اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

من الداخلة الى المخزن / بقلم : سعيد زروال

كتب بواسطة : futurosahara on 30‏/09‏/2011 | الجمعة, سبتمبر 30, 2011



بقلم : سعيد زروال
لست من مواليد الداخلة المحتلة ولم يسبق لي زيارة المدينة، لكن فضاء الانترنت حول العالم الى قرية صغيرة متجازوا بذلك كل الجدران العازلة بما فيها جدار العار المغربي، وماشهدته المدينة من احداث دامية ومن حصار اعلامي فرض علىَّ ان اكتب نيابة عن الانسان الصحراوي بالداخلة المحتلة، والذي تحول الى مواطن من الدرجة الثانية لينضاف بذلك الى قائمة الاقليات البشرية المهددة بالانقراض بسبب موجات الاستطان المغربية الهائلة التي إجتاحت المدينة، بعد ان عملت السياسة المغربية منذ عهد الحسن الثاني الى محمد السادس على تشجيع الاستطان بغرض التأثير على نتيجة اي استفتاء لتقرير المصير، لكن الغرابة تكمن في تصميم نظام المخزن على بقاء الاستيطان وفي الوقت نفسه يصمم على عرقلة استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي، اليس هذا التناقض بعينه؟.
ان ماشهدته الداخلة المحتلة ليس نتاج لمقابلة رياضية من تسعين دقيقة بل حصاد تراكمات لمقابلة سياسية بدأت منذ المسيرة السوداء قبل سبعة وثلاثين سنة، لانه في المقابلات الرياضية يفترض بالجماهير المضيفة ان تساند فريق مدينتها لا أن تساند الضيف ، الا ان المقابلة السياسية بالداخلة المحتلة قلبت منطق الرياضة ودفعت بالمستوطنين المغاربة الى مساندة شباب المحمدية المغربي على حساب نادي المدينة التي تأويهم، والسبب بإختصار انهم ليسو من ابناء المدينة المحتلة. رغم انهم من اكثر المستفيدين من عائداتها الاقتصادية بعد ان فضحت الاحداث الاخيرة توزيع عائدات ثروات المنطقة على السكان الصحراويين ، فلا يعقل ان المدينة التي تملك اكبر مخزون للثروة السمكية في القارة الافريقية اضافة الى إمكاناتها السياحية الضخمة ، توجد بها أحياء سكنية لازالت تعيش في عالم ماقبل الاحياء القصديرية، اما عن مستويات البطالة المرتفعة والعنصرية والاعتداءات العشوائية وإهانة الكرامة الصحراوية فحدث ولاحرج. 
لقد أعادت ملحمة الداخلة فتح ملف الاستطان المغربي وهو مايفرض على المفاوض الصحراوي فتح هذا الملف الحساس والموجع للعدو المغربي في اي مفاوضات قادمة، خاصة وان الطرف المغربي يحاول دوما ان يدخل الى  المفاوضات مواضيع لاعلاقة لها بجوهر القضية، لان اي حل لملف الاستطان وفي هذا الوقت بالذات اي "زمن الربيع العربي" لابد ان يكون على حساب طرفي المعادلة المفروضة بالمنطقة اي الصحراويين والمستوطنيين المغاربة ، فالمحتل المغربي لايمكنه فرض حل على الطرف الصحراوي بسبب المخاوف من مخيم "اكديم ازيك" جديد ، كما انه لايمكنه فرض حل على المستوطنين المغاربة لان ذلك يعني تخلي المحتل عن مفاتيح نجاحه في اي عملية استفتاء لتقرير المصير. كما ان التخلي عن المستوطنيين المغاربة قد يؤجج من حراك الشارع المغربي.
ان التهديد باللجؤ الى منطقة "بوطلحة" وهو التهديد الذي ذكر سلطات الاحتلال بكابوس مخيم اكديم ازيك واجبرها  على الرمي بكل ثقلها من وزير الدخلية الى الجنرال بناني، اثبت ان اهالينا بالداخلة المحتلة استفادوا من درس مخيم اكديم، وعلى سكان بقية المناطق المحتلة مثل العيون والسمارة وبوجدور واوسرد وحتى جنوب المغرب اخذ الدرس والعبرة مما حدث بالداخلة المحتلة، التي وضعت الاصبح على جرح ظن المحتل المغربي انه اندمل فإذا به لم يندمل الا وهو جرح ملف الاستطان.
لقد اثبتت ملحمة الداخلة المحتلة فشل إعلام المحتل المغربي في التشويش على احداث المدينة ، فالقائمين على المواقع الصحراوية على الانترنت اخذو الدرس جيدا من المكيدة التي دبرتها اجهزة الاستخبارات المغربية عن طريق ادخال صور متعلقة بقضايا عالمية اخرى اثناء ملحمة اكديم ازيك بغرض ضرب مصداقية الاعلام الصحراوي ، الا ان رسالة الداخلة المحتلة وصلت الى العالم وفشل الاحتلال في التأثير عليها رغم محاولاته تكرار التجربة  عبر استغلاله لبعض المواقع الاليكترونية المخزنية التي اصبحت لعبتها هذه المرة اكثر من مكشوفة.
كما ان انسحاب اعيان مدينة الداخلة المحتلة من اجتماع مايسمى "الجهوية الموسعة" بالعيون المحتلة أطلق رصاصة الرحمة على انصاف الحلول التي يحاول المحتل المغربي فرضها على الصحراويين، فاذا كان نظام المحتل عاجزا عن تأمين مقابلة رياضية فكيف له بتأمين الحلول السياسية الطوباوية التي يقترحا لتسوية القضية الصحراوية كالحكم الذاتي والجهوية الموسعة وغيرها من الحلول المخزنية.
ان واقع الاحتلال الذي بناه نظام المخزن المغربي طيلة السبعة والثلاثين سنة الماضية يمكن ان يصبح في خبر كان في اقل من تسعين دقيقة لو عرف الصحراويون اماكن الضعف التي يجب التركيز عليها.كالنزوح الجماعي على شاكلة مخيم اكديم ازيك او فتح قضية ملف الاستطان كما حدث بالداخلة الصامدة.
ان الدرس الذي يجب على نظام المخزن المغربي استخلاصه من انتفاضة الداخلة المحتلة هو ان اي وضع دائم في ظل الاحتلال المغربي سيشهد مئات او الاف نقاط التوتر كالمقابلات الرياضية والمناسبات الثقافية والفنية وفي كل منها قد تتكرر الاحداث الدامية بين المستوطنيين المغاربة والمواطنيين الصحراويين. وهو دليل على فشل سياسة التعايش القسري بين الصحراويين والمغاربة والتي سترسم في حال استمرارها صورة سوداوية لمستقبل القضية الصحراوية في حال تطبيق اي حل لاينص على الاستقلال التام للشعب الصحراوي.