محمد لحسن
اذا كان لابد من شعار للمرحلة التي ولجنا اليها منذ المؤتمر الثالث عشر، فهو الاتي التراجع عن الديمقراطية هو الحل بدل الدولة الصحراوية هي الحل، لأننا بدأنا في تجسيده فعليا في المؤتمر، ويبدو ان قيادتنا الرشيدة تمتلك الإرادة والجرأة لتجسيده كل ما سنحت الفرصة بذلك ، فبعد مهزلة الملتمس التي وقعت في المؤتمر الماضي وتم بموجبها مصادرة ارادة المؤتمرين، هاهي القيادة الرشيدة نفسها، تجسد شعارها مرة أخرى، بخطوة ديمقراطية اخرى لا تقل اهمية عن الاولى.
فوبيا التغيير
الغريب في الامر ان هذه القيادة تتصرف وكأنها تعيش في جزيرة معزولة عما يحدث في العالم، ففي الوقت الذي يعيش فيه محيطنا الاقليمي وبعدنا العربي على وجه الخصوص ـ الذي نتقاسم معه كل صفات حب السلطة والخوف الهستيري من التغيير والبطانة الفاسدة والشبيحة وكل صفات الانظمة العربية ـ على وقع الثورات وهدير الشعوب التي اسقطت في طريقها حتى الان انظمة كانت الاكثر قدرة على الترهيب بما تمتلك من الة القمع والأكثر قدرة على الترغيب بما تمتلك من المال وتتربص بالباقي منها.
في هذا الوقت بالذات تصر هذه القيادة على استغباء الناس بفرض قواعدها على الديمقراطية، الديمقراطية كأي لعبة اخرى يجب ان تحترم قواعدها او ان لا تلعبها من الاساس، فكما لا يمكن في كرة القدم ان تسجل هدفا بيدك ، لا يمكن ان تتيح للناس حرية الاختيار وترفض في النهاية اختيارهم لأنه لا يتماشى مع ارادتك او تعطيهم فرصة واحدة للاختيار هي في النهاية ارادتك . ففي الوقت الذي تفرض فيه الديمقراطية قواعدها على الانظمة حتى لو بقوة السلاح كما حدث في ساحل العاج او يحدث في العالم العربي تجهد قيادتنا نفسها في فرض ارادتها على لعبة الديمقراطية تارة بخرافة اسمها الملتمس وتارة بخرافة لا اسم لها، هاجسها الوحيد هو ان تحافظ على القديم كما هو فما ذا كان سيحصل لو تقبلنا ارادت المؤتمرين ؟ او ماذا كان سيحل بنا لو انتخب البرلمان رئيسا آخر، الاكيد لن يحصل شيء في الحالتين ، لكن فوبيا التغير تسيطر على تصرفات هذه القيادة.
البرلمان الجديد " هذي اللولى من حلبات الذيب"
قد يكون في هذا العنوان نوع من الاجحاف في حق برلمان لم يعقد إلا جلسة واحدة وعمره الافتراضي لا يتعدى السنتين ، وتم انتخابه في زمن يطغى فيه الفساد على كل شي ، إلا ان الذين انتخبوه رغم كل هذه الظروف يعلقون عليه كبير الامال، وقد لا يضعون في حسبانهم كل هذه العراقيل التي لم اذكر إلا القليل منها ، لكن رغم كل هذا سيترك عدم قدرته على اختيار رئيسه بشكل مستقل عن ارادة السلطة التنفيذية الاثر السلبي على الثقة به .
فهذا الرئيس الذي تم انتخابه من طرف النواب هو من اختيار السلطة التنفيذية -هذا اذ كان هناك سلطات اخرى غيرها اصلا - وتم تعينه لهذا المنصب بشكل ضمني منذ تشكيل الحكومة في ديسمبر الماضي ،اذ لم يكلف بأي مهمة في انتظار انتخاب البرلمان لينصب على راسه، وبالتالي فانتخابات الامس ليست سوى امر شكلي وهو في الحقيقة اقرب الى التزكية منه الى الانتخاب، لان الجميع كان يعلم اسم الرئيس حتى قبل انتخاب البرلمان، وهذا في حد ذاته اهانة ق للنواب لان البرلمان بهذه الطريقة لا يتملك ارادة سوى ارادة السلطة التنفيذية، وعلى اللذين كانوا ينتظرون عكس ذلك ويحلمون بقدر من توازن السلطات ان يعلموا ان " هذي اللولى من حلبات الذيب" كما يقول المثل العامي فهذا المجلس الذي لا يستطيع ان يختار رئيسه لا يمكن ان ينتظر منه الكثير فهنيئا للحكومة بهذا المجلس وهنيئا للرئيس القديم الجديد وهنيئا لنا بديمقراطية محسومة النتائج لا تعرف الجديد.