اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

محاكمة مبارك إدانة لمنظومة عربية كاملة / اسلامه الناجم

كتب بواسطة : futurosahara on 03‏/08‏/2011 | الأربعاء, أغسطس 03, 2011


تبعث محاكمة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك, الأمل الكبير في نفوس ملايين المواطنين العرب, بغد أفضل, وبانتماء حقيقي للوطن ,والمشاركة في رسم مستقبله, كما أنها تشد من أزر الثورات, وآلاف الشباب الثائرين ,على امتداد الخريطة العربية ,من الماء الى الماء ,من المغرب الى البحرين , فمصر رائدة ,وقائدة للعالم العربي, شاء من شاء, و أبى  من أبى.
وتبعث هذه المحاكمة في المقابل, رسائل شديدة الوضوح والاختصار, لكل رئيس عربي حالي أو محتمل, بان عصر الفرعون, الحاكم بأمره, الفعال لما يريد, انتهى يوم فر زين العابدين بن علي , والفرعون هنا, ليس المقصود به الرئيس المصري, بل كل حاكم مستبد, مطلق السلطات, وبدأ عصر الشعوب, لكن ذروة القضية, ونقطة اللاعودة ,هي هذه المحاكمة .
محاكمة مبارك, سيضعها التاريخ والمؤرخون, ضمن أهم الأحداث, التي غيرت مجرى تاريخ المنطقة ,بالمعنى الحرفي للكلمة,فهذه المنطقة, عرفت تاريخيا ,والى غاية جلوس الرئيس المصري -أو استلقائه- داخل القفص, وسط المحكمة,عرفت بالحكم المطلق, حتى تشكل في أذهان الغرب, ما يسمى بنظرية الاستبداد الشرقي, وكأنه قدر محتوم, أو مكون جيني في طبيعة شعوبها وحكامها, بالرضوخ أو الخنوع من الأولى, وبالحكم الأبدي والقبضة الحديدية من الآخرين . وقد دفعت بسببه – الاستبداد - ضريبة باهضة ,من النفوس والمال والزمن, فكانت النتيجة, تخلف مزري, وفقر مدقع ,يتوسع باضطراد, وأمية متفشية, ونزيف حاد, للنخب العلمية والثقافية والاقتصادية ,ونزوح جماعي للشباب ,يحمل بصمات الهروب من الجحيم, يضاف الى هذا كله ,مصادرة القرار والسيادة ,ورهنها في يد جهات أجنبية, بل رأينا عودة الاستعمار, بشكله التقليدي, من خلال التواجد المباشر على الأرض, حالة (العراق / ليبيا ) أو من خلال عشرات القواعد العسكرية الأجنبية في دول الخليج .
من هنا,كان لمحاكمة الرئيس المصري المخلوع, كل هذا الزخم ,من الاهتمام والخطورة ,فهي تؤسس لعصر مصري جديد,  سيلقي بظلاله لا محالة على بقية العالم العربي ,لترابط مصيره, وشواهد التاريخ ,تؤكد ما أقول وتزكيه , فللمرة الأولى, يحاكم العرب رئيسا ,ولا يغتالوه أو ينقلبوا عليه, وستكون المحاكمة عادلة, وليست صورية, مثلما كان يفعل هو ونظرائه ,أيام السطوة والجاه الزائف, ومن أول ثمار المحاكمة, وضع أساس الدولة المدنية الحديثة, بكل تفاصيلها, من إعلاء شان المواطنة, وتساوي المواطنين أمام القانون, و أولهم رئيس الجمهورية, الى وضع دستور, يمثل رغبات الأمة وتطلعاتها ووضع دستور , واحترامه وصونه من العبث ,والتفصيل على المقاس ,كما كان يحدث دائما ,كلما احتاج الحاكم الى عهدة جديدة, أو أراد إطلاق يده, واحتكار السلطة ,ومن ثمارها تأصيل التداول السلمي على السلطة, والفصل بين السلطات ,واستقلالية القضاء , وكل ما من شانه, أن يحد من الفساد, ويضع حدودا واضحة’ بين المال العام والمرتب العادي , بين إدارة الدولة وبين خدمة العائلة.
للمحاكمة معاني كثيرة, في شان الحكم يمكن تلخيصها ,في تفعيل الديمقراطية ,واعتبارها المرجع والإطار , إضافة الى الدروس الجمة ,التي تقدمها والمواعظ الثمينة , فمحاكمة مبارك ,هي محاكمة لعصر, و لأنظمة, ولممارسات بدائية همجية, وليس لشخص فقط !وللأشقاء المصريين, فيها معاني كثيرة وفوائد لا تحصى هم أدرى بها .

0 التعليقات: