النانة حمدي ميارة
بداية و حتى لا يذهب البعض إلى إطلاق العنان للتأويلات،والتفسيرات،و التحاليل،والنقد غير البناء. أود أن أشير الى أن هدف هذا الموضوع هو التأسيس لنقاش بناء،و هادف ،و إيجابي، للوصول الى دفع عجلة تطوير الجالية الصحراوية الوليدة ، لمواكبة نظيراتها من الجاليات الأخرى الموجودة في أوروبا. كما لابد من الإشارة الى الدور الرائد الذي لعبته الجالية الصحراوية في تأسيس و تمويل ثورة 20ماي 1973، حيث شارك بعض أبناء هذه الجالية في المؤتمر التأسيس للجبهة 10ماي 1973، و في المعارك الأولى للثورة ضد الإستعمار الإسباني. و ما أن بدأت طلائع الغزو المغربي و قوات ولد دداه تتوجه نحو أرض الساقية الحمراء ووادي الذهب حتى هب أفراد جاليتنا في أوروبا .ملبين نداء الجهاد، فتركوا المصانع و أغلقوا المتاجر و غادروا مقاعد الدراسة. و حملوا السلاح ليرووا أرض وطنهم بدمائهم الطاهرة الزكية.ومن بقي منهم شكل دعما معنويا و ماديا للثورة طيلة العقود الماضية. و ما أن تم توقيف إطلاق النار(المشؤوم) بين جبهة البوليساريو والمغرب 1991 حتى بدأ أوائل المهاجرين الصحراويين يتوجهون من مخيمات اللجؤ الى أوروبا و خاصة إسبانيا وإلتحق بهم آخرون من المناطق المحتلة و من موريتانيا،و كغيرهم من المهاجرين كانت الأولية لتثبيت أقدامهم في البلد المضيف،و السبيل لذلك هو إعداد أوراق الإقامة ،بعدها إتجهوا الى تكوين بعض الجمعيات هدفها تأطير الصحراويين القادمين ومساعدتهم و تذليل الصعاب التي تعترضهم ، و إقامة أنشطة خاصة أن الثقافة السائدة آنذاك عند كل صحراوي توجه الى الخارج هي القيام بنشاط سياسي أو إعلامي أي بناء خيمة ،إقامة معرض،سهرة فنية ، والتحدث مع من يستطع حول القضية الوطنية لكنهم واجهوا مصاعب من ضمنها التصادم مع تمثليات الجبهة المنتشرة عبر التراب الإسباني. وتهميش سلطات الجبهة لهم ،و عدم الإعتراف بهم ، ونعتهم بكل النعوت (جناة الطماطم، رعاة الخنازير عند النصارى). و كذلك صد الأبواب في وجههم، و هي إكراهات سنتحدث عنها لاحقا. أما بالنسبة للمؤطرين أنفسهم ،فإنهم لم ينجحوا لإفتقادهم التجربة و المؤهلات الكلفيلة بتكوين جالية قوية ومتينة،و عدم الإستمرارية، كما أن بعضهم كان يهدف الى تحقيق مآرب شخصية.ولما تزايد عدد أفراد الجالية ،اصبح يشكل عامل ضغط كبير على الدولة الصحراوية (خاصة من الناحية الأمنية لأن المخابرات المغربية بدأت تحاول الإستثمارالأمني و السياسي في محيط الجالية الصحراوية يساعدها في ذلك ما أشرنا له من تهميش و مضايقات مارسها بعض مسؤولي تمثليات الجبهة على أفرادالجالية). بدأت الدولة الصحراوية بإنتهاج سياسة محتشمة إتجاه الجالية الصحراوية بإسبانيا، فبعثت ممثلين لها يقومون بتأطير المهاجرين الصحراويين في ما يسمي بالجالية و كان ذلك بإتباع نفس الأسلوب و المنهجية التي إعتمدت مع الجالية الصحراوية في الجنوب(موريتانيا) و الشمال(الجزائر). و كالعادة أسندت مهام التسيير لأشخاص معروفين لدى الدولة لأنهم كانوا قد تقلدوا مناصب فيها سابقا ،أو كانت لهم تجربة تكوين جمعيات صحراوية كما وضحنا آنفا.و في نظري أن هذا الأسلوب لم يأت بأكله للأسباب الآتية ؛
الجالية هي منشأ ذاتي بإرادة أفراد الجالية أنفسهم دون تدخل خارجي نتيجة عوامل
مشتركة (الوطن،اللغة،الدين،العادات و التقاليد،و الهدف المشترك" يسميه البعض المصالح المتبادلة" ). وليست إطار يفرض من الخارج ( أي البلد الأصلي)، الذي تختصر مهمته في إعداد الإجراءات و النظم والقوانين التي تكفل تعامل الدولة الرسمي مع الجالية في إطار علاقة محترم بين الطرفين
تداخل (حتى لا أقول تصادم) دور تنسيقية الجالية مع تمثلية الجبهة و هذا إنعكس على إمتدادات كل منهما في التراب الإسباني ( لأن كل واحدة منهما تابعة لجهة رسمية من الدولة الصحراوية التنسيقية وزارة المدن المحتلة و الجاليات..... و التمثيلية وزارة الخارجية).
