اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

على هامش المحاضرات التي أُلقيت في الجامعة الصيفية(IV)

كتب بواسطة : futurosahara on 17‏/08‏/2014 | الأحد, أغسطس 17, 2014


السيد حمدي يحظيه            
المحاضرة الأخرى التي ألقيت هي محاضرة حول العولمة ومستقبل القضية الصحراوية في هذه العولمة.
المقال: مراحل العولمة الثلاثة... بقاء القضية الصحراوية على الأجندة
في الحقيقة الحديث عن العولمة بعد أكثر من خمسة وعشرين سنة على تداولها في الإعلام وفي الصحافة أصبح مثل الحديث عن مرحلة تاريخية غير بعيدة أو جديدة. إنه، ربما، في أحسن الحالات مثل الحديث عن نشأة الانترنيت وسقوط جدار برلين وتفتت الاتحاد السوفيتي. لكن إذا كانت العولمة لا زالت تفرض علينا نفسها كحدث لازال "يمكن" إن يشغل بال الاستراتيجيين وتحليلاتهم فلا باس من إعادة\ اجترار الحديث عنها.
بتحليل للوقائع التي حدثت بعد ما انفجرت في منازلنا وتلفزيوناتنا وجرائدنا ولغتنا وقهوتنا هذه القنبلة التي تُسمى " العولمة"، نجد أنها مرت بثلاث مراحل عمر كل مرحلة منها عشر سنوات تقريبا. ففي تحليل الأمريكان الذين فجروا قنبلة العولمة وتدخلوا تحت دخانها أن نجاح مرحلة من عدمه يحتاج إلى عشر سنوات فقط وفي حالة أن لا يتحقق أي شيء ينتقلون إلى المرحلة القادمة.
المرحلة الأولى: مرحلة العولمة الناعمة
تميزت هذه المرحلة بشن هجوم عنيف اُستعملت فيه كل أدوات المطبخ الأمريكي الإعلامي الكبير من الصحن إلى الملعقة، تركز الهجوم على استعمال مصطلحات قديمة\ جديدة مثل مصطلح الديمقراطية، حقوق الإنسان ومحاولة إقناع العالم المستكين والمتخلف إعلاميا واقتصاديا أن أمريكا انتصرت وأن الحرب الباردة انتهت، وأن العالم أصبح قرية صغيرة وأن السجون والديكتاتورية أصبحت من مخلفات الماضي. هذا الهجوم كان يروم أن يحدث ربيع في العالم كله؛ ربيع يجعل هذا العالم يصبح تحت ظلف حصان راعي البقر الأمريكي. لم تستطيع تلك الهجمة الإعلامية والسياسية، بعد عشر سنوات على بداية تنفيذها، أن تُحدث المرجو منها فتم التفكير في الخطة التالية.


المرحلة الثانية: العولمة بالقوة
نهاية المرحلة الأولى التي دامت تقريبا عشر سنوات - من 92م الى 2002م- والتي تم اللجوء فيها إلى استعمال الوسائل الناعمة مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان والإعلام والهجومات غير المباشرة على الديكتاتوريين؛ انتهت بفشل ذريع ولم يتم تحقيق منها أية نتيجة يتم ذكرها.
النتيجة التي توصل إليها الأمريكان هي أنه يجب عليهم أن يحققوا العولمة ويستغلون الفرصة مادام لم يظهر في الساحة أي منافس لهم يمكن أن يجعل مخططاتهم في استعمار العالم سلميا تفشل . محاولة تحقيق تلك العولمة تمت بنرفزة وبدون تخطيط استراتيجي مسبق وأُعتمد فيها على القوة العسكرية، وكانت أفغانستان والعراق هما أول فئران تجربة وأول ضحايا لتلك الهجمة التي كانت تروم تحقيق العولمة. استعمال القوة لتحقيق العولمة جعل الأمريكان يغرقون في مستنقع لم يخرجوا فيه إلا بعد أن تركوا فيه ملابسهم وجلودهم وأحذيتم. كانت سنة 2012م هي سنة "إعلان" فشل العولمة بالقوة. عشر سنوات من الفشل كانت كافية كي تراجع أمريكا نفسها وتلعق جراحها الكثيرة وهزائمها. الانتصار الوحيد الذي حققته أمريكا من كل هذا الجنون العسكري والتدميري الذي دام عشر سنوات هو شنق صدام حسين وقتل اسامة بن لادن والكثير من البنايات المدمرة والأطفال اليتامى. لا عولمة ولا انتصارات سهلة ولا أي شيء تحقق من الحلم الأمريكي الأرعن، وكلما حصل هو إن أمريكا سوف لن تتدخل عسكريا بعد هذه الحماقات في أية منطقة في العالم حتى لو كانت مالي أو النيجر.
المرحلة الثالثة: مرحلة عولمة الفوضى
منذ سنة 2011م بدأت المرحلة الثالثة من العولمة وهي مرحلة الفوضى التي سماها الأمريكان فوضى خلاقة. هذه المرحلة، ورغم أن الولايات المتحدة لم تظهر فيها كلاعب مباشر مثلما حصل مع المرحلة الأولى والثانية، فإنها إمَّا كانت من صنعها في الخفاء أو أنها حدثت بدون تدخل أمريكي، لكن سارت في اتجاه سير رياح العولمة. فوضى الربيع العربي هي المرحلة الثالثة من مراحل العولمة وسواء كانت أمريكا وراءها أو لم تكن، فهي، شئنا أم أبينا، امتداد لتلك العولمة التي انطلقت ذات يوم ناعمة وغير شرسة.
فوضى الربيع العربي هذه كانت ستكون أكثر لهبا والتهابا لو كانت نجحت في الدول التي ظهرت فيها في البداية. إن الفوضى الأولى التي حدثت في تونس وليبيا واليمن ومصر وسوريا والفشل الذي رافقها جعلت الجميع يتراجع عنها ويقيم أنظمة جديدة على أنقاضها؛ أنظمة لا تمت برابطة إلى أحلام الثوار الأوائل الذين فجروا تلك الانتفاضات. لم يتحقق أي شيء من تلك الثورات التي سماها الناس- خطأ- الربيع العربي. فلو كانت التجارب الأولى لذلك الربيع نجحت كانت كرة الثلج ستتدحرج نحو أوطان أخرى وشعوب أخرى، لكنها انحسرت بسبب فشل التجارب الأولى.
القضية الصحراوية في ظل العولمة
إنه من غير المشكوك فيه، بل من المؤكد أن المغرب كان يراهن على العولمة وسقوط ما سُمي بالكلتة الاشتراكية كي تتم تصفية القضية الصحراوية. تلك المراهنة سقطت في الماء البارد. إنه من المهم جدا التذكير إن خطورة العولمة وخطورة استهداف الحليف الجزائر جعل الصحراويين، في فترة من الزمن، ربما، لا يفكرون في التخطيط للهجوم ولا في تحقيق الانتصار، بقدر ما اكتفوا بالدفاع للحفاظ على بقائهم في الساحة خاصة منذ تم استهداف الحليف بالإرهاب لمدة عشر سنوات. إن الثبات وحشد ما أمكن من عناصر الصمود وربط القاطرة الصحراوية بسفينة الأمم المتحدة، كان هو عنوان هذه المرحلة الطويلة من عصر العولمة المتقلب العواصف والمدمر. إن الذي تم تحقيقه هو أن القضية الصحراوية، رغم صعوبة الوضع حولها، وهيجان المحيط وثوران الصحاري، صمدت وبقيت متواجدة على الأقل في أجندة مجلس الأمن منذ سنة 1991م إلى حد الآن.