محمد لبات مصطفى
سينعقد المؤتمر الثالث عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، مؤتمر الشهيد المحفوظ علي بيبا. في ظل إخفاق واضح لمخطط السلام الأممي ــ الأفريقي، وجمود مقلق على مستوى الجبهة الداخلية
سينعقد المؤتمر الثالث عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، مؤتمر الشهيد المحفوظ علي بيبا. في ظل إخفاق واضح لمخطط السلام الأممي ــ الأفريقي، وجمود مقلق على مستوى الجبهة الداخلية
ستظل الأسئلة تتزاحم حول ما سيأتي به المؤتمر في ظل أوضاع، ووقائع، ومؤشرات لازالت تدفع بفئة كبيرة من المواطنين الصحراويين، ومن مناضلي جبهة البوليساريو، للاعتقاد بتكريس الواقع السياسي الذي غلب على المنظمة منذ سنوات..فثمة مؤشرات واضحة للعيان، ترجح استمرار تعثر البرامج و الابقاء على إمكانات التعطيل القائمة، في ظل غياب معايير التقييم الموضوعية والقدرة الفائقة على تبرير الفشل..والتنصل من المسؤولية عن النتائج..ولكن كذلك بفعل تأثير قوى الشد العكسي الفاسدة والمفسدة، التي ستسعى قبل وأثناء وبعد المؤتمر لإحتواء مطالب الاصلاح والالتفاف عليها بدل التفاعل معها.
ممانعة الإصلاح في الجبهة الشعبية قوية، وهي "ممانعة" تنتظم ضمن "شلة متضامنة" من المتمصلحين..الذين ربما لا يدركون أن المصالح الصغيرة ربما تتحول في نهاية الأمر إلي خسارة هائلة؟ ومن يعتقد أن تلك "الشلة الممانعة" تنحصر في هيئة الأمانة فقط فهو مخطىء تماماً. فالأمانة الوطنية التي تصوَّب اليها سهام النقد الجارح ليس لها وزن كبير في إدارة شؤون البلاد، ولا ولاية حقيقية عليها، رغم أن القانون الأساسي يحملها عبء وأوزار الولاية العامة بين مؤتمرين.
صحيح قد يكون بعضا من أعضاءها من الممانعين للإصلاح ولكنهم ممانعون فرعيون، فهناك إضافة اليهم، قوس واسع من الانتهازيين والمؤلفة قلوبهم، والمتملقين، والمنتفعين، والمداهنين "حظروني نقسم لكم" وبعض الساعين بالغمز واللمز.؟ "العاظين" بالنواجد على إدامة المنظومة البالية..
القناعة تزداد بأن من بيدهم شؤون الحكم والقيادة، ماضون في تمرير الوقت وتقطيعه، تبعا لرؤاهم وتقديراتهم..؟ التي لا يتجاوز بعضها تلك المحاولات المعتادة والتوظيف التكتيكي لاستنفار الغرائز و"إعادة إنتاج وتسويق الذات" من خلال التوزيع "السخي" لمختلف ماركات "المقويات" و"المسكنات" ونحن هنا لا ننجّم بقدر نستعيد سلوكات ومواقف ماثلة أمام أعيننا تتكرر للأسف الشديد كل أربع سنوات.
على أرض طاهرة وفي ضيافة رجال شجعان، وعلى وقع النشيد الوطني سيفتتح مؤتمر الشهيد المحفوط علي بيبا، وستستعيد ذاكرة المخلصين صور وخصال رفاق تقدموا ذات يوم نفس الصفوف وتصدروا المشهد بالفكر والدم والمصداقية.. وكانوا وسيبقون مصدرا للإبداع والتميز..
