اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

مؤتمرنا ومستقبل قضاءنا

كتب بواسطة : futurosahara on 02‏/12‏/2011 | الجمعة, ديسمبر 02, 2011


محمد لبات مصطفى
 القضاء النزيه، هو عنوان المجتمع العادل والآمن، والحرية والعدالة الاجتماعية هما غاية الثورة في الساقية الحمراء ووادي الذهب، ودستور الجمهورية الصحراوية لا يشوبه أيّ غموض في التأكيد الصريح على مبادئ مساواة المواطنين ـ حكاما ومحكومين ـ أمام القانون كما تنص على ذلك المادة:26 )المواطنون جميعا متساوون أمام القانون في الحماية أو في العقاب ( إلا أن الوقائع أثبتت ان الجهات القضائية الصحراوية تعاني انحناء مزمنا في عمودها الفقري حينما يتعلق الأمر بقضية يكون أحد أعضاء الحكومة ـ كبيرا أو صغيرا ـ طرفا فيها..) كلام له ما يثبته (.
 ليس مفهوما ـ ونحن نُبَشرْ بدولة الغد ـ أن لا يجد المواطن الصحراوي باباً يطرقه، يوم يحس بالظلم، أوتتعسف السلطة في حقه..كما ليس مفهوما تلك الاستثناءات القانونية التي تخدم الوضع الامتيازي لأشخاصٍٍ دون غيرهم، وما نتج عن ذلك من إهدار جارف لحقوق الناس..رغم ان  ديباجة الدستور تُبدع في صياغة قصائد المساواة على نحو رائع.)يحق لكل مواطن الدفاع عن حقوقه أمام الجهات القضائية المختصة. المادة:29 ( 
 القانون هو العقل مجرداً عن الهوى والغرض، وعن شراء الذمم والمحاباة، وعن المصالح السياسية وتصفية الحسابات.. أتعلمون ان المسؤول الأول في أية مؤسسة وطنية في بلادنا يستطيع على مزاجه و "كيفه" وبمقتضى أوامره التحكمية، أن يغير التعليمات والخطط وحتى الأشخاص على هواه "بدون ما يتناطحو فيها شأتين" فتضيع حقوق الناس..ويُهدر الزمن والتجربة السابقة، وان حدث وان لجأ مواطن ــ كما هو الحال ــ الى الجهات القضائية ستتحجج بعدم اختصاص محاكمها بنظر الدعوات التي يكون أحد المسؤولين طرفا فيها؟ 
 ومعنى ذلك ان الحكومة الصحراوية، التي تقترح مشاريع القوانين بانتقائية شديدة ـ عبث في التشريع بالتفصيل على المقاس المطلوب ـ  لن تتيح للمواطنين، أو على الأقل لن تسهل لهم امكانية مقاضاة أعضاءها في أي تصرف مخالف للقانون، وستستمر في سعيها لتعطيل كافة الآليات التي بموجبها يتمكن أي مواطن صحراوي، من اللجوء مباشرة وبصورة مستقلة، الى المحاكم لاقامة الدعاوى القضائية والفصل في المنازعات التي تكون المؤسسات العامة أومن يُمثلها طرفا فيها.
 معنى ذلك ان الحكومة لا ترغب في وجود قضاء متخصص ــ القضاء الاداري ــ من خلاله يحصل المواطن المظلوم على حقوقه ضمن أقصر الطرق، وأيسرها وأضمنها، ومن دون منة من أحد.
 معنى ذلك ان الحكومه لن تسمح بقضاء يمارس الرقابة على اعمالها.. ويُقوم اعوجاجها، ويعزز اصلاحها، وينزه أدائها، ويفعل مؤسساتها، ويواجه تعسف سلطاتها، ويبطل تصرفاتهم المخالفة للقانون. ويعوض المواطنين عن الأضرار.
 معنى ذلك وجوب تسليم المواطنين باعادة صناعة علاقة "دونية" "تبعية" مع سلطاتنا الوطنية ومن لم يعجبه الحال "ينطح راسو مع الحائط" أو "يهرب؟" أو يلجأ الى المنظمات الحقوقية.. أو يبحث عن من "يتوجه له" أو "يتوسط له" في أمور يجب أن يكون فيها التنظيم والقضاء وحدهما القاعدة الحصرية للتعاطي مع تظلمات المواطنين .
