بقلم : اسلامه الناجم
حاول الاحتلال المغربي منذ دخوله إلى مدينة الداخلة في 14اغسطس 1979 رشوتها بكل السبل وذلك بتنظيم المهرجانات الفنية والثقافية وتحويلها إلى قبلة سياحية (الجزرة) ، وأراد أن يحولها إلى جزيرة معزولة عن باقي الجسد الصحراوي وكان الداخلة لا تعاني وجع العيون و السمارة و بوجدور وغيرها من المدن المحتلة و أماكن تواجد الصحراويين مستغلا واقعها الجغرافي من كونها شبه جزيرة صغيرة فأغرقها بالمستوطنين ليشكلوا بذلك ثنائية المعادلة الشهيرة الجزرة والعصا.
الاختلاف والخلاف الصحراوي المغربي ما لبث أن صعد على السطح جارفا معه كل القشور التي حاول الاحتلال من خلالها تنويم المدينة وسحر أهلها , فكان ال27 فبراير من هذا العام ذكرى إعلان الجمهورية 36 موعدا لتأكيد وحدة الأمل والألم الصحراويين و لتنخرط المدينة العتيدة بكل رصيدها التاريخي في المقاومة والبسالة في انتفاضة الاستقلال السلمية ،ثم تأتي أحداث الأحد 25 سبتمبر المنصرم لتتعمد المدينة بدم الشهيد ميشان محمد لمين الشيعة وعشرات المصابين والمعتقلين والمنازل المدمرة والمحال المنهوبة والسيارات المحروقة , فقد كشفت هذه الأحداث للعالم المخدوع بالمساحيق المغربية أن ما يجري في الصحراء الغربية هو احتلال بغيض وان الحل الجذري لاستقرار المنطقة عامة ووقف نزيف الدم الصحراوي خاصة يكمن في استكمال تصفية الاستعمار من الإقليم بتمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال , لتسقط بذلك والى الأبد أطروحة ما يسمى "الحكم الذاتي" ليس من حساب الصحراويين الذي لم تدخله بالمطلق لكن من حساب العالم و أوله الأمم المتحدة التي أكد أمينها العام في آخر تقرير له على أن الربيع العربي يقدم البرهان على ضرورة استفتاء الصحراويين حول مصيرهم .
جاءت احداث الداخلة في وقت تشتد فيه مؤامرات العدو ضد شعبنا مستهدفة بكل عنف وحدتنا الوطنية الوطنية والتي هي اساس وجود الدولة الصحراوية وكل مكاسبها في كافة المجالات, كم إنها جاءت في وقت تستحضر فيه الذاكرة الصحراوية الذكرى الأولى لبناء مخيم اكديم ازيك والذي أعتبره الكثير من المراقبين والمحللين انه أفضل طريقة غضب توصل إليها العقل البشري, بل راى فيه عالم اللغويات والناشط السياسي البروفيسور الامريكي المثير للجدل نعوم تشومسكي انه الشرارة الأولى للربيع العربي الذي غير معالم المنطقة بلمح البصر .
الآن الآن وليس غدا يجب على دبلوماسيتنا طرح موضوع الاستيطان المغربي الذي اغرق المدن المحتلة وجرف معالمها الثقافية والحضارية وشوه ملامحها الصحراوية وحولها إلى سجن كبير يعج بحثالة المجتمع المغربي ومهمشيه من أصحاب السوابق القضائية والجريمة المنظمة.
إن الاستيطان المغربي في الصحراء الغربية المحتلة جريمة بكل معاني الكلمة وهو اغتصاب للأرض والعرض يوجب على الأمم المتحدة أن تدينه سياسيا وأخلاقيا .
أحداث الداخلة المحتلة لم تسقط فقط الحلول المغربية العرجاء للنزاع بل أسقطت القناع عن دول عظمى طالما احتكرت التحدث باسم حقوق الإنسان وتباكت على أرواح المدنيين , ليفضحها دم الشهيد ميشان ويظهر وجهها الحقيقي والذي ليس أكثر من سمسار وضيع , كما فضحت قنوات عالية النبرة في تبني شعار الرأي والرأي الآخر ولها إمكانات ضخمة تمكنها من تغطية أي حدث في جهات العالم الأربع لنكتشف عجزها المتواطئ عن تغطية الملحمة الصحراوية الرافضة للاحتلال مهما كلف الثمن .