اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

وأمرهم مؤتمر بينهم ...

كتب بواسطة : futurosahara on 09‏/12‏/2011 | الجمعة, ديسمبر 09, 2011

 بقلم : ميشان إبراهيم أعلاتي
ملاحظة : هذا مقال كتبته في بداية شهر أكتوبر 2003، بمناسبة إنعقاد المؤتمر الحادي عشر مؤتمر  الشهيد امبريك لعبيد ابراهيم العبد المنعقد ما بين 12 إلى 19 اكتوبر 2003، بالتفاريتي المحررة، وقد نشر في مجلة المستقبل الصحراوي عندما كنت عضو هيئة التحرير / مسؤال النشر و التوزيع ـ أيام زمان ـ و نظرا لتشابه الأحداث و تطابق المقال مع الكثير منها، أعيد نشره لتعميم الفائدة ـ إن وجدت طبعا ـ على أمل أن أستشف أرائكم و ملاحظاتكم ... هناك تعقيب مهم أسفل المقال .. لا تهملوه  ..
يأتي انعقاد المؤتمر الحادي عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب في ظروف صعبة وعسيرة إن لم تكن حاسمة وخطيرة وذلك على مختلف الأصعدة الوطنية منها والعالمية...فالمؤتمر الحادي عشر يأتي بعد انتهاء حرب الو.م.أ على طالبان والقاعدة ويأتي بعد أن وضعت حرب الخليج أوزارها معلنة عن نهايتها ليعقبها ما عقبها من تداعيات.
وتبعات المقاومة وتذمر الانتصارات المزعومة لواشنطن في العراق هذا بالإضافة إلى كونه أي المؤتمر يكون قد أتى بعد أن تم تأجيله ويأتي  انعقاده بعد صدور المقترح الأممي الذي سوقت له الولايات المتحدة بأشهر قليلة والذي عبرت جبهة البوليساريو في وقت سابق عن رغبتها في مناقشته والخوض في محتواه ردا على تلك النكسات الداخلية التي تسبب فيها بعض المتعسفين، وكذا الصخب الإعلامي الذي خلفته الذكرى الثلاثين لاندلاع  الكفاح المسلح وفي صلب كل هذه الأحداث والتطورات يبقى الشعب الصحراوي  ـ المغلوب على أمره و الملعوب على ظهره ـ يعلق أمال كبيرة وعريضة على النتائج التي سيخرج بها المؤتمر غير أن السؤال الذي يطرح نفسه وإلحاح هو :
هل سيكون المؤتمر في مستوى تطلعات الشعب الصحراوي؟ .. فهل سيكون كذلك " أو مندرة "... الله أعلم  ...
لكن كل الظروف والأجواء مؤاتية ومهيأة لإجراء مؤتمر نزيه وناجح يكون  وساما شرفي على صدر الدولة الصحراوية ويكون أيضا  في مستوى تطلعاتنا نحن الصحراويين.
إلا انه من الممكن جدا أن يكون مؤتمر  ناقص ومنقوص ‼
وذلك لعدة أسباب فإذا ما استمر غيرنا في تغيب الكفاءات القادرة على المساهمة الفعالة في إنجاح مثل هذه الأحداث وكذا تغيب الكفاءات القادرة على ممارسة العمل السياسي الجاد عن مثل هذه المناسبات، فإن ذلك سيخلق سببا للنقص والإخفاق.
مما سيولد لدينا حالة من عدم المبالاة - المعتادة- وحالة من الشقاق بين السلطة (الرأس) والقاعدة الشعبية (الساس) لأن الشعب يعاني في هذه الآونة من ظاهرة غريبة تتمثل في نوع من التحرر الا مشروط أي التفكك الاجتماعي والثقافي والسياسي، وقد يكون المؤتمر القادم ناقصا إذا لم نضع في الحسبان ما مضى إذ أصبح الواجب أن نستفيد من الماضي بكل تجلياته لأن مجتمع لا يأخذ العبرة من تاريخه ولا  يتعلم من ماضيه ولا يحتاط لحاضره  ولا يفكر  في مستقبله هو حقا مجتمع فاشل.
وقد يسال بعضكم أعزائي القراء عن سبب كل هذا التشاؤم؟ وهذا سؤال منطقي ومقبول.
