بقلم :أحمد بادي محمد سالم
في مخيمنا المتواضع ثمة سُلم واحد للمجد الادبي الخالد تصبح بفضل بركاته مدرسة شعرية خالصة لاتحتاج شهادة ميلاد بل تطأ بقدميها الشريفيتين على كل مطبات إصلاح الشعر التي تسمى نقدا ادبيا خالص وهو ان تأخذ مع الرئيس صورة او تتسول النساء كي يمنحنك فرصة في مركز النعجة لإخراج المبدعين الشعراء والمثقفين الى فضاءات أرحب بدعاية إعلامية خالصة تهيل عليك كل مسميات المجد الأدبي " الشاعر الجهبذ ... الوقور ..المناضل ..الشهم " ثم تنضم الى فطاحل الشعراء وبعدها يجوز لك مالايجوز لغيرك .. تبيع الناس وهم إسمه ابداع وخربشات يقولون لها شعر ملحمي .. لكنك ستجد من يساعدك في عملية التسويق الثوري الناجح ...
بركات البابا ورضا السلطان وشيء من الظهور كل مناسبة تصبح معها مبدع فذ وثروة أدبية تزاحم عقود التنقيب التي تمنحها الجبهة للشركات النفطية لكن ريعها يبقى في الخزينة الى غاية الإستقلال .
و مادام ريع الأحواض المنجمية يشبه "بيع الحوت فالماء" بالنسبة لواقعنا الحالي فلا بأس ببعض الوقت لتحقيق ثورة أادبية في قادم السنوات إقرؤ يرحمكم الله هذا الخبر السار لجمع المبدعيين الثوريين الأحرار :
( ... أشرف الوزير الأول، عبد القادر الطالب عمر، مساء يوم الثلاثاء، على تدشين دار "لارماتان-راصد"، أول دار نشر صحراوية-دولية تابعة لاتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين، بمخيمات اللاجئين الصحراويين، بحضور عدد كبير من أعضاء الأمانة الوطنية، والحكومة والبرلمان والمثقفين...) .
وحتى تزول حيرتكم هاكم تفاصيل الثورة كيف تمت وتحقق الحلم النبيل :(.. وفي هذا الإطار لا يسع دار نشر "لارماتان-راصد" واتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين، إلا أن ينوها بالمساهمات المعنوية والمادية التي قدمها كل من وزير الصحة، والي ولاية الداخلة، قائد الناحية الثانية، وقائد الناحية الخامسة، وزير التجهيز، وزيرة الثقافة، رئيس جمعية أولياء المعتقلين والمفقودين الصحراويين، ممثل الجبهة بالسويد، السفير الصحراوي المكلف بمهمة بالشيلي، واللائحة ستبقى مفتوحة للمزيد من الداعمين، لأننا لم نكد نضع أرجلنا على بداية الطريق، فمرحبا بكل من لديه رغبة في دعمنا على تعزيز هذا المشروع الوطني...)
بقي فقط ان يشارك ضحايا الحرب وجمعية آفاد الجزائرية والمديرية الوطنية لشهداء في هذه "التويزة" الوطنية كي تحقق الثورة الادبية اهدافها السامية في الوعي والتثقيف .
بهكذا تسول وطني نجح الحلم وأصبح حقيقة حتى المشاريع الفردية تصبغ بطابع الوطنية كي تجد كتابة الدولة للوظيف العمومي نفسها محرجة في الدفاع عن عامل مطرود فمن يملك في رزقه لن يجد من يحاسبه .. "اللي انشرلك افراشو لاتقعد اعليه" ..
فكرة بسيطة ماذا لوأن كل واحد من رعاة الأدب المحسنين , شمل بعطف كرمه الشباب التائه بين حلم البقاء ذخرا للوطن وأمل أن يكون في حسن مظنة اهله كحيط يستندون إليه في زمن الثراء الثوري الفاحش . وأسسو مجتمعين "منظمة لحمادة الخيرية لمساعدة اللاجئيين الصحراويين" .
يحتاج كل عمل فني وإبداع ادبي في وطننا البديل الى بركات البابا كي يصبح نصرا مؤزرا يتباهى بريعه الشعب المسلح وبقايا اللجان الثورية المدحورة من سرت العقيد المقتول الى تخوم مخيمنا اللاجيء , حتى ولو كان لايحمل من مواصفات العمل الأدبي الا الإسم وصفة الشخص صاحبه ليس إلا . لكن ثمة للقاعدة إستثناء حدث قبل أسبوع من الآن,
في غمرة الإحتفالات بالذكرى الاولى لملحمة "أقديم ايزيك" خرجت للعلن ومن وسط جموع الحاضرين في إمارة دبي الخليجية فتاة صحراوية بسيطة تبدو من ملامحها العفوية لتقول للجمع الحاضر أنا من الصحراء الغربية ولست مغربية ..قلتها نظيرة في ظل غياب وسائل الإعلام الوطنية وتغطيتها للحدث بطريقة "ماهو مهم مادام الرئيس مااعرظ اعلى الممثلات ",
خبر يتيم من وزارة الثقافة نشرته هته المواقع نقلا عن وكالة الانباء الصحراوية وصمت مريب من الساسة الذين عودونا على رسائل التهاني لكل من يحقق نصرا ما للقضية.
