بقلم الصحفي: البشير محمد لحسن
أن تقوم المخابرات المغربية بفبركة الرسالة المزعوم توجيهها من قبل الرئيس الصحراوي الى بعض الجهات في الدولة فذلك ليس بالجديد، لكن أن يعمد عمل مثل ذلك الى جهاز مخابراتي مثل المخابرات المغربية و يكون إخراجه بالطريقة التي رأيناها فذلك ما لم نكن نتوقعه.
الوثيقة تحمل بعض الأخطاء التي كشفتها مجلة المستقبل، و أخرى لم يكشف عنها، فالأخطاء الظاهرة تمثلت في بعض الأسماء و التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تخرج خاطئة من رئاسة الجمهورية. هذا إضافة الى التوقيع الذي أثبتت المستقبل و بالصورة مخالفته لتوقيع الرئيس الصحراوي.
الوثيقة المزعومة التسريب تتزامن مع إلقاء القبض في ألمانيا على جاسوس يعمل لصالح المخابرات المغربية، و هو يقوم بالتجسس على بعثة البوليساريو هناك. و هو ما يعكس بكل وضوح محاولة مفضوحة من المخابرات المغربية صرف النظر عن هذا الخطأ الإستخباراتي الجسيم بألمانيا، و محاولة تعويضه بوثيقة رديئة الإخراج.
من مفارقات الوثيقة أيضا ورود أخطاء في الصياغة الأدبية، وسنبين ذلك، حيث ورد في الوثيقة مايلي: "في إطار دعم الانتفاضة داخل المناطق المحتلة و العمل على الرفع من معنويات المناضلين الصحراويين في مواجهة العدو ...... و تواصل الوثيقة الى أن تقول: لصرف راتب شهري للنشطاء الصحراويين الستة العشر الأعضاء في الأمانة الوطنية". و من المعلوم انه في أدبيات البوليساريو هناك مميزات للخطاب الرسمي الصحراوي، و هي عبارات تستعمل بصفة رسمية في جميع الخطابات و الرسائل الرسمية سواء الصادرة عن رئاسة الجمهورية أو أي جهة تنظيمية أخرى. و لو كانت الوثيقة صحيحة لجاءت الفقرة كالآتي:
"في إطار دعم الانتفاضة داخل المناطق المحتلة و جنوب المغرب، و العمل على الرفع من معنويات المناضلين في مواجهة العدو ........ تقرر صرف استفادة شهرية لأعضاء الأمانة الوطنية الستة عشر".
و ورود عبارة المناطق المحتلة غير متبوعة بعبارة "جنوب المغرب" هو أول الأخطاء الواضحة في الوثيقة، لان البوليساريو سواء في رسائل الرئيس الى الجهات الدولية، أو الخطابات في المهرجانات أو غير ذلك، دائما يقترن اسم المناطق المحتلة بجنوب المغرب و لا يمكن التفرقة بينهما. و لو كان معد الوثيقة ذكيا لأضاف عبارة جنوب المغرب لأنه من بين الأسماء الواردة في الوثيقة توجد شخصية من جنوب المغرب.
الأمر الثاني و الذي يمكن التفطن له دون عناء هو أن الرسالة داخلية موجهة الى بعض المؤسسات و لا ضرورة لذكر عبارة "المناضلين الصحراويين"، لان الوثيقة موجهة من إدارة صحراوية الى أخرى. و من المعلوم انه لا يوجد مناضلين مغاربة بالمناطق المحتلة، و بالتالي كان بإمكانهم الاكتفاء بعبارة "المناضلين بالأرض المحتلة و جنوب المغرب" و لا داعي لكلمة الصحراويين.
الأمر الثالث هو أن عبارة "راتب شهري" لا توجد في أدبيات البوليساريو، بل تعوض بكلمة "استفادة"، و الموظفون بالدولة الصحراوية يتقاضونها بشكل شهري أو موسمي لكن رسميا يطلق عليها اسم "استفادة" و ليس "راتب شهري".
الأمر الرابع هو أن هؤلاء الوزراء المذكورون، و هم كالتالي حسب الوثيقة: "الوزير الأول، رئيس المجلس الوطني ووزير شؤون الأراضي المحتلة و الجاليات و الريف الوطني". في الحقيقة أن هؤلاء الوزراء الثلاث يعرفون جيدا أسماء أعضاء الأمانة الوطنية بالمناطق المحتلة و جنوب المغرب، و ما من داعي لإرفاق الرسالة بأسمائهم، بل كانت الوثيقة ستكتفي بذكر قرار اعتماد استفادة شهرية لأعضاء الأمانة الوطنية بالمناطق المحتلة و جنوب المغرب. و من هنا جاء خطأ الوثيقة المزورة في تكرير كتابة الأسماء في و هي معلومة أصلا لدى هؤلاء الوزراء الثلاثة و كأنهم لأول مرة يسمعون بأعضاء للأمانة الوطنية بالمناطق المحتلة و جنوب المغرب. مما استوقفني أيضا الكتابة الخطأ لاسم وزارة شؤون الأرض المحتلة و الجاليات و الريف الوطني، الذي ورد بإسم "الأراضي المحتلة"، و هو خطأ يثبت جهل معد الوثيقة بتفاصيل تسمية وزارات الدولة الصحراوية. و في الختام يظهر جليا أن معد الوثيقة، و بعد أن ارتكب العديد من الأخطاء السياسية و الأدبية، يختمها بخطأ نحوي لا يمكن توقعه من جهاز يستنزف أموالا طائلة كجهاز المخابرات المغربية، حيث ذكرت الوثيقة ما يلي: النشطاء الصحراويين الستة العشر الأعضاء في الأمانة الوطنية""
و الأصح هو : "النشطاء الصحراويين الستة عشر الأعضاء في الأمانة الوطنية".
و ما يمكن الوصول إليه أن محاولات سيئة الإخراج كهذه الوثيقة، لاشك أنها تضر بسمعة جهاز الاستخبارات المغربي، و تؤكد عجز الاحتلال المغربي عن فهم الصحراويين و طريقة تفكيرهم.