نعم ... يا سادة يا محترمين نحن الخونة فلا تغضبوا ...
في يوم من أيامنا التعيسة بل ومن أكثرها تعاسة وقبل أن كنت قد تناولت وجبة الغداء والتي لم تكن سوى العزيزة والغالية والفاضلة وقدرنا المحتوم الراضون به، الأميرة "اللوبيا" شقيقة جلالة الملك "العدس"، قبل ذلك كنت قد قرأت على صفحات موقع "المستقبل الصحراوي" خبرا تحت عنوان "محضر تسليم الوثائق الصادرة عن المؤتمر 13 للجبهة"، محضر ينشره حصريا موقع "المستقبل الصحراوي"، محضر عجيب غريب، تعيس رديء، مستفز مقرف، فاربطوا إذا أحزمتكم واستعدوا معي ليس للتحليق بل للغثيان.
ورد في ذلك المحضر الكارثة أن "أغلب المتدخلين أثناء نقاش التقرير الأدبي والقانون الأساسي، هم من فئة الشباب وبعض النساء"، والى هنا الأمر عادي أو قد يكون عاديا، لكن انتبهوا لبقية الفقرة .. " في هذه النقطة تحديدا، تولدت لدينا قناعة أن التنظيم بكل مكوناته، خاصة الإطارات، لم يكونوا في مستوى الرد على كل الأفكار الحادة التي حاول البعض تمريرها، بل وفرضها لتغيير مسار النقاش في الإطار الذي يريده" .. والله صدقوني "ما أفهمت والو" .. فهل كون اغلب المتدخلين من النساء والشباب يستوجب من "مكونات التنظيم" و"إطاراته" الرد وان يكون ذلك الرد في المستوى؟، أم أن كون اغلب المتدخلين من النساء والشباب يعني أن طرحهم وأفكارهم كانت حادة؟، وهل كون جل المتدخلين من الشباب والنساء يعني أن هناك أفكارا حاول هذا "البعض" كما يقول المحضر تمريرها بل وفرضها لتغيير مسار النقاش في الإطار الذي يريده هذا "البعض"؟ .. شخصيا لم افهم، ولست حتى واثقا من الفهم لأنني وبكل بساطة حتى وإن لم أكن في ذلك الوقت واحدا من هذا "البعض" فإن مستوى فهمي وفكري لن يهبط أبدا الى مستوى قبول عبارات خشبية مستفزة كهذه.
لكن ثمة تساءل بسيط قد يطرحه أي إنسان اطلع على ذلك المحضر، فبينما كنا نعتقد نحن "الأغبياء السذج" أن كل الموجودين هناك كانوا مؤتمرين منتخبين من طرف قواعدهم بشكل "ديمقراطي" .. "شفاف" و"حضاري" تبين لنا من خلال هذا المحضر أن المشاركين كانوا صنفين هما: "البعض" متمثلا في الشباب والنساء وبقية المؤتمرين و"مكونات وإطارات تنظيم" وشخصيا لا اعرف من هم بالضبط وربما كانوا مجرد أشباح، وهل جاءت تلك المكونات والإطارات الأشباح فقط للرد على "الأفكار الحادة" التي يحاول ذلك "البعض" تمريرها بل وفرضها لتغيير مسار النقاش؟،.. لدي فضول في معرفة أي مسار كانت تريده مكونات وإطارات التنظيم وأي مسار حاول "البعض" فرضه.
