اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

تبعات ماوراء الرصاص الخطأ على الرئيس الجار

كتب بواسطة : futurosahara on 15‏/10‏/2012 | الاثنين, أكتوبر 15, 2012

بعيدا عن منطق التحليلات الكثيرة والحبر المسكوب لقراءة ماحدث للرئيس الموريتاني ثمة سؤال جوهري يفرض نفسه في الدول التي تعاني من هيمنة الرئيس على كل الصلاحيات، ويتحول بموجبها البلد الى جلباب للرئيس، لايتنفس إلا بإذنه ولايتحرك إلا وفق هواه وماتمليه عليه نرجسيته الغارقة في الشوفينية حتى يصبح الوطن هو الرئيس والرئيس هو المستقبل والأمل وربما هو الحياة بكل حلوها ومرها.
ما إن إستقرت رصاصة صديقة في جزء ما من جسد الرئيس الموريتاني حتى طغى على الساحة الموريتانية ونخبها النيرة حديث عن من سيخلف الرجل لاقدر الله لو كانت الرصاصة الخطأ وصلت للمكان السيء.
سؤال بدأ طبيعيا في المشهد السياسي للجار الموريتاني لكنه والى اللحظة لازال يعتبر من المحرمات في السياسة الداخلية الصحراوية رغم ان كل شعوب المنطقة تتحدث عمن سيخلف حكامها بدأ من الجزائر وصولا الى موريتانيا باستثناء الجمهورية الصحراوية.
فبعد تعرض الرئيس الموريتاني لمحاولة اغتيال قيل انها عن "طريق الخطأ" سادت حالة من الارتباك في المشهد الموريتاني ودواعي الغلق الكبيرة تعود لغياب منصب نائب الرئيس حتى لاتنزلق موريتانيا في أتون فوضى وهي المهددة في امنها من المخزن المغربي وبعبع الجهاد الاسلامي المعشعش في الجارة مالي.
حال موريتانيا وهي تبحث عمن سيقود قطارها لو قدر الله مكروه لرئيسها ربما لاتختلف عن المشهد الصحراوي فرغم ان دستور الدولة الصحراوية يحل هذه الاشكالية بتوكيل صلاحيات الرئيس في حالة العجز او الوفاة الى رئيس المجلس الوطني الصحراوي، الا ان السؤال الاهم هو ماذا بعد حل الاشكال الدستوري؟. وهل حقا هناك شخص مؤهل يحظى بالاجماع لخلافة الرئيس الصحراوي ؟.
قد يسارع البعض خاصة من اصحاب نظرية "الاستثناء" اي الذين يرون ان الحالة الصحراوية هي حالة ثورية استثنائية لايصيب الموت قيادتها ! وبالتالي لايجوز مقارنتها مع اي بيئة سياسية اخرى جارة كانت ام عدوة ، قد يسارعون الى القول ان هذا الموضوع سابق لاوانه وان هدفه هو زرع البلبلة في المشهد السياسي، ويرى اصحاب هذه النظرية وهم في معظمهم من المنتفعين من الوضع القائم انه من المحرمات الثورية الحديث عن الرجل الثاني في جبهة البوليساريو. وان موضوع خلافة الرئيس محمد عبد العزيز من الطابوهات التي لايجوز الخوض فيها حتى لانقدم خدمة مجانية للعدو المغربي، فمادامت الثورة تزحف وتتنفس ببطء بوجود الرئيس فإن الكلام عن الغد مجرد اوهام .
هنا لن نذيع سرا اذا قلنا ان بعض من أعضاء القيادة الوطنية الرشيدة من بينهم وزراء واعضاء امانة وطنية سبق وان عقدوا إجتماعا سريا قبل سنوات تزامنا مع رحلة علاجية للسيد رئيس الجمهورية الى الخارج، و
تتحفظ المستقبل  الصحراوي عن نشر اسماء المشاركين في هذا الاجتماع الذي خصص لموضوع خلافة الرئيس، ورغم ان امر خلافة الرئيس في حالة العجز او الوفاة بعد إثباتها يبدو  محسوم قانونيا في ظاهر الامر إلاأن  السر الذي أفشاه لمجلة المستقبل الصحراوي أحد المقربين من العلبة السوداء داخل النظام الصحراوي هو ان هذا الاجتماع خصص لهدف واحد وهو ضمان خليفة سيحافظ على المصالح السياسية والاقتصادية الضيقة للمشاركين في الاجتماع دون إلاء اهمية لمصلحة الوطن والقضية.