ومع كل هذا التجاهل فإن فيلم "دموع الرمل" الإسباني والذي صِّور بالكامل في مخيمات اللاجئين الصحراويين و بشخصيات صحراوية شابة فاز بجائزة أحسن ممثلة في مهرجان دبي السينمائي 2011 دون أن يحتاج الى لغط كثير أو بركات الزعيم كي يحقق الشرخ المراد في جدار الصمت العربي المتواطيء مع اطروحة الإحتلال .
مُنع من العرض لكنه خرج من تحت كل هذا بوجه فتاة صحراوية فرض صدق أدائها على اللجنة ان تعترف لها بما تستحق وهي الغائبة , فعلت الفتاتين ماعجز عنه رواد المنتديات الأدبية والرحلات السياحية بإسم القضية في الخارج ومع ذلك لم تنالا على الأقل الشكر الموفور والتقدير المطلوب بل بقيتا نسيا منسيا..
وحقق العمل النجاح الباهر دون ان يحتاج لبصمة الزعيم أوحضور إطارات الدولة الوفية المشرِّف بل حتى دون إفتتاحيات خشبية تقرأ ماخلف الحدث وتاثيراته المستقبلية على القضية في أوطان العربان وتنعت بطلاته بكل صفات الوفاء الخالص ..فارستي القضية .. وحفيدتي الشهداء ... وخريجتي المدرسة الوطنية للسينما ..هل تسمعون بها!
إنجاز "دموع الرمل " عرى أدب التسول والمن و"الوجهيات " وأثبت ان الجوهرة الثمينة قد تدفنها التراب لكنها لا تستطيع تغير لونها وان ماينفع الناس والقضية يبقى أما الزبد المحلى بمحلول التسول فيذهب جفاء .فهل فَهِِم أدباء ومثقفي اللجان الثورية والقائد الهمام عمق الدرس أم على قلوب اقفالها ؟! وهم المشغولون بالبيعة المقبلة في "قم" المحررة عفوا التفاريتي حاضرة زمور.
منذ سنوات تحولت بلدة" التفاريتي" المحررة الى مايشبه مدينة"قم " الإيرانية المقدسة عند الشيعة حيث الحوزات العلمية المؤهلة لإختيار مرشد الثورة الإسلامية . وحيث مصير البلد مربوط بيد شخص واحد يسمونه المرشد الاعلى , يعيد المشهد نفسه عندنا بعيدا عن الحيز الجغرافي للخليج الفارسي . تذهب جموع الإطارات المخلصة والمنتخبة بصفة الى البلدة المحررة .تخرج كل قبيلة فارس من أبناءها البررة تتجسد في تضحياته كل الشروط القانونية للترشح وبعد صراع كبير تُحدد الإصطفافات القبلية والتحالفات القذرة نتيجته ينتهي المؤتمر وتمنح كل الصلاحيات بيد رجل واحد رئيس الدولة والامين العام للجبهة وراعي الثقافة ورمز المشروع الوطني وربما قريبا في المؤتمر الثالث عشر يضيفون لتسمياته " المرشد العام للحركة"
مدام شعار المؤتمر المقبل مستلهم من شعارات الحركات الإسلامية الإخوانية "الإسلام هو الحل "
..."الدولة الصحراوية المستقلة هي الحل" ..
الزحف المقدس تجاه "قم" المحررة سيغطي بضجيجه المفتعل على ازمة المتضامنين المختطفين فلااحد في النظام يبدو مهتم بأطوار القضية او النبش فيها مادامت سحابة الحدث قد عَبرت بسلام من فوق رؤؤسنا وبداءت العامة تتعافى من لوعة الصدمة . فمن مصلحة النظام ان تردم القضية في كواليس التفاوض والمخابرات ثم يتم إخراج سيناريو التحرير بالطريقة التي تعيد للنظام وجهه البراق وللبيعة رونقها المعهود . جموع الحاضرين في القاعة يرفعون أيديهم لرجل واحد ومن خلف تصفيقاتهم يأتي صوت المذيع رخيما : "المؤتمرون يجددون الثقة في شخص فلان رئيسا للدولة بالإجماع " .. هذه التفاريتي منها حدثتكم وعودة الى بقية الاخبار .