حاولت التمثيلية(تمثيلية الجبهة بإسبانيا) إيجاد حل يتمثل في ترك بعض الصلاحياتللتنسيقية(تنسقية الجاليات) منها،
تجديد جوازات السفر و إعداد الوثائق التي يحتاجها أفراد الجالية.
تنظيم الرحلات الصيفية لأبناء الجالية.
القيام بالأنشطة الإعلامية و الثقافية.
و إحتفظت التمثيلية بالخط الأحمر
المشاريع الممولة للمخيمات.
التنسيق مع المنظمات الداعمة للشعب الصحراوي.برنامج رسل السلام(قدوم الأطفال في الصيف,).
رحلات العائلات المحتضنة للأطفال في الصيف.
و التنسيق الرسمي( بلغة الإقتصاد كل ما فيه ربح مادي).و هناك أسباب ذاتية تتعلق بالجالية
أن أعضاء الجالية محملين بتبعات الواقع الموجود في الوطن الأصلي ( الخلافات
السياسية، العائلية والقبلية). و عوامل أخرى ليس هذا محلها.هذه مقدمة للدخول في الموضوع و هو ثقافة التأثير و التأثر الإيجابي.
وأعني بالتأثيرالإيجابي هو تأثير الجالية في المحيط الموجودة به ، ولكي يتحقق ذلك
لا بد من توافر معطيات معينة منها؛معرفة لغة البلد المضيف و عاداته و تقاليده.
محاولة الإطلاع على نظم و قوانين هذا البلد، و مسايرة منها ما لا يتعارض مع قيم وأخلاق الجالية، و عدم إتباع ما هو مخالف لذلك ما أرى أنه يحقق التأثير الإيجابي بالنظر الى تجربة الجاليات الأخرى، و يتجلى في ثلاتة محاور" الجانب السياسي،الإجتماعي و الإقتصادي".بالنسبة للجانب السياسي،.-
أعطته الجالية أهمية كبرى بتوجيه من الدولة الصحراوية ويتبلور في÷ إقامة الأنشطة و الفعاليات الإعلامية ( بناء خيم ،معارض ،سهرات، مسيرات في المناسبات خاصة
اتفاقية مدريد"). و أهملت النقاط المهمة التالية؛-
الإنخراط في المنظمات المهاجرة الأخرى (العربية ، الإسلامية ،الإفريقية،و العالمية).
التواصل مع المحيط الذي تقيم به الجالية ( البلديات، المناطق)، والمشاركة في فعالياتها.إقامة المحاضرات والورشات للتعريف بعادات و تقاليد الشعب الصحراوي.
و بالنسبة للجانب الإجتماعي؛- التركيز على :
إعداد المساجد ومحاولة فتح أقسام داخل المدارس التي يدرس بها أبناء الجالية لتعلم اللغة الأم (العربية) بالإضافة الى الدور الذي سيلعبه المسجد في تحصين الأبناء.
