولة صحراوية، مستقلة، ديمقراطية، دولة حق وقانون. وبدافع روح المسؤولية تجاه الشعب والوطن وتقيدا منا بالقانون الأساسي للجبهة ودستور الجمهورية، وانطلاقا من المادة 19 و المادة 25 من الدستور، ومواد القانون الأساسي للجبهة 10 و 11، وحتى لا يكون المؤتمر القادم مجرد محطة إحتفالية لا تعمل إلا على تكريس هذا الواقع الخطير وشرعنته فإننا نقترح نحن الموقعون أسفله مجموعة أفكار نرجو أن تطلع عليها اللجنة التحضيرية للمؤتمر بجدية، مؤكدين أننا لا نهدف من وراء ورقتنا هذه لأي مصلحة شخصية، أو استفادة ذاتية بقدر ما هي بدافع وطني خالص:

  1. نعتقد أن هنالك ضرورة لتعديل صلاحيات أعضاء الأمانة الوطنية، وذلك بعدم تكليفهم بأية مهمة تنفيذية عملا بنص المادة 63 من الدستور والتي تقول الفقرة الأولى منها مايلي: "الحكومة جهاز تنفيذي يعمل بتوجيهات الأمانة الوطنية وهي مسؤولة أمام الأمين العام للجبهة ورئيس الدولة"، وبالتالي يتم تمكين أعضاء الأمانة من ممارسة دور الرقابة، والتوجيه. وبالتالي يعرف كل من يتقدم للترشيح للأمانة الوطنية أنه لن يتمكن من الإستفادة ماديا من منصبه، ويكون التنافس من منطلق الغيرة على القضية الوطنية وتقوية التنظيم السياسي، وليس لتحصيل فائدة شخصية.

  1. إيجاد حل من أجل توسيع قاعدة المشاركين في المؤتمر ليكون عدد المنتخبين ضعفي عدد المشاركين بالصفة، وذلك من أجل تطبيق حق الشعب في الممارسة الديمقراطية الحقيقية.

  1. إيجاد قانون للمالية، وتفعيل آلية لمراقبة إنفاق المال العام.

  1. وعلى اعتبار أن سن أي ضريبة بدون تشريع من البرلمان يعتبر جريمة وفقا للقوانين في جميع أنحاء العالم، نحث على ضرورة تقنين سن الضرائب، وردع أي مسؤول أو جهة تسن ضرائب عشوائية على المواطنين، على اعتبار أنها مجرد إتاوات وغرامات غير شرعية.

  1. العمل بالقضاء الإدراي، للحد من الشطط في استعمال السلطة.

  1. خلق قانون للصحافة يضمن حريتها، ويحدد مسؤوليات العاملين فيها وحقوقهم.

  1. تفعيل المادة 19 من الدستور على شكل لوائح تنظيمية تسري في القوانين الداخلية للجهات المعنية بحيث يصبح معها بمقدور الجهة القضائية (محكمة الجزاء) معاقبة مرتكبيها طبقا للقانون.

  1. ولأن السلطة المطلقة فهي مفسدة مطلقة فإننا نطالب بتحديد صلاحيات الأمين العام الذي هو رئيس الدولة، وصلاحيات كل المسؤولين (مدنيين وعسكريين).

والله ولي التوفيق