لكن الرد هو أن ما يجعلنا ننظر نظرة يائسة إلى مثل هذه المناسبات هو غياب ردة الفعل تجاه تعدد العقبات وكثرة التحديات ونعني بردة الفعل هنا الاستجابة  كما يقول علماء النفس وذلك لإحداث التغيير المنشود للتغلب على الروتين والاستعداد للمواجهة التي بإمكانها تحويل المأساة إلى نصر.
وما يعزز قولي  هذا هو أن هناك معتوهون سياسيا يفكرون ويأملون في حل مشاكلنا العالقة بنفس عقلية قطاع الطرق القدامى لا الجدد- لأن هناك اختلاف ما بين الاثنين في المنهج والأسلوب- فعندنا على سبيل المثال لا الحصر، أناس كثر يقعون في النقيض دون أن يعلم لان منهم من لا يزال يتشدق بأيديولوجيات مثالية يعلم أصحابها أكثر من غيرهم أنها بالية وغير واقعية بالمرة وقد أثبت التاريخ- الذي يرشم ولا يرحم، كما قال القدامى- مدى فشلها وضعفها وعدم فاعليتها في ما مضى من مسيرتنا النضالية والتي لا يستهان بها، وهناك أيضا من يحتمي ويتستر بماضي استقر في جوف التاريخ لتختفي من حوله كل وقائع الحاضر مما يوحي لنا بقرب إضمحلال مقومات المستقبل... ليظهر للعيان أنها تصرفات صبيانية تحمل في طياتها الغموض والعجرفة السياسية أي الاستخفاف بالعقول أو أشبه ما تكون بعملية "الضحك على الذقون" الشيء الذي من شأنه أن يعكر أجواء المؤتمر القادم.
إلا أن خطورة هذا المنحنى الذي أخذه التوجه السياسي العام لا ينحصر في مثل هذه الأفكار البيزنطية ولا هذه العقول والذهنيات بل يتعداها إلى أشياء أخرى يتعذر المقام عن ذكرها، ولعلك عزيزي القارئ أعلم مني في ذلك.
فالحقيقة كل الحقيقة أن هناك حقائق قاسية يستعصى على أي كان أن يخفيها مهما فعل على شاكلة الدياليكتية عند هيكل والتي تعني أن الفكرة تحمل في باطنها ما يناقضها. ـ قم بإسقاط الفكرة على الواقع ( القيم المعنوية و الحقائق المادية في ظل الثورة ) ـ لذا فإن من يظن أن المسألة الآنية بسيطة وغير مكلفة ولا تحتاج إلى مثل هذا اللغط والعويل، فهو مخطئ في ظنه واعتقاده لأن المناسبة تطرح من جديد مشكلة التسيير المتعفن ومشكلة الشرعية الهشة والسياسة الداخلية بكل أبعادها وحدتها وتطرح أيضا حتمية وضرورة تعميق الديمقراطية بمفهومها ومعناها الحقيقي لا الشكلي ومنها وجود حرية التعبير وجعلها حقيقة على ارض الواقع وترسيخ ثقافة الرأي والرأي الأخر ـ و ليس ثقافة الاستبداد و لحزارة والنفاق ـ وكذا احترام المبدأ الذي ينص على ان السلطة والسيادة تستمد شرعيتها من الشعب.. غير أن شيء من ذلك لن يكون.. والله اعلم  ..
وما دام المقام خاضنا للحديث عن الضرورة والحتمية هناك موضوع لا بد من الإشارة إليه بحكم ما يتسم به من اهمية ولعل المؤتمر يعكف على دراسته والخوض في محتواه ويتمثل الأمر في حتمية وضرورة التغير في كافة مستويات الهياكل الإدارية للمؤسسات الصحراوية إذا أصبح من المستحيل ومن غير المنطقي اليوم والواقع أصدق دليل، تحقيق وانجاز الأهداف المرجوة والتي أقرتها ثورة العشرين من ماي بأجهزة وهياكل إدارية وبرامج سياسية أكل الدهر عليها وشرب.
