اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

النظرة حد الانف ...

كتب بواسطة : futurosahara on 19‏/01‏/2012 | الخميس, يناير 19, 2012


عثمان احمد محمد الشيخ                                                
مثل لطالما ردده العرب لمن لايرى الامور إلا قرب أنفه.وعندنا في المثل العامي الحساني "أفلان مايشوف ماهو عند أخنافرو"وهو ما حذا بنا في هذا المقال أن نضربه لمعرفة ما إن كان يتطابق ونظرتنا للاشياء ومسمياتها في واقعنا اليومي الذي نعيشه ونحياه.
فلا غرابة أن يكون الحال هذا ينطبق على من له مفاتيح تسيير امورنا وقضايانا المصيرية وبالذات مايتعلق بقضيتنا الوطنية التي تعتبر ام القضايا واهمها منذ ان لجأ الشعب الصحراوي لحمل مشعلها سنة 1970.
فلم يعد من المعقول ومنذ ان تأسست الحركة "الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء وواد الذهب " أن تدار وفق مزاج طقمة متفردة بصنع القرار داخلها .في تجاهل تام وصارخ لمبدأ الشورى والاحتكام للقاعدة الشعبية في القرارات المصيرية التي تهم الجميع.
مع بعض التحليل والتأمل للقرارات التي صدرت عن المؤتمر الثالث عشر للجبهة نجد أغلبها يفتقد لاستشراف المستقبل وتطلعات الجماهير التواقة للتغيير والاصلاح الذي قد يوجه دفة القارب نحو طوق النجاة من الغرق وسط  خضم مرحلة تمر بها القضية الوطنية مليئة بالمطبات والعواصف التي تضرب هنا وهناك وقد لانكون في منأ منها .
وسط هذا الكم الهائل من المتغيرات الدولية المتسارعة وسرعة نقل الاحداث والوقائع لم نجد في قرارات المؤتمر الاخير اية إسترتيجية واضحة تعطي ولو النذر اليسير من الامل لهذا الشعب حتى يظل يتمسك بأهدافه المشروعة المتمثلة في الحرية والاستقلال التام.
والسبب في عدم وضع إستراتيجية واضحة المعالم وإبراز سماتها لعلها تتمثل في غياب الوعي الديمقراطي الصحيح وفهم العملية السياسية للقيادة الحالية للشعب الصحراوي والتي خولها إدارة دفة المعركة مع العدو. والرجوع له في الحالات الاستثنائية والخاصة وعدم تجاهله.مع الاستهتار الواضح بعقلية الشعب وممارسة الوصاية بحقة والتي لم يفهم القادة الحاليين أن الشعب أبقى منهم|||.
التمترس خلف النظرية الثورية التي تضفي الصبغة الشرعية على "المنصب" والاحتماء بالمكاسب النضالية للشعب مما يؤهل هذه الطقمة للتحضير للخلود  على كراسيها.
فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن إستحداث وزارة" كوزارة إعمار الاراضي المحررة"في المؤتمر الثاني عشر  كان عنوان لذر الرماد في العيون .فهذا المنصب لم يكن مبني على اية إستراتيجية وتخطيط مسبق وإنما جاءت كردة فعل متسرعة بغية إرباك المواطن وأستباقه للأحداث رغم انه مطلب جماهيري ملح.ومن أراد أن يقف على ذالك فما عليه سوى الوقوف بنفسه على ذالك في المناطق المحررة ,والتى الى حد اللحظة لم تمهد بها أرضية ولم يزرع بها حجر ولا شجر .اللهما إذا إستثنينا بعض المشاريع التي تم تمويلها من قبل بعض المتعاونيين الاجانب كالمشروع السكني والرياضي بمنطقة التفاريتي المحررة.
نفس الامر ينطبق على كتابة الدولة للبيئة والمياه ورغم نبل الهدف وحداثة التجربة فأن الامر لم يعدو كونه "سمعنا الجعجعة ولم نرى لها طحين" .فلاهي إستطاعت أن تقهر عطش مواطنينا وتسولهم للماء في "لحمادة" ولا الذين إستبشروا بها خيرا في ريفنا الوطني الذي طالما حلموا بمن يمن عليهم بإلتفاتة لطيفة تغيهم المعاناة الطويلة جراء التهميش والامبالاة التي تعاملهم بها الدولة إثر قرارهم التمسك بأرضهم والصمود بها. وكأنهم مواطنين من "درجة أخرى"رغم المساعدات التي تتبرع بها نواحي جيش التحرير عليهم ومبادراتها المشكورة في دعمهم ومدهم بسبل الحياة في الاوقات الصعبة على حساب برامجها و إمكانياتها المحدودة والمتواضعة.
نفس المخاوف لمسناها في أول حديث خص به الوزير الجديد التلفزيون الوطني أثناء إستلامه لمهامه وهو القادم من الاراضي المحررة وأعتقد أنه يقدر جيدا حجم المهام الملقاه على جهازه الجديد والذي سوف يكون بغير ذي جدوى إن لم تعطى له الدعم والعناية الكافية كغيره من المؤسسات الي تهدر فيها المبالغ الطائلة ولايعود فيها النفع على المواطن لا من غريب ولا من بعيد.
فعندما نرى السياسة المتبعة في  صرف المبالغ الطائلة والتي تقدر بميئات المليارات من الدنانيير على وزارة كالخارجية وعلى مكاتب في مشارق الارض ومغاربها وهي لاتقدم إلا الهزيل والنذر اليسير من العمل ؟ومهرجانات التطبيل والتزمير التي كثرت في زمننا هذا والتي تضخ هي الاخرى مبالغ مالية كبيرة لو أنها أستغلت في مجالات أخرى تنموية وخدمية لعادت بالنفع على المواطن الذي هو أساس التنمية ومقصدها .
كما ان التجاهل الغير مبرر للسياسات التي تخص الشباب  وفرص العمل والتشغيل لجيوش من العاطلين عن العمل وطاقات وكم بشري هائل ,قد يصبح في يوم من الايام بؤرة أيلة للإنفجار إذا لم تستقل أحسن إستقلال وتوظف إمكانتها وجهودها في مسار يلبي إحتيجاتها المادية و الاجتماعية .
فمن غير المعقول أن تدار الامم والشعوب وفق سياسات وحسابات شخصية ظرفية وضيقة ولا يتم فيها إستشراف المستقبل بالطرق العلمية الحديثة ,فنحن لسنا بمعزل عن هذا الكون ولا نعيش في جزيرة منفردة حتى نظل نتخبط في مجموعة من السياسات الغير مدروسة ولا تدخل التخطيط والاسترتيجية في بنيتها. فعلى المعنيين تدارك الامر وإلا فعلينا .....السلام.