اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

قضاتنا بين سنداد الخلية الامنية ومطرقة المؤسسة العسكرية

كتب بواسطة : futurosahara on 02‏/05‏/2012 | الأربعاء, مايو 02, 2012


بقلم بابا مولود محمد حسني*
ان عامة الناس تعني باستقلالية القضاء قدرة القاضي علي احباط سعي اصحاب الجاه والمال في املاء الحكم عليه، غير
ان استقلالية القضاء هو قدرة القاضي علي معالجة القضايا المعروضة عليه بكل حرية واصدار الاحكام المحققة للعدل والمبنية علي النصوص القانونية والاجتهادات الفقهية النزيهة، ومن ثمة فاستقلالية القضاء ليس خيارا بقدر ماهو حتمية حياة وضرورة وجود لانه بغير هذا الاستقلال ياكل القوي الضعيف منا، ويفقد المظلوم الامل في نيل حقه فهل قضائنا حقا مستقل؟.
بالرجوع الي المواثيق الدولية نجد انها نصت جميعها علي ان :
ل1 تكفل الدولة استقلال السلطة القضائية بموجب الدستور والقوانين المعمول بها في البلد كما ان علي جميع المؤسسات احترام ومراعاة استقلال السلطة القضائية
ل2 تفصل السلطة القضائية في جميع القضايا المعروضة عليها علي اساس الوقائع ووفقا للقانون بعيدا عن اي اغراءات اوضغوط او تدخل مباشر كان او غير مباشر من اي جهة
ل3 للسلطة القضائية الولاية علي جميع المسائل ذات الطابع القضائي وتنفرد بسلطة البت في اي مسالة متي كانت من اختصاصها
ل4 لاتقبل اي تدخلات غير لائقة او لامبرر لها في الاجراءات القضائية كما لاتخضع الاحكام القضائية التي تصدر عن المحاكم لاعادة النظر الا من قبل السلطة القضائية الاعلي منها درجة.
كما نصت المواثيق الدولية علي حق القضاة في حرية التعبير وتكوين جمعيات طبقا لمبادئ وحقوق الانسان تتحدث باسمهم وتحمي نظامهم المهني، وبمراجعة نصوص الدستور لدينا نجد انها لم تشذ عن هذه القاعدة فاين اذن تكمن المشكلة التي تعيق اسنقلالية القضاء وتدفعهم الي الدخول في مواجهة وزاة العدل او السلطة التنفيذية؟.
فالعلاقات متوترة بين الوزارة والقضاة منذ امد قديم، فالازمة ليست وليدة اليوم واضراب القضاة هو قمة جبل الجليد.
فهم في بادئ الامر اي القضاة كانوا تحت رقابة الخلية الامنية ممثلة في نيابة الجمهورية التي تتحكم في كل شاردة وواردة والتي كانت تصول وتجول دون رقيب او حسيب وتعبث في القضايا كيف ماشاءت.
كما ان التدخل في القضاء حصل ويحصل بشكل متكرر سواء كان ذلك بطريقة مقننة او غيرها عن طريق عدة جهات من السلطة التنفيذية، والدليل علي ذلك تورط اكثر من عضؤ من اعضاء السلطة في الجرم وحين تعجز السلطة عن حل القضية سواء بواسطة الشيوخ او غيرها من الطرق يتم احالة القضية الي القضاء وفي اقل من لمح البصر يتم سحب الملف من بين يدي القضاء من جديد والكثير الكثير من الاحداث والشواهد التي حصلت و التي لايعلم عددها الا الله.
اما عن حرية تكوين جمعية تتحدث باسم القضاة وتحمي نظامهم المهني فذاك شان اخر فكم حاول وحاول القضاة انشاء جمعية خاصة بهم ولم ينجحوا في ذلك لاعتبارات لامجال لذكرها الان، والطامة الكبري انه لايوجد قانون للقضاء مكتوب وان نظامنا نظام اشخاص لا مؤسسات.
وفي اخر النكائب التي اصابت القضاء ان تولى رجل من المؤسسة العسكرية قيادة المؤسسة القضائية، وكانها رسالة للقضاة مضمونها ان القضاة لايستطيعون الدفاع لا عن القانون ولان عن القضاء الذي هو مجال اشتغالهم او كأنها رسالة ان استقلالية القضاء ماهو الاحلم بعيد المنال وفات المسؤولين لدينا ولم يدركوا ان الزمن تغير وان العسكر لم يعد يحكم وان نظامه لن يعود.
ورغم ان القاعدة تقول ان القاضي حين يشعر بان مصيره متعلق بالسلطة التقديرية لجهات اخرى مقيد في عمله غير حر في توجهاته وهو كغيره من البشر ضعيف النفس قليل الباس فهو بالتاكيد ان لم يكن لرضا تلك الجهات طالبا فلن يكون في سخطها راغبا، الا ان السواد الاعظم من قضاتنا خالفها و لازال وسيظل مستميتا في الكفاح عن استقلالية هذه المؤسسة بشتي الطرق القانونية والتي كان اخر فصولها ماشهدته الساحة القضائية قبل اسابيع وبالتاكيد انه لن ولن ينتهي الا بتحقيق تلك الاستقلالية ولن يثنيهم لا رقابة الخلية الامنية ولاحتي تولي المؤسسة العسكرية لقيادة هذه الوزارة.
* قاضي التحقيق سابقا
خريج المدرسة العليا للقضاء بالجزائر