اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

هل نغير الذات أم الأداة؟

كتب بواسطة : futurosahara on 02‏/12‏/2011 | الجمعة, ديسمبر 02, 2011


عن طريق عملية حسابية  بسيطة قد نصل إلى نتيجة معقدة  ، حيث أن ضرب ثلاثة عشر التي تعني المؤتمر و ثلاث سنوات - حتى لا نقول أربع -   التي تعني متوسط الفارق الزمني بين المؤتمرات الشعبية سوف يصل بنا الأمر إلى قرابة أربعة عقود .. وبهذه العملية الرياضية  نكون قد انتقلنا استدلاليا من بساطة عد السنوات إلى  صعوبة عد النتائج . وسوف نجد أنفسنا حتما أمام تساؤل كبير شقه الأيمن عن طبيعة هذه  النتائج طيلة أربعة عقود وشقه الأيسر عن مسؤولية هذه النتائج هل ذوات المسؤولين أم أداة المسؤولية و العمل لديهم  . 
لا يختلف اثنان على أن المؤتمر الشعبي العام  الثالث عشر للجبهة  ينعقد في ظروف  مختلفة تماما  عن النسخ السابقة لهذا الحدث الذي يسائله الجميع  عادتا ولا يجيب إلا ب - نعم - ، وهذه الظروف الوطنية و الإقليمية وحتى الدولية  قد جعلت من أداة  التغيير الوحيدة  هاته زئبق على صفيح مستوي ، إما أن تكون بالفعل  أداة بيد الشعب و إما أن تكون - ولانتمنى ذلك - مسرحية سياسية  . فالإجماع حاصل على أننا بحاجة إلى الجديد بدل التمديد وبحاجة الى الإصلاح بدل الترقيع و الى الديمقراطية بدل المحسوبية . ورغم أننا لا نعد حتى اليوم من مجتمعات الاستطلاع و لم تصلنا بعد ثقافة  صبر الآراء إلا أن نبض الشارع ينفح بسيم الاكتئاب و الملل و حالات الاحباط السياسي و الانتظار الممل... ربما يشكل  مؤتمر الجبهة بالنسبة لأغلب الصحراويين بصيص أمل او سراب سرعان ما يزول تماما  كبشرى توقف سيارة حكومية لمواطن بسيط  أعياه الانتظار على قارعة الطريق * الكنترول* ليكتشف بعد ذلك أنها لم تتوقف أصلا بسببه . وإنما  توقفت ليشهد القاصي والداني أنها لم تنتهك القانون.. وهي في عز انتهاكه . 
أمل ظرفي - إن صح التعبير- سيبدد العد التنازلي لمن ينتظرون بلهف نتائج هكذا حدث .
لكن قبل الخوض في نميمة المؤتمر المقبل الذي لم يعقد بعد ، هل لنا أن نسأل بصفة المواطنة على الأقل  عن ما حققته المؤتمرات السابقة و نتائج ما أسفرت عنه بعيدا عن الحبر والورق . هل قطار القضية يسير في الاتجاه الصحيح أم على سكة الخطأ أم انه لا سامح الله توقف نهائيا ؟ فدلائل كثيرة تشير إلى أن القضية تراوح مكانها مند توقيف إطلاق النار . فإذا كان عدد المؤتمرات في تزايد ملفت تماشيا مع عدد الممثلين والمبعوثين الأمميين   في انتظار وصول عدد جولات المفاوضات فإن النتائج  من وراء كل هذا وحدها تتناقص .  فلا جديد في المفاوضات التي  لم تخطو مند  البداية حتى تتقدم أو تتأخر  أو  حتى تصل إلى أي هدف ، فمنطلق المفاهيم لكلا الطرفين لا يحتمل أي تفاوض ولا أي مقاربة مهما كانت . فمبدأ تقرير المصير بعيدا تماما عن فكرة الحكم الذاتي وبالتالي  كان الأجدر بالوفدين المفاوضين  أن يوفرا جهدهم ووقتهم ان كان لهذين قيمة . و لا تضيع ثماني جولات دون تقدم يذكر بل  بثمانية بيانات ختامية شقيقة لا يفرقها سوى التاريخ . 
أربعة عقود إذا لم تتقدم فيها سوى الأعمار أما الانجازات فلم تتعدى حقبة سنوات السلاح ، فلا داعي لذر الرماد في العيون و لا داعي لنشر دعاية النجاح و التقدم في ظل أعمال الفشل والتأخر ، لأشخاص يوظفون اسم الدولة أو مفهوم الديمقراطية على اهوائهم وميولهم الغبارية على راي تشوميسكي عندما قال تحل الدعاية في الديمقراطية محل العنف في الديكتاتورية . 
في السنوات الأخيرة  لوحظ  استحداث انتصارات  دبلوماسية جد متواضعة و سن ذكريات وأفراح ليست في الحقيقة سوى ملمعات سياسية يضعها البعض على وجهه لفض غبار ثلاثة عقود من الركود و التراوح في نفس المكان وغير الزمن . 
إلى أن يحضر الغائب وينعقد المؤتمر نتمنى أن  ينم ذلك عن تغيير واقعي  يضفي مزيدا من الإصلاح و مزيدا من الديناميكية  على عملنا الوطني ومسيرتنا النضالية ، لتعود الثقة بدل اليأس والشعور القاتل بأن قضيتنا تبتعد شيئا فشيا من بر الأمان و شاطئ السلام ،  
فالإصلاح لم يعد مطلب نظري او عبارة سياسية روتينية  على لسان كل من هب ودب وإنما أصبح ضرورة أكثر من ملحة  وواجب يجب التمسك به إلى ابعد الحدود ، لكن إصلاح يشمل القوانيين والمؤسسات وهيئات الرقابة و يعطي الأولوية إلى صوت الشعب ومقصد الثورة و يقدمنا إلى انجازات فعلية يشترك فيها الجميع كل من موقعه وكل حسب إمكانياته ، ليحق وقتها أن نحتفل بإنجازات الدولة بكامل جسمها ، لا أن نخلد في نشوة عميقة لانجازات ليست لنا فيها ناقة و لا جمل ، لننقسم سهوا بين جماعات على الصحون  و جماعات  في السجون . 
ثورتنا مسلحة بالحق اولا ، وبطاقات مادية وبشرية متزايدة لكن لا يبدو أن الفعل الوطني اليوم يعكس الاستغلال المثالي لهده الطاقات و لهذه القوة ، مما قد يولد  صراعا  بين الأجيال و تضارب في الرؤى حول مالنا وما علينا تجاه قضيتنا الوطنية ، لينتقل الصراع من قضية تصفية استعمار الى قضية تصفية حسابات وهو ما سيكون بالفعل  وقودا نسخره لإطالة أمد اللاحرب واللاسلم  وسنفونية التمديد والانتظار التي  يعزف عليها العدو المغربي .