سيستمع المؤتمرون الى التقرير الأدبي وأرقامه الفلكية..ستُحل القيادة ــ بانتظار عودتها أو جلها سالمة غانمة ــ سيقترح الأمين العام رئاسة المؤتمر التي ستحظى بالتزكية، وبانتظار التحاق بقية أعضاءها بالمنصة سيتحفنا الشعراء بقصاءدهم العصماء، وسينتقد المؤتمرون الفساد من دون تسمية الفاسدين..ويدينون التفريط من دون تسمية المفرطين..وستشكل اللجان ومنها لجنة الترشيحات التي ستُعنى بتفصيل عدد الكراسي وتطريزها على الهوى والمقاس والعدد الذي بدون اتمامه يُصادر حق المصوت، وتلغى لائحته في صناديق انتخابية لا تتوفر على قائمة المصوتين؟ ولا يشرف على مراقبة سيرها القضاة..؟ خلافا للمادة( 139). بالرغم من ان المشهد يبدو امامنا شاحبا مترهلا ضعيفا، ورغم كل اشارات الاحباط و خلط الأوراق، ورغم الفجور في الخصومة السياسية الخارجة عن التقاليد والاعراف. وبالرغم من الضجيج و"التبرزيط" الذي يملأ الفضاء من حولهم، فان الصحراويين كلهم أمل وعيونهم شاخصة الى مؤتمرهم القادم ــ منتصف ديسمبر 2011 ــ و ما سيترتب عنه من نتائج عليها بالقطع سيتوقف مستقبل الصمود والنهوض..
فالجماهير الصحراوية لازالت تعلق الرجاء على قيادتها في التعاطي الايجابي مع نبض الشارع..وتتوخى من مؤتمر الشهيد المحفوظ علي بيبا أن تتجاوب نتائجه مع إيقاع التغيير المجتمعي، وتستجيب لمتطلبات البيئة الداخلية والخارجية، وتلبي جوهر مطالب الصحراويين في الاصلاح، بما يتناسب مع جلال ثورة عنوانها الحرية والاستقلال والديمقراطية وحقوق المواطنة..؟
القناعة تزداد بأن الشعور بالمسؤولية الوطنية، والحكمة، لن يغيبا عن بلادنا كلية. والعقل الصحراوي كما خلقه رب العالمين، يفكر، و يتدبر، ويختار..والصحراويين بالتأكيد بينهم الكثير من المخلصين ممن يستطيعون في أحلك الظروف إدارة الأزمات، وتعزيز المُنْجَزْ من المكتسبات بما يحفظ للوطن أمنه، الذي هو أول الفرائض.وللمواطن حقوقه، التي هي أوجب الواجبات.
حتى يتحقق ذلك لابد من تأمين أجواء الديموقراطية، واعطاء الوقت الكافي للمؤتمرين ــ سيناريو 5 دقائق ــ لكي يغوصوا بجدية في نبش جذور العطب الاجتماعي والسياسي قصد تقويم الذات و اصلاح المؤسسات، ومعالجة مسألة صلاحيات الهيئات القيادية بما يعزز حزمها وينهي عقلية الهيمنة داخلها.
لابد أن يعكف المؤتمرون على مراجعة نقدية شاملة لنتائج المؤتمر السابق ويطالبون بإيضاحات واضحة عن حصيلة مؤتمر الشهيد مسعود أمبارك أحمد لحسن، حول الرفع من جاهزية اليد المسلحة للشعب؟ وكشف الحساب بخصوص دور التنظيم السياسي للجبهة "الانجازات و الاخفاقات" لابد من تمحيص وتقييم مسيرة التفاوض الباهتة "مرجعياتها ونتائجها" ولم لا اقبار المفاوضات العبثية و"تشييع جنازة مخطط التسوية" في التفاريتي المحررة. خصوصا بعد ان تأكد سقوط رهان "الثقة في الدور الأممي "النزيه"؟. هناك الكثير المطلوب عمله حتى يستعيد العقل الصحراوي صحوته..والقائد قيمه..والمواطن ثوابته..والمشروع الوطني أركانه.. والمناضل مبادئه..والشخصية الصحراوية أخلاقها وأعرافها وتقاليدها التي يعيب خرقها خاصة ممن تنظر اليهم العامة على انهم القدوة والمثال.
لقد بات ضرورياً التركيز على ما نشترك فيه جميعا: الاستقلال، حب الوطن، الجبهة الشعبية، الإعتزاز بالهوية الوطنية، الحرص على تعزيز مظلة الوحدة الوطنية، تقدير جيش التحرير الشعبي، تمجيد شهداء الشعب، انتفاضة الجماهير في المدن المحتلة، وترسيخ قيم التعاضد والألفة الإجتماعية وانهاء الوساطة والمحسوبية من جميع الجهات والهيئات ومساواة أبناء الشعب الواحد، فلم ينزل أحد من السماء "بالبراشيد".