موضوع خلافة الرئيس يعتبر حتى اللحظة من المواضيع الممنوع على العامة الخوض فيها حتى ولو عن طريق المؤتمرات الشعبية ويسمح فقط للنظام والمقربين منه. رغم انه من حق المواطن الصحراوي البسيط ان يطمئن على ضمان سيرورة مؤسسات الدولة الصحراوية التي من المفترض ان لاتزول بزوال الاشخاص.
قد ينظر البعض الى الحديث عن موضوع خلافة الرئيس  من باب المثل الشعبي "اللي يكرهك يحلم عنك حلم شين " لكن لهذه القاعدة إستثناء إذ انه كان من حق المشاركين في الاجتماع السالف الذكر ان يناقشوا كل المواضيع بلا استثناء بسبب الحصانة القيادية، لكن  حينما يتحدث المواطن العادي عن هذا الموضوع سيجد نفسه متهما بتهم الخيانة والعمالة وهي تهم جاهزة لدى النظام الصحراوي.
ترسيخ فكرة ان الرئيس هو الانسب وان لا بديل له في المشهد السياسي الصحراوي الآني وهي  ذات  الفكرة التي كانت سائدة عند الانظمة العربية المنهارة قبل ان يرى العالم ان تلك الدول استمرت رغم ذهاب رؤوس انظمتها. هذه الفكرة البالية هي نتيجة منطقية لاستحواذ الرئيس على كل السلطات وتقزيم منافسيه في الساحة السياسية حتى اصبح الجميع على قناعة ان اعضاء النظام الذين يدورون في فلك الرئيس ويخرجهم من جلبابه الى حيث يريد من الأماكن القيادية غير مؤهلين لشغل منصب الرجل الاول . بل سيبقوا قاصرين في نظر العامة امام التاريخ العسكري والمشوار النضالي لشخص الامين العام للجبهة ورئيس الدولة والقائد الاعلى للقوات المسلحة والقاضي الاول في البلاد.
امر يدعو الى الاسراع في حل اشكالية نائب الرئيس والتي تبدا من تصحيح الكثير من الافكار البالية الموجودة في الساحة السياسية مثل إنعدام وجود البديل للرجل في حال "لاقدر الله" حدث له مكروه ، وهي افكار قد تعيق استمرار قاطرة نضال الشعب الصحراوي، فالحالات الطارئة لاتؤمن بالاستثناء ولاتفرق بين الثورة والدولة ولاتاخذ بعين الاعتبار لا التاريخ ولا الجغرافيا.
الكثير من الانظمة الشمولية لاترى فائدة من وجود نائب للرئيس الا ان نجاح النموذج الاميريكي شكل احراجا لهذه الانظمة، اضافة الى المشاكل الكثيرة التي حدثت في الكثير من البلدان خاصة انظمة الشخص الواحد بعد وفاة رئيسها.
واليوم وفي ظل الجيل الرابع من اجيال الثورة الصحراوية يحاول البعض جرنا الى دولة الفقيه "ظل الله في الأرض" بدل دولة السياسي الذي يعرف ان المسؤولية تكليف وليس تشريف والذي سيرحل لتبقى القضية رغم كل شيء ..
نتمنى في الاخير طول العمر وموفور الصحة والعافية لرئيس الجمهورية والتنويه الى ان التطرق لهذا الموضوع جاء من منطلق ان رئيس الجمهورية يمثل شخصية عامة لكل الصحراويين ومن حق الجميع مناقشة من سيخلف رئيسه من اجل ضمان استمرارية الدولة الصحراوية وهي استمرارية لم يعقها فقدان الشعب الصحراوي لأغلى ابنائه من الشهداء والساسة المفكرين مثل الفقيد محمد سيدابراهيم بصيري والشهيد الولي مصطفى السيد.