اسلامه الناجم
ليس في هذا المقال ما يتناقض مع سابقه ، ففي الأول حاولت أن اكتب بكثير من التعقل عن العملية الإرهابية،وملابساتها ونتائجها، و لأننا جميعا كنا مصدومين بهول الفاجعة ومدى خطورتها و وارتداداتها على امننا بصفة خاصة وعلى القضية الوطنية بصفة عامة ،لذا جاء المقال الأول خالي من النقد والغضب على الحال الذي آل إليه وضعنا في كل الميادين.
الآن وقد انجلى غبار المعركة عن نتائج مخيبة للآمال وهدأت الخواطر وان كانت لازالت حزينة أو متحصرة على أقل تقدير , فان السؤال المؤرق هو كيف حدث هذا ؟ ومشروعية السؤال استمدها من كون الجبهة والدولة على امتداد السنوات الأخيرة وفي كل المناسبات واللقاءات مافتئتا تذكران بخطورة الوضع الأمني وان الأوروبيين خصوصا محل تهديد دائم يوجب اليقظة والاستنفار ، وفي كل هذه اللقاءات كانت الحكومة تتحفنا بحزمة من الإجراءات الأمنية تصر على أن يقدمها المدير الوطني للأمن بذاته ، لكن يبدو أن هذه الإجراءات ظلت حبرا على ورق ،أو في أقصى حالتها لم يتعد العمل بها أياما معدودة ثم تعود حليمة لعادتها .
ينبغي أن ندرك جميعا أن هذا الضعف الذي نجره ونجتره منذ عقدين لم يعد مقبولا ولا ممكنا إن أردنا فعلا الوفاء لدماء شهدائنا وصيانة مكاسبنا من الضياع و المحافظة على السمعة الطيبة لقضيتنا .
المطلوب الآن تحقيق نزيه فيما جرى و إقالة ومحاسبة كل من تسبب في هذا الاختراق الأمني المهين و القاتل إن أردنا بداية صحيحة ، ففي العالم المتحضر يتقدم المسؤول باستقالته ليمنع الإحراج عن حكومته و في شكل اعتذار للأمة لتقصيره عن تحمل مسؤوليته والأمر هنا يعني مدير الأمن ومدير التشريفات ، ورؤوس أخرى اقل رتبة وبما أننا ابعد ما نكون عن هذه التقاليد لأسباب عديدة ليس هذا مقامها فاقله فتح تحقيق جاد يحدد المسؤوليات وتنشر نتائجه للشعب .
إن ما حدث ليس نهاية العالم ، وربما قد يأتي في إطار "رب ضارة نافعة" فلم يحدث منذ أمد أن تابع الشعب الصحراوي باهتمام كبير في كل تواجداته وبكل معاني الكلمة قضية مثل خطف المتعاونين الأوروبيين الثلاثة ، وتمنى صادقا نهاية سعيدة لها ، لأنه أدرك ومنذ الوهلة الأولى معنى العملية الإجرامية وتبعاتها .
فهل ستدرك الحكومة هذه المعاني وتتدارك مناحي القصور وتعمل على معالجتها؟ خاصة أن الكل الآن شعبا وقيادة أحس خطر هذا التسيب وهذه اللامبالاة وذاق مرارة نتائجها وعواقبها الوخيمة , .