الإنخراط في النوادي الرياضية و الثقافية.تفادي التجمهر في الساحات العمومية أوقات الدوام الرسمي لإنه يسيئ لسمعة الجالية
و تصف بالخمول و التكاسل. و في الجانب الإجتماعي لا يفوتني إلا أن أنوه بمعاني
التكافل الإجتماعي السامية السائدة بين أفراد الجالية الصحراوية و التي تتميز بها عن
نظيراتها من الجاليات الأخرى.
و فيما يخص الجانب الإقتصادي؛- يمكن إتباع الخطوات التالية
فتح محلات للبيع.(الحلال)،و المقاهي،والمطاعم ،و محلات للحلاقة،و الهواتف العمومية وتحويلات العملة مع ضرورة تجنيب هذه المحلات أن تكون موضع شبهات،مثل ما يفعل البعض من الجاليات الأخرى.
ولوج الأسواق المتنقلة و الموسمية.إعداد صناديق دعم خاصة بالجالية في محل تواجدها يكون لحالات الطوارئ.
عدم المساهمة بما من شأنه زيادة الدخل المادي للمحتل المغربي مقاطعة محلاتهم
و تفادي العبور عبر ترابهم هذه الخطوة أعرف أنه مكره أخاك لا بطل مجبرين على العبور نظرا لتعقدات العبور من الطريق الأخرى.
أما التأثر الإيجابي؛
يقصد به الإندماج في البلد المضيف و ليس الذوبان الكلي، و ذلك بإتباع النظم و القوانين السائدة دون التخلي عن تقاليد وقيم البلد الأصلي.
وفي الختام أشير الى بعض الإكراهات التي تواجه أفراد الجالية الصحراوية، راجيا من المعنيين محاولة إيجاد الحلول المناسبة لها،لكي تتمكن الجالية من أداء دورها الرئيسي بفعالية ويتصدر هذه الإكراهات صعوبة تجديد وثيقة السفر(جواز السفر) لذلك لا بد من تذليل الإجراءات البيروقراطية التي تؤدي الى تأخير التجديد( هناك بعض أفراد الجالية من تصل مدة إنتظاره لجواز سفره عدة سنوات).مما جعل المتضرر يلجأ للحصول على وثائق أخرى موريتانيا أو مغربية.
تعقيد مرور السيارات عبر التراب الجزائري ؛- فإضطر أفراد الجالية الى العبور عبر التراب المغربي ثم المناطق المحتلة و التراب الموريتاني و الرابح في ذلك هو المحتل المغربي، و بحل هذه الإشكالية يتم قطع الطريق أمام إستفادت العدو وتحويلها الى حساب الحليف .ويتم كذلك تخفيف المعانات عن أفراد الجالية.
وأخلص الى القول بضرورة تواصل سلطات الدولة الأم مع الجالية، ويتم ذلك بالطرق
التالية :
الزيارة الرسمية لمسؤولي الدولة الى أماكن تواجد الجالية،و الإستماع لمعاناتها و
الإكراهات التى تواجهها ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها( هذا من شأنه إعطاء دفعةمعنوية للجالية.
إقامة الندوات و المحاضرات لنشر ثقافة العمل في مجال الجاليات و عرض تجارب
أخرى ناجحة في هذا الميدان.التركيز على الجانب الأمن الوقائي للجالية(و أركز على الأمن الوقائي حتى تكون العبارة مفهومة جدا) و محاولة تحصنها من الإختراقات و تفادي السقوط في شراك المتآمرين على القضية الوطنية.فالجالية سلاح ذو حدين و هذه بديهية يدركها الجميع والغلبة لمن يحسن إستغلالها.
وموضوع الجالية موضوع معقد وشائك ،لاتكفي هذه السطور القلية لإعطائه حقه و لكنها كما أشرت في البداية لبنة للإثراء.و إذا توافرت النية الحسنة، و الإرادة الصادقة. يمكن التواصل مع من أراد ذلك لترجمة هذه الأفكار و ما سينتج عن النقاش و المشورة على أرض الواقع ، للنهوض بجاليتنا الى الهدف الذي يتطلع إليه كل صحراوي مخلص