لم ينتهي الاستفزاز والإستغباء عند هذا الحد بل يتابع المحضر المهزلة .. "الشيء الذي تبين من خلاله أن المنظمة لم توفي بالغرض المطلوب في تحديد معالم التوجه العام، لتحصين أدواتها وتحضيرها، لتكون في مستوى الحدث وتساهم بجدارة وفعالية في رسم التوجهات الكبرى للسياسة العامة للجبهة، والرد على كل من يحاول تمرير أو فرض أفكار أو أراء لا تخدم المصلحة والإجماع الوطني" .. هنا تكمن المصيبة .. الكارثة .. الطامة .. لاحظوا معي " والرد على كل من يحاول تمرير أو فرض أفكار لا تخدم المصلحة والإجماع الوطني" .. المقصود هنا بالقيام بالرد هي "المنظمة ومكوناتها "والتي يأخذ عليها حسب تعبير المحضر المهزلة أنها "لم توفي بالغرض المطلوب في تحديد معالم التوجه العام"، من اجل ماذا؟،.. من اجل يضيف المحضر الكارثة "تحصين أدواتها وتحضيرها"، وتحصينها وتحضيرها من من يا جماعة؟.. ليس من عبث العدو ولكن من الذي "يحاول تمرير أو فرض أفكار أو آراء لا تخدم المصلحة والإجماع الوطني" والذي لن يكون سوى واحدا أو واحدة أو بعضا من المؤتمرين المحترمين المنتخبين من طرف قواعدهم بشكل "ديمقراطي" .. "شفاف" .. و"حضاري".
والله .. عند هذا الحد أصبحت اشك في أننا صحراويون أو أننا وطنيون، نحن مجرد أغبياء، مجرد تعساء وخونة ومرتزقة، فكيف بسلطة أن "تستحمر"- معذرة على الوصف- شعبا بأكمله وتعتبره تهديدا لأدواتها، شعبا لا يخدم المصلحة والإجماع الوطني، كيف بسلطة أن تستغبي ما يفترض أنها نخبة هذا الشعب "المؤتمرون" بهذا الشكل وتجعل من أفكارهم وآرائهم ومهما كانت ضعيفة أو شديدة الانتقاد أمرا يستوجب تجييش إطاراتها ومكوناتها للرد على تلك الأفكار وتوقيفها عند حدها حتى لا تتسبب في تغيير مسار النقاش الذي تريده.
ربما كان على سلطة الوطنيين الملائكة هذه والتي " لم توفي بالغرض المطلوب في تحديد معالم التوجه العام" حسب تعبير المحضر المصيبة أن تأتي بالحمير .. نعم بحمير هذا المخيم التعيس ليحافظوا لها على المسار الذي رسمت وعلى الاتجاه الذي اختارت وعلى المرور بهدوء نحو المحطة التالية .. فوحدها الحمير في هذا العالم التعيس التي تتقن فن الانصياع وبالضرب على "المؤخرة"، .. الحمير لا تلتفت أبدا الى سيدها لأنها لا تجرؤ .. ونحن مجرد حمير فمعذرة يا سادة ...
لقد تابع الكثير من الصحراويين ذلك المؤتمر أملا في حدوث تغيير ينهي المأساة أو يعطي على الأقل أملا في أنها قد تنتهي عاجلا أو حتى آجلا .. غير أن الذي تبين من خلال هذا المحضر العجيب والذي كان مقدرا له أن يظل مخفيا، تبين أن الحل بعيد .. بعيد .. والأمل ضعيف .. ضعيف .. ونحن مجرد حمير .. حمير ..
آه يا بلد التعساء .. كم فيك من المبكيات؟ .. وكم فيك من المضحكات؟ .. كم فيك من المبكيات المضحكات ؟ وكم فيك من المخزيات؟ .. كم فيك من الفضائح والمصائب والفظائع والكوارث ؟ .. كم فيك يا بلدي من التعساء وكم فيك من البؤساء؟ .. كم فيك يا بلدي من الحمير والقططة والبعير؟ ..
الفقرة التي قرأت من ذلك المحضر السخيف اختتمت ب "تمت المراجعة الشاملة لكل الوثائق، والوقوف على كل الأخطاء الإملائية واللغوية وتصحيحها تلقائيا" .. "تلقائيا" .. المحضر المصيبة يحتوي أخطاء إملائية ولغوية قام الكمبيوتر بتصحيحها "تلقائيا" .. فكم فيك يا بلدي من كلام مقرف ردئي؟ .. كم فيك من محاضرة سخيفة وكم فيك من تقارير تافهة؟ .. كم فيك من كلام مستفز؟ وكم فيك يا بلدي من فعل مشمئز؟ ..
