اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

متلازمة الحاكم العربي الخيانة أو عدم الأهلية

كتب بواسطة : futurosahara on 15‏/12‏/2011 | الخميس, ديسمبر 15, 2011


اسلامة الناجم
عندما تطالع كتاب "كلام في السياسة "، للكاتب الصحفي المصري محمد حسنين هيكل ، تنجلي الصورة أمام ناظريك ،صورة الحاكم العربي الذي يسوس بلاده بالمزاج ، في غياب تام للدولة ومؤسستها ، وتدرك لماذا ظل العرب يراوحون مكانهم في التخلف والاستبداد ، والفساد وامتهان كرامة المواطن ،على الأقل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحصول معظم الدول العربية على استقلالها ، فمن الحسن الثاني الى الحسين بن طلال الى القذافي الى السادات ،وكلهم رحلوا عن هذا العالم ، بعد أن حكموا أوطانهم وشعوبهم عشرات السنين  اقلهم حظا  السادات ومع ذلك حكم إحدى عشر سنة كاملة وهي على قصرها مقارنة بنظرائه تعادل أطول فترة للحكم في نظام ديمقراطي عريق كبريطانيا ولولا اغتياله لكان هو الذي كنسته ثورة 25 يناير وليس نائبه حسني مبارك الذي تولى الرئاسة بعده.
دفعت الأمة العربية أثمانا فادحة في معركتها مع إسرائيل  وتوالت الهزائم المنكرة في الحرب أولا ثم في السياسة والاقتصاد وغيرها ، والسبب أو  احد الأسباب - إن شئت الدقة- لكنه من أهمها انكشاف ظهر الأمة أمام عدوها بفعل خيانة الملكين الحسن والحسين ولئن تفهمنا المبررات التي دفعت حسين الى الخيانة والارتماء في الحضن الإسرائيلي وقد عدد هيكل بعضها  وأولها اشتراك مملكته الحدود مع إسرائيل،التي تفوقه قوة عشرات المرات وخوفه على عرشه ، فما عذر الحسن الذي مكن الدولة العبرية من متابعة أشغال جلسات القمم العربية والإسلامية المنعقدة في مملكته من  خلال التسجيل الصوتي المباشر وهو الذي تفصله عن إسرائيل آلاف الكيلومترات، وخيانة الحسن الثاني محيرة فقد وجدت حتى قبل أن يتعرض لمحاولات الانقلاب على عرشه ، لكن الحيرة سرعان  ما تزول إذا عرفنا أن تاريخ حكم العلويين للمغرب كله خيانة وغدر بالأمة وبالجيران .
دفعت مصر وليبيا ثمنا باهضا من نهضة البلدين وتقدمهما بسبب أمزجة السادات و القذافي المتقلبة والكراهية المستحكمة بين الرجلين لبعضهما، رغم الإمكانات البشرية الجبارة لمصر من عقول خبيرة وأيدي مدربة وإمكانات ليبيا المالية الهائلة ، لكن نزق الرئيسين وطيشهما أهدرا فرصا على الشعبين للنهوض والانطلاق نحو المستقبل.
حالات هؤلاء الحكام الأربعة ليست منفردة أو معزولة بل يمكنك وبكل اطمئنان وراحة بال أن تعممها على الحكام العرب ملوكا أو رؤساء، فإما الخيانة للوطن والأمة والدين ، وإما إهدار طاقاتها و نهب ثرواتها وجعلها مزرعة للعائلة والشلة .
 من خلال سطور الكتاب "كلام في السياسة " والنماذج التي عرضتها،  تدرك الى قعر نزل حكامنا ونزلوا بنا شعوبا و أوطانا معهم ، ومع ذلك لازلت تجد من يجادلك ثاني عطفه في أن الديمقراطية كذبة غربية وأنها اختراع  لتكفير الناس وزرع الفتن بينهم ، والأدهى انك تسمع هذا الكلام ومثله من نخب مثقفة يفترض فيها أن تقود نحو الأفضل فإذا بها هي العائق أمامه ، هذه  الديمقراطية التي تجعل أي مواطن بإمكانه مقاضاة رئيسه ووصفه بما شاء من ألفاظ قد تكون نابية في بعض الأحيان كل حسب تربيته وأخلاقه وقد يرميه بالبيض أو الطماطم بل وتكسير أسنانه كما فعل مواطن ايطالي لبرلسكوني ذات يوم  دون أن تسحله المخابرات في السجون وورائه أهله وكل من يعرفه ، هذه الديمقراطية التي تجعل من الحاكم مجرد إنسان يحاسب اشد الحساب إذا اخطأ ، وليس أنظمتنا التي جعلت الحاكم الها  لا يسأل عم يفعل ، وجعلت من سقطاته وبذاءاته وفشله او خيانته حكمة لا تستوعبها العقول ولا يحيط بها فهم، وجعلته ضرورة  لابد منها ومثال لم تنجب النساء مثله ونعمة وجب علينا تقييدها بالحمد صباح مساء ، هذا الديمقراطية التي جعلت أمما تطأ القمر او تغوص في أعماق البحر او تكتنز من المعرفة أكثر مما يكتنز حكام العرب مجتمعين من الذهب والنقود، وجعلت من التداول السلمي على السلطة وسيلة وغاية ،لقد عاصر القذافي ثمانية رؤساء أمريكيين ثلاثة منهم أعيد انتخابهم عهدة ثانية ,كان يحلم ان يورثها لأحد أبنائه ، وهو الذي جاء الى الحكم بانقلاب على الملكية، وكذلك جاء إخوانه وحكموا بشرعيات شتى ، ولم يتنازل عن كرسيه إلا بحرب أهلية وتدخل عسكري أجنبي مباشر انتهى به الى تلك الميتة الفظيعة.
 لا شرعية دون الديمقراطية والاختيار الحر للشعب ، لا شرعية دون الاحتكام الى مؤسسات الدولة وتحديد الصلاحيات والمسؤوليات .