اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

حوار مع أنور مالك حول العملية الارهابية

كتب بواسطة : futurosahara on 28‏/10‏/2011 | الجمعة, أكتوبر 28, 2011



كيف تنظرون الى عملية اختطاف الرهائن بتندوف؟
في البداية أدين هذا العمل الإجرامي مهما كان هدفه ومهما كانت الجهة التي تقف خلفه. وأعتقد أن هذه العملية وفي هذا الوقت بالذات يراد منها أساسا الإساءة لنضال الشعب الصحراوي من أجل تقرير مصيره. فلا فرق عندي بين إغتيال الناشط الحقوقي الإيطالي فيتوريو أريغوني في غزّة، وبين عملية إختطاف هؤلاء الذين يعتبرون من أصدقاء القضية الصحراوية. ففي قتل أريغوني كان الهدف هو الإساءة لغزّة وأهلها، وهي محاولة لقطع حبل التواصل والدعم الخارجي من أنصار القضية ونشطاء حقوق الإنسان.
وأيضا عملية خطف كل من إينوا فيرناندث دي رينكون وهي إسبانية الجنسية، من جمعية أصدقاء الشعب الصحراوي في إكستريمادورا، و إينريك غونيالونس بدوره إسباني الجنسية وينتمي لمنظمة موندو بات الاسبانية و روسيلا أورو إيطالي الجنسية من منظمة تيشيسب الإيطالية. وطبعا يراد منها تحقيق غاية الإساءة للقضية من جهة ومن جهة أخرى التأكيد على وجود ما يسمى “القاعدة” في مخيمات تندوف، ومنه يصل الأمر إلى وضع جبهة البوليساريو في دائرة الشبهات. وهذا الذي يدندن عليه المخزن المغربي منذ سنوات، فعملية تفكيك ما سميت بخلية أمغالا الإرهابية وبعدها اللعب على أوتار أخرى كلها يراد منها تحقيق غاية إدراج الجبهة في قائمة المنظمات الإرهابية، وهو حلم بعيد المنال طبعا لكن لم يتسرب اليأس لقلب المخزن بعد.
لقد نقلت على لسان رجل استخبارات مغربي في مقال لي نشرته في جانفي 2011 حول قضية أمغالا ومما ورد فيه بالحرف الواحد: “من أن مرحلة أخرى ستأتي لاحقا وسنشهد فيها عملية تفجيرات قوية تستهدف مدنيين أو أجانب أو حتى القوات الأممية، وبعدها سيجري الإعلان عن تفكيك خلية إرهابية تعتبر القاعدة الخلفية لتنظيم المدعو عبدالمالك دردوكال وكنيته “أبو مصعب عبدالودود”، وسيتوزع عناصرها ما بين الداخلة والسمارة وحتى ضواحي العيون، وسيزجّ ظلما بشبان من الصحراء الغربية في هذه القضية.  ويؤكد رجل الاستخبارات المغربية من أن ما يسمى “خلية أمغالا” هي تمهيد آخر لسلسلة من العمليات الإرهابية تشبه تفجير فندق “آسني” بمراكش عام 1994، والذي تورط فيها الجهاز من أجل ترتيبات استهدفت الجزائر، هذه العمليات ستنفذها المخابرات المغربية، خاصة في بعض المدن الصحراوية الكبرى التي تخضع لسيطرة الجيش الملكي.” وقد حدث لاحقا أن تمّ تفجير مطعم أركانة بمراكش في 24 أفريل 2011 كما أعلن عن تفكيك عدة خلايا. ووصل الأمر إلى عملية إختطاف بمخيمات تندوف التي لديها برنامجها وخليتها الخاصة في الأجندة السوداء للمخابرات المغربية وهذا الذي تحدثت عنه في كتابي “المخابرات المغربية وحروبها السرية على الجزائر”. وستحدث عمليات أخرى سواء إغتيالات أو إختطافات أو حتى تفجيرات وكلها سيكون الهدف منها توريط الشعب الصحراوي مع المجتمع الدولي.
