اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

الاصلاح السياسي استحقاق ينبغي المصارحة بشأنه والتجاوب معه ؟ / محمد لبات مصطفى

كتب بواسطة : futurosahara on 03‏/08‏/2011 | الأربعاء, أغسطس 03, 2011


     ليست الجمهورية الصحراوية استثناء من دعوات الإصلاح السياسي في منطقتنا العربية والمغاربية، وليس سرا حجم تزايد المطالب الشعبية الملحة بخصوصه، حتى بات استحقاقا ينبغي أن نتصارح بشجاعة في شأنه، لتفادي ما لا يمكن السيطرة عليه لاحقا.. وأن نتجاوب معه، بعيدا عن التراشق بالشتائم، والاتهامات المتبادلة، وبعيدا كذلك عن خطاب الارتياح المغشوش الذي لم يعد قادرا على  استشراف المستقبل، أومواجهة التحديات الجديدة، سواء في مستواها الداخلي أو في مستوياتها الخارجية. خصوصا مع دخول جبهة البوليساريو في مشروع تسوية غير متكافئ، وغير واضح المعالم، بالنظر الى الحقائق والوقائع على الأرض .
ثم ان عجز أدوات التسيير، وعدم قدرتها على تنظيم تداعيات هذا الواقع، وإبتداع القوالب والوسائل الملائمة، لإعادة صياغته فى أشكال مقننة ومنظمة، قد ضاعف من حجم الخلل في العلاقة ما بين الادارة والمجتمع، وزاد من احتقان الأجواء واستفزاز مشاعر الناس. وأسس أيضا لمنطق توزيع الغنيمة " القارب المكسور”.. فالذي يفرض نفسه بأي وسيلة كانت: قرابة عائلية، أو تزلف، أو مركز نفوذ..الخ، يؤهل نفسه بالضرورة للمشاركة في تقاسم المنافع والكرامات؟ بما يعادل قدرته على تهديد التوازنات الداخلية وبقدر ما يسبب من مشاكل، ويحمل من تهديدات للنظام ..                  
وفي هذه الحالة فان الحصول على المزايا الخاصة لا يبدو في وعي "مستغلي النفوذ" خرقا للقاعدة والعرف والأخلاق.. وكل من يحصل               على" مزايا"  يعتبر أنه لا يسيئ لأحد ولكنه ينفع نفسه؟..                              
لتدارك المتغيرات الحاصلة في الأوضاع السياسية والاجتماعية، ولتفادي تفاقم الاشكالات التي دبت في جسد المنظمة وأنهكتها، يجب أن يتضامن السعي البناء، والجهد المخلص، في اطار إصلاح سياسي  يعيد الإعتبار لدور ووظيفة وتاريخ الجبهة، كإطار جامع وموحد للشعب، وكقائدة للكفاح من اجل تحقيق المشروع الوطني في الحرية والاستقلال، وهذه الحقيقة يجب أن تبقى حاضرة دائماً عند أي حديث عن جبهة البوليساريو التي شكلت نوعاً من الوطن المعنوي للصحراويين أينما وجدوا.        ان الاصلاح الذي يبتغيه الصحراويون يجب أن ينبع من رحم الوطن، وحاجاته، واشتراطات وضعه السياسي والاجتماعي. اصلاح يفترض فيه أن يكون ذاتيا، وواقعيا، وشاملا في بيئته الداخلية ومحيطه الخارجي، وينحى منحى التدرج والشفافية. إصلاح يصب في نهاية الأمر في اعادة النظر في دور وكفاءة وفعالية مؤسسات الجمهورية التي بناها الصحراويون بالدم والعوز والصبر، لتطوير آلياتها حتى تكون قادرة على إدارة معركة التحرير، ومسايرة عملية التغيير، والانتقال بالمجتمع الى حال جديد قادم لن يكون إلا أفضل مما نحن فيه.                                                                ان الذي يريد الاصلاح  يجب أن يعد له العدة، والعدة هي ترسيخ قيم العدالة الاجتماعية والمساواة، وتطوير نظام قضائي، مترفع عن الاتباع ومستند إلى دستور راسخ وعتيد. اضافة الى إزالة التداخل بين المؤسسات، والحد من البيروقراطية، ووضوح المرجعية التي يحتكم إليها المواطنون في تنظيم علاقتهم مع مؤسساتهم، وفرزهم (المواطنون) وفق درجة نفعهم للوطن،(القيمة المضافة التي يمكن أن يقدمونها لبلادهم)  واعادة النظرفي بعض القيم التي لا تزال تؤثر بالسلب في حياتنا السياسية، كقيم التزلف على سبيل المثال، واحلال قيم الاستقلالية والحوار والتفاهم، والتداول والتفاعل الايجابي محلها. فبلادنا لازالت تتطلب المزيد من الحوار الوطني حول المستقبل. و“الأزمة” في المقام الأوَّل هي "أزمة كوادر”، فالقيادات التي لا تؤمن إيماناً مطلقاً بالعدل والقانون، تمثل  مصدر خطر كبير لشعوبها... لأنه ليس في السياسة، ما يعصم من التطاول والهوى وجهل الجاهلين سوى القانون، حين يسري على على الحاكم  والمحكوم ؟.                                                  ثم ان العدة هي برلمان بأسنان وأظافر، مؤهل لمراقبة ومحاسبة من يتبوؤون مواقع السلطة، ومعاقبة من تمتد يده أو جيبه إلى المال العام.  كما ان العدة هي هيئة وطنية واسعة توفر المناخ المناسب للمؤتمر، وتحدد الخيارات الأساسية، وتوجه الفعل الوطني للمصلحة العامة،    وترسم الخيوط الرئيسة للتقدم في جميع المجالات. وهذا لن يتأتى طبعا الا بتجديد بعض النخب التي طغت عليها حالة من الانغلاق السياسي وعدم لانفتاح على الآخرين،وسد السبل أمامهم، وإضعاف فرص نجاحهم.      

0 التعليقات: