اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

تنظيم القاعدة المخزنية الجديد في شمال غرب إفريقيا

كتب بواسطة : futurosahara on 14‏/12‏/2011 | الأربعاء, ديسمبر 14, 2011


السيد حمدي يحظيه
من الممكن الآن أن نقول، بالكثير من العناد، أنه، أخيرا، تم فك لغز وشفرة اختطاف المتعاونين الأوروبيين، أصدقاء الشعب الصحراوي، من مخيمات اللاجئين الصحراويين في أكتوبر الماضي. فماذا حدث مؤخرا من حراك في ملف الرهائن سالفي الذكر يكون قد رجَّح التحليل الذي ذهب إلى القول أن المغرب ومخزنه كان وراء وأمام وبجانب عملية الاختطاف، وأضْعَفَ حجة الذين ألصقوا التهمة والجريمة والجناية بالقاعدة، والذين وصلوا حتى القسم أنهم اكتشفوا بصماتها على الرمال التي سارت فيها سيارات المختطفين. إن صمت القاعدة الطويل غير العادي وعدم تطبيلها وتزميرها للاختطاف في الساعات الأولى\ الأيام الأولى\ الشهر الأول طعن في فرضية اختطاف القاعدة لأصدقاء الشعب الصحراوي، وجعل الشك يدور، يلف ويفتح عينيه ثم يلتفت إلى المغرب من جديد..
إن التشكيك في اتهام المغرب والحذر والبرودة التي تعاملنا بها مع الحدث، وعدم إعلان القاعدة مسئوليتها عن الحادث، دفعنا والعالم معنا إلى طي الصفحة وتسجيل القضية ضد مجهول، وحتى تم وضعها إعلاميا وسياسيا في الأرشيف وفي "الكَبَّة". لكن، من جهة أخرى، إذا كانت القضية تم السكوت عليها إعلاميا وسياسيا – وهذا خطأ افدح من الفداحة- فإنها بقيت مفتوحة أمنيا وسياسيا؛ أي أن المجهودات الصحراوية، الجزائرية، الموريتانية بقيت قائمة في محاولة للوصول إلى فك لغز الاختطاف وإعادة هؤلاء الأبرياء إلى أهلهم. 
وفي خضم انشغال الكثير منا في الأيام الأولى بسب الوGN HGالأولى ال     بسب وشتم القاعدة والتفل عليها وتحميلها مسئولية الاختطاف، كانت أسبانيا، دولة الرهائن، قد أدركت أن المغرب – دون توجيه الاتهام له مباشرة- له يد في العملية. ففي حين كان الجميع يقشط ويمشط الصحراء الكبيرة حبة، حبة وغارا، غارا، حجرة حجرة كانت أسبانيا تبعث مسئولين كبار سياسيين وأمنيين إلى المغرب للتفاوض معه حول قضية عامة ظاهريا، لكن باطنيا ليست سوى قضية اختطاف المتعاونين الأسبان من المخيمات.    
ورغم تسجيل القضية ضد "مجهول" أو اتهام برئ بقيت الصحراء التي تتحصن فيها القاعدة ترشح كل مرة "بجديد" عن الرهائن: وصلوا إلى القاعدة، تم بيعهم للقاعدة، إنهم يوجدون في مكان كذا من الجهة كذا، هناك مفاوض بارع معروف بتدخله، قال أن الخاطفين هم صحراويون من القاعدة، هناك من يقول أن شيوخ المناطق التي توجد فيها القاعدة قالوا أن القاعدة ليست وراء الاختطاف. 
قراءة الوقائع 
في أسرع من لمح البصر، بدأت أمطار أخبار الرهائن المذكورين تتساقط، وعادت القضية إلى السطح من جديد. 
- خبر أول:
أخبار مؤكدة تقول أن المخزن المغربي والمخابرات الفرنسية ينشطان بحرية الآن في المناطق التي توجد بها القاعدة، وأن واحدا من أمراء القاعدة الكبار بايع المخزن وفرنسا لتشكيل فرع جديد من القاعدة في المنطقة ممول من القصر الملكي وباريس. 
- خبر ثان:
يومان أو اقل على وصول الخبر الأول، وصل خبر ثان يقول أنه تم اعتقال اثنين صحراويين أو لونهما يشبه لون الصحراويين أو أن جدهم ( أحمد باب) هو اسم متداول في موريتانيا والصحراء والبوليساريو. خبر الاعتقال هذا وربطه بالاختطاف والصحراويين ركبت عليه الصحافة المغربية بالقول" أن البوليساريو هي التي وراء الاختطاف، وأن الشخصين المذكورين المعتقلين في نواذيبو هم من قادة البوليساريو. " 
- خبر ثالث:
أقل من يومين بعد وصول الخبر الثاني أعلنت القاعدة - وهي مشكورة جزيل الشكر على ذلك- أنها بريئة من عملية الاختطاف التي حدثت في مخيمات اللاجئين. إن إعلان القاعدة هذا كان بمثابة سكب ماء بارد جدا على رؤوس كل الذين سارعوا إلى اتهامها بالخطف. 
- خبر رابع 
يوم بعد بث الخبر الثالث أعلنت "قاعدة أخرى" جديدة، شبح، أنها المسئولة عن الاختطاف، وأنها منشقة عن القاعدة الفرع. 
لنذهب الآن إلى التحليل 
الذين اتهموا المغرب أول يوم، كانوا متأكدين أنه، حسب خطة مخططي ومنفذي العملية، فإن الرهائن المعنيين ( الأسبان والإيطالية) المختَطَفين سيصلون أو سيباعون إلى القاعدة حتى تتبنى هذه الأخيرة العملية، وبالتالي يتم بعد ذلك التطبيل المغربي أن المنطقة غير أمنة وأن هناك علاقة بين البوليساريو والقاعدة. 
- نقطة الخلاف الأولى بين القاعدة والمختطِفين( المخزن):
على ما يبدو حدث هناك خلاف بين القاعدة والمختطِفين افسد سيناريو المخزن: رفضت القاعدة إعلان نسب العملية لمقاتليها؛ فهي، على الأرجح،  تعتبر أن هذه العملية هي بيع وشراء، وليست عملية " جهادية" قام بها بعض " مجاهديها"، وبالتالي، حسب عقيدة القاعدة- هذا مجرد تصور فقط-، فإن المرتزقة أو المتعاونين مع المخزن الذين قاموا بعملية الخطف لا يحق لهم حمل اسم "مجاهدين" ولا يمكن أن ينالوا شرف اختطاف "كفار".                     
- نقطة الخلاف الثانية بين القاعدة والمخزن 
لماذا تمت إثارة قضية الرهائن الذين اختُطِفوا من المخيمات في هذا الوقت بالذات.؟ أثيرت بالضبط بُعيد اختطاف رهائن فرنسيين من مالي. إن اختطاف رهائن فرنسيين في مالي جعل المخابرات الفرنسية والمخزن يغضبان من تصرف القاعدة التي تقوم ببعض الخدمات أحيانا لصالحهما. فالمغرب وفرنسا يريدان إن تبقى القاعدة، أو جزء منها، تنشط ضد الجزائر وضد الصحراويين فقط، لكن لا تلمس شعرة واحدة من الفرنسيين. لكن عقيدة القاعدة، تعتبر أن كل الأجانب سواء كانوا فرنسيين أم غيرهم هم هدف "لمجاهديها". إن هذه الخلافات مجتمعة هي التي جعلت القاعدة تعلن أنها غير مسئولة عن اختطاف الأسبان والإيطالية من المخيمات.          
  - لماذا الإعلان عن تنظيم جديد منشق عن القاعدة في هذا الظرف وتبنيه لعملية الخطف؟
إن تبرؤا القاعدة من خطف الأسبان والإيطالية من المخيمات، وغسلها لديها من الجريمة المذكورة جعلت العالم كله، خاصة المتابع منه للوضع الأمني في الساحل الإفريقي والغرب تحديدا، يلتفت إلى المغرب بصفته الطرف الذي أتهمه بعض الصحراويين واتهمته أسبانيا بطريقة غير مباشرة، وهو أيضا المستفيد سياسيا وإعلاميا من عملية الخطف. إن التفات الجميع نحو المغرب بصفته المذنب جعل المخابرات المغربية( المخزن) تفبرك مسرحية من مسرحياته التي عودتنا عليها حينما يتعلق الأمر بالإرهاب الذي يختل الصحراويين والبوليساريو. فأختراع اسم تنظيم جديد " التوحيد والجهاد في شمال غرب إفريقيا" وتبنيه لعملية الخطف ما هو إلا فبركة، وهو وفي الأخير تنظيم وهمي لا وجود له، والهدف الواضح من إعلانه الآن هو لفت الأنظار عن النظام المغربي المتهم الأول بعملية تدبير خطف الأسبان من المخيمات في أكتوبر الماضي.
لو كان هذا التنظيم وُجد فعلا قبل اختطاف الرهائن من المخيمات لماذا لم يُعلن عن عملية الخطف من قبل، ولماذا انتظر حتى تبرأت القاعدة من العملية.؟ إن التنظيم الجديد لا وجود له، وإن وُجد فهو من تدبير المخزن. أكثر من ذلك من الآن فصاعدا لن يقوم هذا التنظيم بعملية إلا في الغرب الجزائري وفي المناطق المحررة من الصحراء الغربية.