الا تعتقدون بأن للمخابرات المغربية يد في هذه العملية باسم تنظيم القاعدة؟
لا يوجد دليل قطعي يمكن أن نعتمد عليه في توجيه الإتهام القطعي للمخابرات المغربية، كما أن الأجهزة السرية دائما حريصة على أن لا تترك أثرها في أي مهمة تقوم بها ويزداد حرصها أكثر فأكثر لما تكون قذرة جدا. غير أن أي عملية نجد معطيات وحيثيات وملابسات تصاحبها وتطرح نقاط ظل من حولها، يمكن من خلالها وضع جهة معينة في خانة المشتبه به حتى إشعار آخر.
 كما أن السؤال الذي وجب أن يطرح دائما: لصالح من هذه العملية؟ الملابسات الموجودة تنزع بعض الضبابية، وطبعا بينها السياسية وأخرى أمنية وإستخباراتية وجغرافية، بينها المحلية والإقليمية والدولية، والتي لا يمكن أن نسترسل فيها جميعا لما فيها من حديث طويل، غير أنه يمكن إجمالها في بعض المؤشرات الهامة. فحدوث العملية في تندوف التي لم يطالها الإرهاب في العشرية الدموية، ويصل لمخيمات اللاجئين الصحراويين التي تعرف بالإستقرار والأمن على مدار أكثر من 35 عاما، بالرغم من الظروف المأسوية التي يعيشها هؤلاء. هذا أمر مخيف وخطير ومدروس ومشبوه للغاية.
 يجب علينا أن نفتش هنا عن المستفيد وبعدها نتابع خيوط القضية.
عملية الخطف تسربت عبر مسالك يسيطر عليها المهربون للمخدرات، ولا يمكن لعناصر “القاعدة” أن تلجأ إلى تلك المناطق إلا في إطار صفقة مع مافيا المخدرات المسلحين بأسلحة ثقيلة ومختلفة، والذين يعملون مع شبكات تهريب مغربية خطيرة. من جهة أخرى أن تجارة المخدرات وصل باروناتها إلى القصر الملكي وحتى عمّة الملك مسجّلة في دائرة المتاجرين بالمخدرات، ويوجد أيضا ضباط وقياديون في القصر الملكي لديهم شبكاتهم التي تصل إلى كولومبيا. فعلاقة مافيا المخدرات بالقصر الملكي والأجهزة العسكرية المغربية ثابتة ولا يمكن أن يتجاهلها أحد.
من جهة ثانية أنه لا يمكن لعناصر “القاعدة” المرور عبر تلك المسالك الوعرة التي استعملت في خطف الرعايا الأجانب إلا بموافقة من طرف مافيا المخدرات وتحت حمايتهم.
أمر آخر أنه من خلال متابعتي لشؤون الجماعات الإرهابية فقد ثبت أن المخابرات المغربية عملت على إختراقها ومحاولة توجيهها نحو المخيمات منذ مطلع التسعينيات، وهذا الذي إعترف به عبدالحق العيايدة، أمير “الجيا”، أنه لما كان مسجونا في المغرب تعرض لمساومات من أجل مخطط تجنيد صحراويين في تنظيمه. وظهر أيضا مع العميل المزدوج بلعيرج الذي كان يعمل لحساب المخابرات المغربية ونظيرتها البلجيكية وقد إعترف بتهريبه أسلحة لمعاقل الجماعات الإرهابية في الجزائر والتقى مع أمرائها، وشبكات أخرى مختلفة منها حتى المغاربة الذين جرى توقيفهم ومحاكمتهم سواء تعلق الأمر بالإرهاب أو الجوسسة. كلها بيّنت أن المخابرات المغربية تعمل كل ما في وسعها من أجل توريط الصحراويين في دماء الجزائريين والأجانب.
