اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

مؤتمرنا من بعيد

كتب بواسطة : futurosahara on 06‏/10‏/2011 | الخميس, أكتوبر 06, 2011

بقلم: قاسم لعبيد
عقود مرت و شعبنا يكافح.. ما فقدنا أبداً أملنا في نصرٍ من الله نرجوه، و لم تثنينا الصّعاب حين تغطينا عن تلمس السُبل وطرق أبواب ماضينا علنا نشحن عزيمة ضعفت من الإنتظار و حزمة التحليلات المحبطة و تدوال الإخفاقات و فقدان الثقة في كل شئ حتى صار الأمر سلوك يتبعه بعض عقلائنا أمام العام و الخاص، هنا يطرح التساؤل نفسه أن ما كان عليه حالنا من أمجادٍ سطرتها تضحيات شعب تعوزه الظروف و الإمكانات ، و حاضر يُطعن فيه الإيمان و القناعة بالشكوك و المغريات و كثرة المسميات، فهل سيكون مؤتمرنا هذا إنطلاقة تقتل ثقافة الإنهزام و تؤسس لمرحلةٍ تشحذ النفوس بحتمية النصر و البذل مهما كانت الصّعاب و الآزمات؟؟
مهما قلنا عن و اقعنا بإيجابياته و سلبياته فلن تختصره الكلمات أو تصفه الكتابات، و لكن لابد لنا من القول أن المستفيد الأول من خلافاتنا مهما كان الغرض المرجو منها هو العدو، بالنظر إلى التفسخ من نبل الحديث مع الأخ و رفيق الكفاح و لا أقصد بذلك عدم الإنتقاد لكن دون إسفاف أو تحامل إلى حد التسفيه و الإطناب في رسم الظنون على أنها حقائق و دلائلها -حين التقصي عنها- مجرد شائعات تداولها الناس من غير تمحيص أو مناقشة واعية بما نحن فيه و ما تدعمه من زعزعة للثقة فينا وفي إنجازاتنا كشعب و مؤسسات و مراحل بناء على قواعد كانت و لا تزال الإيمان بعدالة قضيتنا و صدق رجال ضحوا بدمائهم ، يعز اليوم على النساء أن تلدهم و لن نكون منصفين إن تجاهلنا رجال ما زالوا يرابطون و يبذلون بما إستطاعوا على نهج أولائك، و لعل " عمر بن الخطاب "- رضي الله عنه- كان يصف حالاً كأنها نحن حين قال: " إذا أراد الله سوءً بقومٍ إبتلاهم بكثرة الجدل و قلة العمل ". آتساءل هنا هل نحن نعمل بما فيه الكفاية كل على مستواه بنفس القدر و الموازاة من الوقت الذي نقضيه في النقاشات على ضفاف جلسات الشاي طارقينا كل الأبواب؟؟ ربما يكون الجواب نعم و لا !!
اليوم ماذا نريد من المؤتمر؟ هل هو مالٌ أم هو سلطاناُ و إلا جاهاً نبتغيه ليرثه الأبناء؟؟؟ الكل فينا له رأي أو أمل أو رجاء، ليست مبالغة لأنها أمور غرسها الله في كل إنسان، غير أننا متفقين على أن النصر لن يكون إلا بإستكمال السيادة على أرضنا مهما إختلفت عندنا الأراء و تشعبت بنا الأفكار في الوسائل ؛ و بالرغم أن الكثيرين قد يتوهون عن الغايات و الأهداف في متاهة التخمينات حول الحكومة المقبلة و شكلها و الشخصيات التي ستتولى الحقائب فيها فإن المطلوب من المؤتمر ليست الوسائل فحسب و إنما رؤى و أفكار جديدة تقود إلى إستكمال مشروع تحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب، و عودة الشعب إلى دياره معزز ومكرم .
التحدي ليس في إنجاز المؤتمر في حد ذاته و إنما في الإنتقال من واقع الجمود و الإنتظار إلى واقع من الحركة و الفعالية و بعث روح ثورة العشرين ماي في زمنٍ عاصفٍ إضمحلت فيه القيم و قلت فيه الإنجازات أو قل أنها غابت أو غُيّبت أو ربما أننا لا نقدر قيمة الإشياء، و مهما تكن درجة الوعي عندنا و بُعد النظر فإننا في هذه المرحلة غير راضين على ما نحن فيه من حال و أرجو ألا يكون بسبب قصر النظر و قلة حيلة.
السؤال مازال قائماً ماذا نريد من مؤتمرنا هذا ؟
هل هو قيادة جديدة تتخطئ بنا مصاعب المرحلة و تعبُر بنا إلى الأفضل، أم المحافظة على القيادة الحالية بماضيها و حاضرها الذي نعرفه ؟؟ سؤالٌ عقيم بسبب تكراره عند كل مؤتمر!! و مع ذلك فإنه لابد لنا إذا كنا نؤمن أن المؤتمر هو الذي يضفي المشروعية على أي ريادة أو تكليف، أن نحترم ما سيسفر عنه من نتائج بما فيها القيادة و إلا سنظل على حال العائد من بدء؛ أو نقبل بعد كل هذه السنوات و التراكمات و جسيم التضحيات ، إن ما يجادل به خصومنا من أننا شعب ليس في مقدوره بناء دولة و لن يكون مكون من مكونات الإستقرار في المنطقة و العالم أو بإسلوب ممعن في التقليل من الشأن أننا لا نستحق و لا نقدر و ليس بإستطاعتنا أن نستقل بدولتنا على أرضنا التي أورثنا أياها الحق و العدل و التاريخ و دماءً سكبناها على كل شبر فيها.
هل هو برنامج للعمل الوطني يختلف عن سابقيه في الشكل و المضمون؟ و بالمقابل هل طبقنا أي منها خلال العهدة التي تلت وقف إطلاق النار و بدء مشروع السلام ألا متناهي؟ حسب رأيي أننا إنشغلنا بذاتنا و بتجارتنا و أشياء أخرى تاهت بنا معالمها عن معالم نحن من بناها بأبهظ الأثمان و أعظم التضحيات و في أشد الظروف قسوة على وجه الأرض ؛ اليوم نقف عند مفترق طرق و نتسآل عن الخيارات المتاحة و أي خيارات ؟! و نحاول تحديد الأولويات فأيٍ منها، و من يدري قد يحملنا القدر إلى بر الأمان في اللحظة التي نظن أن الرياح معاكسة في كل الجبهات.
احياناً يكون مدح الجنون نعمة لأن الحصاد كله كارثة، و كل ما يمكن الحديث عنه مجرد مجهود بذله البعض إن لم نقل أقل الأقلية، السؤال هنا هل على المؤتمر أن يكون تلك الوصفة التي تجعل كل منا يبذل أقصى ما يمكنه من جهد في خدمة القضية و الذود عنها كل على مستواه : المقاتل في رباطه و المعلم في مدرسته و الأب في أسرته و المسير في إدارته الكل حتماً عليه مسؤلية ما ، فهناك إختلالات كارثية على المستوى الإجتماعي و القيمي لابد أن تكون أولوية و علاجها يسبق كل الأولويات التي يعكف إطارتنا في اللجنة و المشاركيين الأعضاء على التفكير بجدية بالغة في الوسائل التي بها نقوي أهم ركائز جبهتنا الداخلية آلا و هي المجتمع الصحراوي في حد ذاته الذي دأب المحتل الغازي على محاولة تدميره بالقبلية و تكسير واقيه الأخلاقي وهذا لا يعني أننا نحن في المخيمات و الشتات لا نعاني من نفس هذه الآفات التي تشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الأجيال و أستمررنا كمجتمع يعيش تحت وقع الحرب في أية لحظة ومستهدف في كينونته و يحتاج إلى التماسك و التأزر وروح المقاوم النبيل.

