بقلم محمد لحسن
إن المتأمل لواقعنا الوطني يري صورة قاتمة للأسف يطبعها الكثير من الضبابية وانسداد الأفق وانتشار الفساد وسؤ التسيير،واقع تعشعش فيه القبلية والمحسوبية، واستغلال النفوذ، ورهن المؤسسات من طرف القائمين عليها وكل أنواع الفساد. والأكثر إيلاما هو انسداد الأفق العام وما يرافق ذلك من تسلل للإحباط الى النفوس ، فالمفاوضات تراوح مكانها منذ سنين ، و لحمادة تقترب من أن تكون وطنا أبديا، و الأمم المتحدة حارسة للاحتلال ، والعدو أكثر تعنتا وبطشا واغلب القائمين على الأمر أكثر انشغالا بجمع الأموال وعدها مما أنتج ظواهر غريبة على المجتمع كالتبجح بالخيانة والتغني العلني بالقبلية.
قد يرى البعض أني متشائم وأنني مبالغ وأنني،..الخ لكن للأسف هذه هي الحقيقة الواضحة للقاصي والداني، من يستطع أن يكذب أن أكثر من ثلثي المسؤولين يمتلكون عقارات باسبانيا وتندوف ونواذيبو، ونواكشوط ؟ ومن يستطع ان ينكر ان "أيبالهم"و"أغنامهم" التي تعد بمئات الرؤوس او ينكر رؤوس أموالهم التي أبت إلا أن تفرض نفسها على الجميع؟ من يستطيع ان يثبت لنا ان عائلاتهم تقيم مع المواطنات الصحراويات بارض لحمادة ، وان ابناؤهم يدرسون مع ابناء الشعب؟ تستحضرني هنا حادثة بسيطة لكنها غريبة وخطيرة :
في 22 من شهر اوت ( 08) الماضي ذهبت الى المطار لوداع أبناء عائلة صحراوية مقيمة في اسبانيا بإقليم الباسك، ولما وصلت الى المطار وجدت في تلك اللحظات القصيرة اربع وزراء وسفراء، ومدراء كبار كلٌ يودع أبنائه الدارسين هناك ، وهذا يعني أن أمهاتهم وبقية العائلة مقيمين في اسبانيا و أن أبائهم "أي الوزراء"هم المهاجرين وهي الهجرة الوحيدة في العالم من الشمال نحو الجنوب، إذ كنت في تلك اللحظات وفي اقليم الباسك وحده صادفت هذا العدد من الوزراء هذا يعني أنني لو انتظرت كل الاقاليم الاسبانية لوجدت الحكومة كلها او نصفها على الاقل، وهنا تمكن الخطورة فاغلب القائمين على أمرنا لا يقطنون معنا ومن ثم فهم لا يشعرون بمأساتنا كما يشعر بها افراد الشعب ، ولا يخافوا على مستقبل أبنائهم خوفنا على مستقبل أبنائنا لأنهم ببساطة ليسوا معنا بل منتدبون من وراء البحار، والصحرايون يقولون "الي ماهو امعاك لا ايشدلك " .
وحتى المقيمين معنا ليسوا اكثرا صلاحا، كي لا أكن مجحفا في حق الرجال الصادقين مع انفسهم وعهودهم اقول اغلب الباقين معنا في ارض لحمادة ليسو اقل فسادا ، فالكل يعرف كيف غيروا صلاحيات الوزارات حتى صار بعضها مختص في قوافل المحروقات والآخر في العجائن، وو...الخ، لا يتسع المقام هنا لجرد كل أنواع الفساد التي تصل إلى درجة العمالة، ينضاف إلى هذا كله عامل خارجي مهم هو عمل العدو المغربي ومخابراته تحديدا التي تستغل هذه الضبابية في المشهد العام و ضيق ذات الحال لدى المواطنين والضعفاء خصيصا والسفهاء المتاجرين في العرض والأرض، الذين صار لسان حالهم يقول نحن خونة نعمل لمن يدفع أكثر ، نتاجر فيكم لكننا نعطيكم بعض أثمانكم أما اغلب القائمين عليكم فهم أيضا يتاجرون فيكم لكنهم لا يعطونكم فلسا مما يجنون .
في ظل هذا الواقع الرديء بكل المقاييس، تعلقت نفوس السواد الأعظم من المواطنين بالمؤتمر القادم للجبهة أملا في ان يغير وطأة هذا الواقع، ويضيء نورا في نهاية النفق لان الذي يريد الإصلاح عليه أن ينطلق من هنا ، من هذا الواقع العفن ويواجهه بكل تعقيداته وينتهي من الكذب على النفس والاختباء خلف الأصابع ، عليه ان يخرج عن حالة الإنكار وان يعمل على وقف عملية المتاجرة بالمأساة التي حولت الكل على هذه لحمادة إلى مشاريع خونة في سوق سماسرة الضمائر ، لكن يظهر من تركيبة اللجنة التحضيرية المعلنة أن المؤتمر القادم لايختلف عن سابقيه وهذا ليس حكما على النوايا وبدون الخوض في التفاصيل فاللجان التي تقود مشروع تغيير أو إصلاح أو أي مشروع فكري واضحة من شكلها وتركيبتها والتي لا تمتلك أي مشروع ولا تسعى إلا إلى تكريس الواقع واضحة أيضا من شكلها وتركيبتها وكما يقول المثل الشعبي "الدوني من الأرض ينعت لكصيها" وهو ما يعني أننا سنبقى على هذا الحال سنين عجاف أخرى الأمر الذي يقد يصل بنا إلى سيناريوهات لا نتمناها والتي ليس اقلها خطرا السيناريو الفليسطيني.