في رأيي الشخصي، أعتقد أن الرعايا الأجانب قد تمّ إختطافهم من طرف عصابة معينة ليست بالضرورة تنتمي للقاعدة، لأنه لم يسبق وأن وصلت لتلك المناطق ولا يمكن أن يتجرأ التنظيم إلا تحت رعاية ذكرناها سابقا. كما لا يمكن أيضا أن نبرئ الإستخبارات المغربية التي تراهن على إستهداف المخيمات بمحاولات زعزعة إستقرارها وإشعال الفتنة فيها وإثارة النعرات القبلية والصراعات الطائفية والحزبية والسياسية… الخ.
فقد يجري إعدامهم في محاولة لخلط الأوراق على جبهة البوليساريو ومن دون أن تعرف الجهة التي قامت بذلك أو تظهر بيانات في الأنترنيت تحمل المسؤولية لطرف ما ولن يسلم درودكال نفسه. أو يتم بيعهم في إطار صفقة بين مافيا المخدرات والإرهابيين، وحينها تساوم “القاعدة” بهم كعادتها من أجل الفدية أو مطالب أخرى، ولا يمكن طبعا أن تقول القاعدة أنها إشترتهم كما يجري في الساحل، بل ستزعم أنها قامت بعملية نوعية في حربها المزعومة على الصليبيين.
وهذه العصابة التي إقترفت جريمة الإختطاف إما أنها تحركت بإيعاز من دوائر مغربية أو أنها مخترقة من الجهاز الإستخباراتي المخزني ووجهت نحو الهدف الذي يخدم أجندته في إطار حملة تشويه جبهة البوليساريو التي دأبوا عليه. المستفيد الأول والأخير من العملية برمّتها هو المخزن المغربي.
العالم بأسره لاحظ عملية اغتيال والتنكيل بجثة الزعيم الليبي معمر القذافي؟
هذه جريمة نكراء في حق الشريعة الإسلامية وحق القانون والمواثيق والمعاهدات الدولية، فليس السبب أن الضحية هو القذّافي بل أن التصفية إستهدفت أسيرا وجريحا أعزلا من دون محاكمته، بغضّ النظر عن هويته وجريمته. فقد تعرض القذّافي للتعذيب والتنكيل والإعدام بدم بارد ثم التمثيل بجثته بما يخالف كل الأعراف البشرية. أحمل المسؤولية أولا لكل من دعا إلى القتل وعلى رأسهم المجلس الإنتقالي الذي وضع هبة مالية لكل من يأتي برأس العقيد. والمسؤولية على عاتق من أفتى بذلك وعلى رأسهم يوسف القرضاوي الذي أصدر فتواه على المباشر وهذه جريمة في حق القانون الدولي لا يجب السكوت عنها أبدا، بل أدعو المنظمات الدولية الحقوقية إلى المطالبة بمحاكمته ورفع دعاوى قضائية ضده في أي بلد يحلّ به. فالتحريض على القتل جريمة ضد الإنسانية.
 ماذا بعد القذافي ؟
سبق وأن قلت أن الوضع في ليبيا مفتوح على كل الإحتمالات، ويكفي مؤشر إعدام القذافي ونجله ووزير دفاعه وايضا المحسوبين عليه الذين بدورهم تعرضوا لتصفية جسدية من دون محاكمة. كما بلغنا من أنه توسعت دائرة الإنتقامات ليس من الموالين للقذافي فقط بل حتى من الذين فرّوا بجلودهم من جحيم الحرب. كل هذه المؤشرات تبيّن أن الأمور غير مسيطر عليها مطلقا وأن صاحب القرار هو القوي بسلاحه وعدته وعتاده في الميدان.
دائما اقول أن الحرب الأهلية في ليبيا أنقذت تنظيم القاعدة المغاربي من الإفلاس فقد تحصل على اسلحة ثقيلة وصواريخ وذخيرة، بل حتى أرض جديدة لمعركته. فالحروب دائما تقوي من شوكة التنظيم وظهر ذلك جليا في العراق ثم اليمن والآن ليبيا وبعدها سورية. وللأسف الشديد أن الغرب الذي يزعم حربه على الإرهاب هو من يصنع القاعدة ويعيد لها مجدها المفلس 
من جهة أخرى أن الخراب الذي حلّ بالبلاد كارثي وإعادة البناء وتضميد الجراح وخاصة لمئات الآلاف من العائلات التي فقدت ذويها وبيوتها وتشردت بين الخلاء ودول الجوار، فضلا من القبائل التي ستتحرك في إتجاه قطف ثمار العهد الجديد ووفق مقاربات قبلية متجذّرة في ليبيا منذ عهود.