لامناص من ايجاد آليات للتجديد وتحديد مدد زمنية لشغل المواقع الأساسية في قمة السلطة العامة، ولابد من وضع حدود معلومة بين "بيت المال" العام والمال الخاص..اضافة الى وجوب انشاء هيئة وطنية للنزاهة، تتمتع باستقلالية وحصانة في المراقبة، وإعلان نتائج التحقيق امام الرأي العام الوطني الصحراوي. لابد من تفعيل دور المجلس الدستوري كهيئة مشرفة على الانتخابات.لابد من تفعيل القضاء الاداري وسن قانون محاسبة وعزل من أفسدوا الحياة السياسية والاجتماعية بتهمة استغلال النفوذ. لامناص من نشر ثقافة نقد الأداء الوظيفي..
لتجاوز الحالة المأزومة الراهنة لابد أن تمتلك القيادة الصحراوية هذه المرة مستوى من الشفافية يدفعها الى شجاعة تحديد الأخطأ ولاعتراف بمسئوليتها عنها؟ وهي أخطاء وتجاوزات ذات علاقة مباشرة بتوفير المناخات الملائمة لسعة الارتداد المعلن أو المستور، وحتى التنكر لثوابت الكفاح الوطني؟
لابد من إعادة النظر في وظيفة المجلس الوطني، وتفعيل دوره الرقابي، ومده بالأسنان والأظافر اللازمة لمحاسبة المقصرين المفرطين وكل من تمتد أياديهم أو جيوبهم إلى الممتلكات العامة. اضافة الى اصلاح منظومة القضاء الذي يقضي بين الناس، وإلغاء جميع التعليمات و الأنظمة التي تحد من استقلاليته وفعاليته، أو تحد من حصانة القضاة، أو تفتح الباب "للفنيات" التي تقوم بادوار موازية خارج إطار النظام القضائي..؟
من غير المعقول ان يتستر القضاء بالقانون ويستمد منه المبررات عندما يصعب عليه ادانة الظالم..؟ مُعيب ان يظل القانون في بلادنا الجمهورية الصحراوية، لعبة مد و جزر يطال من يريد ) المواطن( ويترك من يريد )المسؤول( باسم العدالة؟ ومن غير اللائق أن يطأطأ القضاة أهل الحق والعدل والعدالة رقابهم أمام التعليمات الحكومية.. بحجة عدم وجود محاكم مختصة..؟ فمنذ اللحظة التي يتوفر فيها للقاضي حصول الظلم يجب عليه أن ينطق بالحكم العادل، والا اعتبر ناكرا للعدالة.. فهل من مذكر ؟ القاعدة التي يتَّبعها القوم الى حد الساعة تقول: تحدثوا عن الاصلاح ما شئتم، اكتبوا ماشئتم، طالبوا بندوات للحوار الوطني، نظموا وقفات أو حتى اعتصامات، ولكننا سنفعل ما نريد؟ هذا ما توضح من خلال التجربة على الأقل..وربما سيبقى يتوضح مما يعني ان المؤتمر القادم لن يتعدى كونه مجرد " احتفال انتخابي " تتخلله مسرحيات التصفيق والتأييد والابتهاج، والتزكية وزيادة "الشعبية" بانتقال هذا الاسم أو ذاك صعودا أو هبوطا في الدور الأول؟ فهل السلطة في موطن اللجوء الذي يعتاش أهله على فتات المساعدات الخارجية تستحق كل هذه المعارك وذاك الفجور..الذي الحق باستحقاقاتنا الوطنية كثير من التشوه والمسخ وبشكل صارخ وفاضح ؟
حتى لا يختزل نجاح المؤتمر في التجديد للأمين العام، وجل أعضاء الأمانة الوطنية، أو في قانون (كوتة) النساء، يجب الاعلان من بلدة التفاريتي المحررة عن حكومة تعزز أسباب الصمود، وتستجيب تشكيلتها لانجاز مهام التحرير وأولويات المرحلة الراهنة والمقبلة. ببرنامج زمني يحدد تواريخ البدء والانتهاء من التطبيق. حكومة تخضع في جميع أعمالها وقراراتها إلى المحاسبة والرقابة
عندها فقط سنتعافى ويمكن أن ننهض. محمد لبات مصطفى