 معنى ذلك ان من بيدهم شؤون الحكم والقيادة في بلادنا لازال يتهيأ لهم ان المواطنين الصحراويين كلهم فاقدين للأهلية، ويمكن أن تُرعى مصالحهم بالوكالة و "الأخلاك" الى ما لا نهاية..معنى ذلك وجوب التسليم المطلق بحصانة "المسؤول" وأفضليته واستثناءات أولاده وأحفاده.. 
 ان بعضا من اطاراتنا الذين "أغدقت عليهم السياسة" وصل بهم الاعتداد بأنفسهم حد الغرور ودرجة الهوس..حتى أصبحوا يتخيلون لأنفسهم مكانة ما فوقية على المجتمع، ويعتقدون أن الوطن الذي يُسيرون مؤقتا جزءا من ادارته هو نتاج ما يملكون "معطي لهم في الحسانة" لأنهم لم يتعودوا على مواطنة تستدعي توجيههم لا عبادتهم!.
 لعله من المفيد في هذا المقام بالذات تذكير "أصحاب/ة المعالي والوجاهة " الذين يقدمون بين الحين والآخر دروسا شفوية عن المساواة والشفافية والمصداقية، ان عليهم الخجل من أنفسهم أيما خجل لأنهم يمثلون نماذج سيئة في تمجيد مُثل الشعب، وهم يميزون بين أبناءه..ويستنزفون امكانياته دون رادع..ويدوسون علي قيم شهدائه..حقا ما أبلغ عاهرة ـ أكرمكم الله ـ حين تحاضر في التربية والأخلاق.
 عليهم كذلك ــ الحكام ــ أن يعوا بأنهم لا يمارسون حقأ شخصياً ـ من عند الخيام ـ يتصرفون فيه كما يشاؤون وكيف ما يشاؤون، وانما يشغلون وظيفة عامة انتدبوا اليها مؤقتا، تحددها نصوص ونظم وقوانين وأعراف ليس فقط يعيب خرقها.. وانما تأتى فوق إرادات الحكام وتلزمهم جميعا باتباع أحكامها، فان لم يلتزموا خرجوا على القواعد القانونية المنظمة لاختصاصهم، وبالتالي خرجوا على مبدأ الشرعية والمشروعية ووجب "هزهم".           عليهم كذلك ـ حكامنا ـ ان يدركوا ان لا أحد نزل من السماء "بالبراشيد" على هذه البلاد المسماة الصحراء الغربية..واعتقد جازما ان صحراويا يستطيع أن "إرَجًمْ" حدود بلاده برفات أجداده، لا يضيره في شئ ولن يرفع من ضغطه أو يزيد من انفعاله، ان يُساوَمَ حتى في مجرد الحصول على حقه في وثيقة تصدرها احدى مؤسساتنا الوطنية..؟ 
 يجب ان يدرك الجميع ان هذه القضية التي يكافح من أجلها الصحراويون بقناعاتهم ورضاهم ورغبتهم، لا يمكن الى ما لا نهاية أن يقرصنها أي كان، أو ينحرف بها عن أهدافها أو وجهتها فرد أو جماعة، أو حتى انقلاب عسكري..
 لعل من بين ما يجب ان يقضي به المؤتمر الثالث عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، مؤتمر الشهيد المحفوظ علي بيبا، هو اقرار آلية تدار من خلالها مؤسسات التنظيم والدولة بمقتضى قوانين عامة ، تضمن سلامة التطبيق، والتزام حدود أحكام القانون، آلية تستند إلى معايير موضوعية، تكفل للمواطن حقه..وتحفظ للاجئ كرامته وعزته.. وتُحَصِنُ المناضل ضدّ إمكانية جور حكامه عليه.. 
 ليُبنى مجتمع متوازن، وحياة سياسية تتطور وفق منطقها الطبيعي والموضوعي، دون هزات وانهيارات، وليتأنى المسؤول "يدير فيه رخوة" ويتوخى الحذر في تصرفاته، حتى يتأكد من مطابقتها للقانون، وانضباطها بضوابط "العدالة" وحدود "المساواة" و"فضائل " الأخلاق..ــ ان كانت "تباكة ومرياس والرقص"ــ أبقوا بقية أخلاق أو شئ من التقوى. 
