اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

ماهية الدولة؟؟؟

كتب بواسطة : futurosahara on 29‏/05‏/2012 | الثلاثاء, مايو 29, 2012


 السلامي محمود
 الدولة  الصحراوية طموح أراده الصحراوييون لأنفسهم منذ السنوات ألأولى للكفاح من أجل إجاد الإطار العام الذي يتسع لجميع فئات المجتمع مهما كانت إختلافاتهم .  إطار يضمن الحقوق الأساسية ويصون الكرامة، ويحقق الحرية، ويوفر العدالة ألإجتماعية لكافة أفراد الشعب.
 أعلن الصحراويون عن دولتهم في السنوات ألأولى من الكفاح المسلح. دولة تنشأُ تحت أفواه البنادق بموازات مع حرب التحرير و ما تتطلبه من تضحيات و تكاثف في الجهود وازدواجية في العمل  خدمة لإستراتيجة آنية أملتها ظروف تلك الحقبة، إزدواجية اربكت المناضلين في فهم وأداء مهامهم النضالية في مختلف المراحل، عجز الإطارات والقادة عن فك رموزها وتقديمها في القالب المناسب مما أدى إلى الولوج في مفاهيم نظرية صعبة المنال تُوحي بالتعامل مع الفرد كمواطن في إطار الجمهورية و مناضل في إطار الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. فرد  مواطن في الدولة ومناضل في الحركة وبمعنى آخر فرد مزدوج الشخصية يتصف بهذه أو تلك حسب مقتضيات اللحظة الراهنة ومايُمليه القائد من أوامر وتعليمات و لم تكن السلوكات المترتبة عن هذه المفاهيم ذات عقبة ما  نظراً  لوفرة عوامل الطاعة وألإنضباط  أنذاك. وقد تكون ألابعاد الحقيقية والمغازي الخفية من وراء ألإعلان عن الجمهورية الصحراوية تلك الظروف بالذات قد ذهبت مع مؤسسها لأن الوقت لم يتسع ألى الإفصاح عن الكثير من التفا صيل.  ولربما   أن مخيلة ألإطارات حينها لاتتسع لأكثر من ذلك.
ونحن لسنا في ريبة من أمرنا حتى نشكك في أن شعبنا لايملك مقومات الدولة فهذا أمر محسوم عند القاصي والداني  ، فالشعب الصحراوي موجود وقد أثبت هذا الوجود بمقوماته التاريخية والحضارية. بماضيه التاريخي و حاضره الثقافي وأرضه الساقية الحمراء ووادي الذهب واعتراف المنظمات ألأممية حقوقية كانت أو سياسية  بأن قضية الصحراء الغربية هي قضية تصفية إستعمار وأن حق الشعب  الصحراوي  في تقرير المصير مكفول من الناحية القانونية .
 لكن مافي ألأمر هو أن الشعب أراد لنفسه نموذجاً للحياة ، وهذا هو الهدف ألأسمى من الدولة الفتية نموذجاً يختلف عن الموروث الحضاري القديم. نموذجاً يقوم على علاقة  المواطنة ، علاقة حقوق وواجبات، تخلصه من علاقة  تقوم على  القبيلة والعشيرة و التي  يكون ألإعتبار ألأول وألأخير فيها  لسلم التمايز وجعل القرابة، من قرابة الدم الى قرابة الجهة أو المنطقة. هي مقياس التأهيل. نموذجاً لايمتُ بصلة لما نراه اليوم.
وفي مهد الثورة التحريرية  و محك العمل الثوري اليومي من إسرار للمقاتلين و المناضلين علي تحقيق ألإنجازات برزت الى الوجود ملامح و لبنات الشخصية الوطنية الصحراوية الحديثة في ظل الدولة العصرية بالعمل الدؤوب  للمناضلين والمناضلات وتعاقب المواطنين على مراكز التكوين الوطنية في ألإدارة و التسيير والتعليم والتربية والتخصصات التقنية ألأخرى عسكرية كانت أو مدنية ونظراً لإنضباط وامتثال الشعب لتوجيهات التنظيم إمتد هذا التكوين التربوي الى عامة الشعب وتحولت الولايات والدوائر الى ورشات حية للتدريب والتكوين وتنظيم الحيات اليومية.  إلى درجة أن  المؤسسات التنظيمية تجاوزت صلاحياتها وأصبحت تتدخل إجابياً  في نظام ألأسرة، في العمل والراحة والنظافة والتغذية ، في الزواج  والطلا ق و ألإنجاب و تربية ألأطفال إلى غير ذلك،  وبعبارة أخرى لم يكن هناك فصل بين ماهو عام و ماهو خاص. مجهود أفرز مجتمعاً متعلماً، منظماً، عصرياً، قادًرا على بناء الدولة الصحراوية العصرية ، مجتمعاً جديداً حقاً. تحقق كل ذلك في ظل حرب ضروس حرقت اليابس وألأخضر، حطبها رجال أوفياء ظلوا على ماعاهدوا الله عليه. ذخيرتها أمهات ثُكليات صممن على ألإستماتة في النضال ومؤازرة الرجال في مبتغاهم، أمهات أنجبن أجيالاً يصعب عليها خيانة العهد .
 وكانت  الستة عشر سنة من الحرب المدمرة شبحاً مخيفاً للعدو ورادعاً حقيقياً يَعنف القيادة والإطارات بصفة عامة عن ألإنحراف والخيانة و سرقة مكتسبات الشعب ، بل يلزمهم بالتسابق الى اقتماص الشخصية المثلى في التضحية والعطاء، وتحمل المسؤولية والتواضع.
كانت ثورة حقاً على واقع مرفوض أخذ فيه الشعب زمام المبادرة وظل يتطور تدريجياً نحو ألأفضل ولم يكن للقيادة من دور غير التوجيه والإرشاد. شعب قطع مسافات طويلة وشاقة بأثمان باهضة لاتُعوض.  
لكن توقيف إطلاق النار ودخول بعض الدول الفاعلة على الخط ، والصراعات الداخلية للقيادة على النفوذ جعل بعض ألأطراف تقع في مؤامرة ألإستفتاء  وبدء مرحلة  ألا تحرير و عشرون سنة لاحقة للتدويل والتآمر كانت كفيلة بأن تنسف ماحققه الشعب الصحراوي في حربه التحريرية ، إنتكاسة تعود بنا الى حيث كُنا  بنظام يتعفن تدريجياً ومكتسبات تتآكل من الداخل. جبهة داخلية هشة، قيادة عاجزة عن التحكم في الواقع، مؤسسات وطنية أصبحت مأوى للقبلية، مناضلون بمعنويات في الحضيض ييسوأ من إمكانية التغيير يتساءلون عن ماهية الدولة الصحراوية في ظل هذه السياسات وماهو المستقبل الذي ينتظر ألأجيال اللاحقة.
هذه النتائج مخالفة تماماً لفحوى المشروع الوطني الذي التف حوله الصحراويون من كل حدب و صوب في مراحل الكفاح. فلا خير في كيان صحراوي لايصون ولايحترم إرادة الصحرايين، ولا خير في نظام لايوفر الحياة  الكريمة لمواطنيه ويجنبهم التسول في البلدان المجاورة، ولاخير في نظام صحراوي لايرفع من شأن ألأرملة، و المقاتل والجريح و ضحايا الحرب.، ولاخير في نظام يتبنى التمييز العنصري والقبلي في التعامل مع المواطنين.