وبقي ان نذكر من يهمهم الأمر أن الصدق والأمانة مع النفس ومع الآخرين تستدعي أولا مصارحة الذات والناس، مصارحة تامة بحقيقة الإنسان وحقيقة أهدافه وسياسته وحقيقة تصوراته بالنسبة للراهن والمستقبل فقد تكون هذه الحقائق فرصة ومناسبة مؤاتية  للمشاركين في المؤتمر -المحفوظين بالمفهوم العامي للكلمة- ليحتشدوا من خلفهم وحتى إن لم يحدث ذلك فيكفيكم شرفا أنهم كانوا صادقين مع أنفسهم ومع الجماهير التي يقدمون أمامها.
ختما وبعيدا عن الصخب السياسي للمؤتمر وما قد يشو به من نقائص يبقى ما يهمنا نحن الصحراويين وما نأمل إليه ويأمل إليه الكثيرون هو ان يسعى هذا المؤتمر ومن خلال ما ينبثق عنه من نتائج إلى ديناميكية القضية الوطنية لتكون في مستوى التطلع  مما يعني إعطائها صبغة عالية وعالمية  في ظل كل المعطيات الحالية والتي تنتقي بعض معالمها من صبغتها الأممية واملنا أن يكون هذا المؤتمر مناسبة وبداية حقيقية لتكريس مسيرة الديمقراطية ليكون الحدث خطوة أولى على الطريق الصحيح.
فهل يا ترى يكون المؤتمر كذلك؟ " أو مندرة "...  لله أعلم ...
إلا أن ما يمكن قوله هو ان الإجابة عن هذا السؤال لا تحتاج في واقع الأمر إلى عبقرية أو إلى  نباغة بقدر ما تحتاج إلى شيء من الصبر والتريث لأن الإجابة  ستأتي   في غضون الأيام القليلة القادمة.
تعقيب  :
الغريب في الأمر أنه ومنذ ثماني سنوات أي منذ كتابة هذا الموضوع، لم يتغير شيء بل أن الوضع إزداد سوءا بالرغم من مرور مؤتمرين ( 11 و 12 ) دون أن يحدث ذلك فارق يذكر في وضع قضية جامدة و شعب مضطهد و مقهور ومسلوب، و قيادة تسبح في الجاه و تمتص من ضرع بقرة الشعب الحلوب ...
بعد مراجعة دقيقة للمقال أدركت أني لم أكن حقيقة يائس بقدر ما أنا عليه اليوم من قمة اليأس بل أني عندما قارنت مجمل الأفكار الواردة في المقال مع ما أحمله اليوم وجدت أني كنت حالم و متطلع و جل افكاري بريئة وسطحية جدا تصل إلى درجة السذاجة السياسية، وعند البحث عن الأسباب وجدت الإجابة بسرعة ... المسألة كلها تتعلق بفارق الزمن و مسألة الإدراك و إستعاب الأشياء بعد غربلتها ..
المقال كتب في سنة 2003، وهي السنة الأولى التي كنت أدرس فيها مبادئ العلوم السياسية و فقه صناعة القرار ـ شاب متحمس لخدمة القضية الوطنية ولكنه لا يفقه في السياسة كوعو من بوعو ـ ، أما اليوم وبعد ان تخرجت بسنوات  "بشهادة بطال " ـ و سيقول البعض أن الجبهة هي من فعلت ذلك إكثر خيرها و حليب بقرة الشعب " المساعدات الإنسانية" ـ و بعد أن نزلت للميدان ، و وقفت وجها لوجه لأحاور مجمل السياسيين و أشباههم و صناع القرار و منفذي الفرار ـ الهروب للعدو المغربي ـ ، أي من كنت لا أعرف أسمائهم إلا من خلال الراديو أو أرى صورهم بالأبيض و الأسود عبر صفحات الجرائد و المجلات و المناشير ـ مكثرها تبارك الله على قلة الفايدة ـ آنذاك، و بعد أن إحتككت بالواقع المزري و المرير بدأت أكتشف اليقين ـ على طريقة ماجدة الرومي و طوق الياسمين ـ و بدأت أعرف أن المسألة باتت تنذر بالخطر خاصة عندما يتحول الوضع الراهن إلى الوضع " الراكم " ... ولكم الحكم و التعليق ..  ...
http://futurosahara.8m.com/sahara26.htm