 ليكون الهرم الوظيفي تسلسلياً ومحترماً ونادراً ما يخرق، وليجد من يراكم المال الملوث، عقابا عليه في أحكام قضائية. يجب أن يؤصل الموتمر الثالث عشر لجبهة البوليساريو مؤتمر الشهيد المحفوظ علي بيبا، لآلية بضوابط قوية وروادع محكمة، ومؤسسات فاعلة، يُحتكم إليها في تنظيم العلاقة بين المواطنين ومختلف مؤسسات الدولة الصحراوية، على قاعدة أن من أراد أن يتحمل مسؤولية في الجبهة والدولة يجب أن يساءل ويحاسب سياسيا وجنائيا.
 ان العدل هو القيمة العليا التي توافقت عليها شرائع السماء وقوانين البشر جميعا. والوطن مكان يفترض ان يعيش فيه الناس بمساواة تامة، وتحت حكم قانون واحد.. الوطن مكان يجب ان يحفظ في الذاكرة الصاحية رمزية زعماءه، وتاريخهم المشرف، باستكمال ما بدأؤوه. الوطن مكان ينبغي لقيادته أن تتعفف عن مواسم التساقط والتهافت على توزيع الغنائم، لأنها مصالح وقتية مهما كبرت تبقى صغيرة بالقياس الى حكم التاريخ والأجيال.. الوطن مكان لا مكان فيه لسلطة الفرد المطلقة او الأبدية (وتلك الايام نداولها بين الناس) الوطن مكان لا قدسية فيه لفرد مهما علا شأنه في موقع أو سلطة ( لو دامت لغيرك ما وصلت اليك( الوطن مكان يجب ان يجد فيه صاحب التظلم بابا يطرقه، وجهة يذهب إليها لينتصف عندها ـ رافع راسو عاليا ـ بدون استجداء مكرمات أومكارم من أحد.. الوطن مكان لا يخلط فيه الحاكم بين شخصه الصغير، وبين الوطن الكبير. الوطن هو حيث الحاكم في خدمة المواطنين، فلا يتعالى أو يتأله عليهم من انتدبوه، لخدمة شأنهم العام. الوطن مكان يعاقب فيه باشد العقوبات ــ وأقلها الاقالة ــ كل من اساء استخدام سلطة انتخب اليها، او وظيفته انتدب لها..أو أمانة فرط فيها. الوطن مكان لا يتسامح ولا يتغاضى عن الراشين والمرتشين، بل يفضحهم أمام الرأي العام الوطني والجهات المسئولة، بحيث يشعرون بأنهم تحت رقابة كاملة من جميع أفراد المجتمع والسلطات المختصة قضائياً. الوطن مكان يأنف رجاله و نساءه أيضا التملق والتزلف. الوطن مكان لا يستبدل حكامه الكفاءة والخبرة بالولاءات والمحسوبية، وترديد شعارات الغش وخطابات الطاعة طمعا في حظوة قائمة على علاقات زبونية.. الوطن مكان يجعل التعليم والعلم في متناول الجميع.. ولا يفرق بين أبناء الوزراء وأبناء الشهداء أو عامة الشعب )كلام يمكن اثباته بالأسماء والوثائق الرسمية والصور الفوتوغرافية (..الوطن مكان يشعر فيه كل مواطن بأنه فرد في مجتمع، ومواطن من شعب وفي كيان، يعتز بالانتماء له، ويستمد منه الأمن والقوة والشعور بالعزة والكرامة..الوطن بيت ترتاح فيه النفس ويطمئن اليه الفؤاد وتحترم فيه قيم الصحراويين وتقاليدهم، وحيث تعجز ينتصر العدل والحق والقانون. الوطن مكان يزاح ويتنحى حكامه ان لم يحسنوا توظيف مكاسب شعبهم، أوحين يتركونها تضيع.. نتيجة لعجز أو نتيجة لخيانة أو نتيجة لميولات أخرى..
  المجد والخلود للشهداء، والخزي والهزيمة للأعداء