 أعتقد أن ليبيا ستكون مسرحا لصراعات أخرى دموية سواء على السلطة أو الثروة أو الثورة أو النفوذ أو حتى تصفية الحسابات والثأر الذي أراه قد تجاهله الحكام الجدد في ظل نشوة إغتيال القذافي وإعلان ما يسمى “التحرير”. ولا يمكن أن نتجاهل الوجود الأجنبي ونفوذه وحلف الناتو وأجهزة سرية عملت في الخفاء التي لن تعود لبلادها بخفي حنين ولا قامت بكل ذلك لوجه الله.
 هل تعتقدون بان الإرهابي عبد الحكيم بلحاج يسعى الى اقامة دولة اسلامية بليبيا؟
عبدالحكيم بلحاج يحمل العقيدة الجهادية منذ سنوات، وهو أمير “الجماعة الليبية المقاتلة” التي تخرج منها الكثيرون من المقاتلين في أفغانستان والعراق والشيشان والمنطقة المغاربية برمّتها. وإن كان قد أعلن توبته من خلال المراجعات التي أصدروها من السجن تحت رعاية سيف الإسلام القذّافي إلا أن ذلك لا يمكن أن يعتدّ به وخاصة أن الأمر جاء تحت ضغط الرغبة في الإفراج والحرية والتي هي مصلحة تبيح كل شيء. ويكفي أن المفرج عنهم في إطار المراجعات لما أتيحت لهم أول فرصة لحمل السلاح ضد نظام القذّافي لم يتردّدوا لحظة، بل رفسوا ما شرعوه من أحكام تتعلق بوجوب الطاعة وتحريم الخروج عن الحاكم الذي ذكر بالإسم في كثير من المواقع وهو القذافي طبعا.
بالنسبة للدولة الإسلامية فهي أمر صارت واقعا في ليبيا، ويبدو السباق محموما بين الفصائل من أجل ذلك، وخير دليل هي مبادرة مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الإنتقالي في كلمته خلال إحتفالات ما سمي بيوم “تحرير ليبيا” من نظام القذّافي، الذي أعلن على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع، ويدل ذلك بوضوح أن مطلب الدولة الإسلامية صار تحصيل حاصل وفرض نفسه بشدة وذلك بسبب سيطرة المسلحين الإسلاميين على الميدان، وتجاوزهم يعتبر نوع من الإنتحار بالنسبة للسياسيين.
في نظري ليس الخوف من تطبيق الشريعة الإسلامية، ومن طرف طائفة معتدلة وغير متطرفة تراعي مصلحة ليبيا في الظرف الراهن، ولكن الخوف من فكر الخوارج والتكفيريين والسلفية الجهادية التي أكيد لديها قوة في الساحة ويمكن أن تتحول لطالبان جديدة في المنطقة المغاربية.
أعتقد أن قضية الشريعة الإسلامية ستكون محور الصراع الذي قد يصير دمويا، ما بين ليبراليين مدعومين من الغرب وإسلاميين بين أيديهم القوة والسلاح، وفي ظل ذلك أن الدول الغربية التي دعمت النزاع المسلح لصالح المتمردين لن تقبل بإقامة إمارة إسلامية وقد ظهر ذلك الإمتعاض بعد تصريحات عبدالجليل على لسان عرّاب الفتنة الليبية برنارد هنري ليفي الذي إنتقد بشدّة مشروع إسلاموية العهد الجديد، وطبعا مستشار ساركوزي لا يتكلم جزافا ولا للتسلية.
حاوره: بلخضر داسة