لدينا الحديث يطول في كل شيء لأننا لم ندرك معنى عبارة الأفغاني حين قال: " إن الأزمة تلد الهمة ". و نحن عندنا (الأزمة) تطيل الكلام و تقتل العزمية و تقنع البعض بالإستسلام و الهزيمة، و لكن هناك أمل في الله أولاً و رجال تلدهم الآلام و الصّعوبات، فيا أهل الصحراء أنتصروا لكرمتكم و أنتصروا لرجال صدقوا عهدهم بدمائهم و رواحهم، لستم في حاجة إلى من يحرضكم و لستم في حاجة لمن خذلكم لم تكونو يوماً بعددكم و عدتكم و مع ذلك إنتصرتم و بلغت هيبتكم كل مبلغ، و اليوم إما أن تكون سادة أرضكم و إلا تكونوا مجرد مسودات يعبث بها المؤرخون.

وختاماً المؤتمر ليس هو التحرير، لكنه قد يكون إحدي الوسائل في السير إليه، إذا وفينا بما سيخرج به حتى لو كان أقل من الطموح فينا إلا أننا سنكون أقدر عليه من مشاريع أكبر من حجم الإستطاعة لدينا و ربما تشتت جهودنا بين السيطرة على ما لدينا و إستثماره و مجارات عالم ليس فيه من يعيش واقعنا بأي حال،.. الحقيقة أن الخوض فيما نريده من المؤتمر لا يسعه الإختصار إلا أن المجال و الوقت أضيق من كتابة مقال.