اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

علي انوزلا .. حينما تتقاطع عقلية المثقف وعقلية المخزن

كتب بواسطة : futurosahara on 06‏/01‏/2012 | الجمعة, يناير 06, 2012


السيد حمدي يحظيه 
لم أكن أعرف أن الصحفي المغربي المسمى "علي أنزولا" أو " انوزلا ا" او شيء مثل هذا حل ضيفا عزيزا مكرما على المؤتمر الشعبي العام للجبهة الشعبية حتى نبهني أحد أُطرنا المحترمين في أحد المطارات بذلك. أكثر من ذلك حثني أنه علي أن اقرأ ريبورتاج هذا الصحفي المغربي عن زيارته إلى المخيمات. 
ورغم أنني كنت في المخيم أيام انعقاد المؤتمر إلا أنني لم اسمع إن صحفيا مغربيا كان متواجدا هناك. 
المهم قرأت ريبورتاج علي انزولا، أو انوزلا  ورغم أنني قرأته بسرعة، لكن بدون تسرع إلا إن ذلك لم يكن سببا يجعلني لا اكتشف الفجوات الفجة الواضحة فيه. فالصحفي المذكور والذي لا أعرف من استدعاه وعلى أي أسس تم استدعاؤه، لم يستطيع إن يخفي حكمه السابق على القضية الصحراوية، ولم يستطيع أن يقدر حق تقدير الشعب الذي استدعاه إلى حدث لا يتم استدعاء له إلا الأصدقاء الكبار والناس المحترمين. إن أي شخص يحترم نفسه، شخص تم استدعاؤه من بعيد لحدث مثل هذا وبهذه الطريقة الرائعة، حتى لو كان عدوا وغير متفق مع ما رأى وما سمع ما كان ليقول ما قال علي انزولا،" انزولا" وكان من الأفضل له، تقديرا للتقدير الذي حظي به، أن يسكت. 
فالتقرير لم يخرج عن السياق العام الذي ظللت شخصيا أومن دائما به وهو أن هناك خلل في عقلية المثقف المغربي. فالكثير أو غالبية المثقفين المغاربة من كتاب ومفكرين مثل الطاهر بن جلون، برادة، محمد عابد الجابري وآخرون لم يستطيعوا إن يتخلصوا من عقدة إن الملك والمخزن هما فوق العقل وفوق التفكير، وان ما يقوله الملك والمخزن هو شيء مقدس لا يمكن الخروج عنه أو مخالفته. 
فعلي أنزولا يبدو انه هو الآخر انضم إلى كوكبة " المثقفين" المغاربة المتشربين بعقلية المخزن وعقلية القصر، وجاء إلى الصحراويين بأحكام مسبقة، أو جاء ليستطلع ما كان يسمع من دعاية مخزنية خسيسة عن الصحراويين. ورغم العمل الجليل الذي قدمه انزولا للمخزن المغربي إلا إن الصحافة المغربية، وحتى قبل أن تقرأ التقرير، انلفتت من عقالها وراحت تكيل له الكيل ثلاثة مرات.        
    وحتى لا نقول كلاما عاما سببه صراعنا الفكري والسياسي الدائم مع المحتل المغربي، أو سببه اتهام كل من هو مغربي بمعاداتنا فإنني هنا أورد بعضا من تقرير انزولا حتى أؤكد الخلل في العقلية المغربية: 
استعمال عبارة "ما يسمى" 
هذه العبارة هي من اختراع المخزن، ويستعملها المخزن، الدبلوماسية المغربية وصحافة القصر. أول من أخترع هذه العبارة هو الجلاد إدريس البصري بعد قبول الجمهورية العربية الصحراوية في منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1983م. بعد ذلك تم تعميم هذه العبارة\ التعبير على كل الجرائد المغربية والسفارات حتى يتم استعمالها حين يتعلق الأمر بالحديث عن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية. لنرى كم من مرة استعملها علي انزولا:      
- مبنى يرتفع فوقه علم ما يسمى بـ "الجمهورية الصحراوية".
 - قيام ما يسمى بـ "الجمهورية الصحراوية"
- يسمى بـ "الجيش الشعبي الصحراوي
- ما يسمى بـ"الجيش الشعبي"،
-  ما يسمى بـ "المناطق المحتلة"
- من تسميهم الجبهة بمناضلي الأراضي المحتلة،"
- ما يسميه الصحفيون الجزائريون القضية الصحراوية.
الترويج للتدهور الأمني 
طبقا لتكتيك المخزن فالذي يتم الترويج له الآن هو الحالة الأمنية في المخيمات، ومحاولة " إقناع العالم" أن القاعدة تجول وتصول في المخيمات بكل راحة. 
من خلال تقريره يبدو إن علي انزولا حاول كثيرا أن ينبش ما يستطيع، ويطرح بعض الأسئلة التي يريد المخزن تأكيدا لها من داخل المخيمات. فمثلا يقول: "الهاجس الأمني سيطر على سكان المخيمات بعد اختطاف ثلاثة أجانب من بين ظهرانهم." ويلف ويدور حول نفس الموضوع في سبيل الوصول إلى نتيجة هي إن الصحراويين " ضالعين" في عملية الاختطاف أو هم الذين قاموا بالأختطاف. يقول انزولا أنه طرح سؤالا عن من هم الذين قاموا بعملية الاختطاف فرد الجميع:" أن اختطافهم تم بتواطؤ مع صحراويين من داخل المخيم، لحساب عصابات إجرامية ربما لمقايضتهم أو بيعهم لتنظيم إرهابي في منطقة الساحل".  هذا ما كان انزولا المتفق مع الدعاية المغربية يريد توصيله. ففي الفترة التي كان فيها انزولا متواجدا في المخيمات كان الجميع بما فيهم هو نفسه وهو عينه، قد عرف إن الاختطاف تم بتخطيط مغربي محض، وان المجموعة تم إلقاء القبض عليها. المشكلة إن انزولا لم يكلف نفسه حتى عناء التساؤل حول إمكانية أن يكون للمخابرات المغربية ضلعا في عملية الاختطاف. المهم بالنسبة له، والأمر الذي يبدو انه كان متعطشا على سماعه هو علاقة الصحراويين بالأختطاف وترك المغرب بعيدا عن الشبهة. 
ويقول انزولا في مكان أخر من التقرير أنه " وحسب "مسئول"( نكرة) من الجبهة فإن عملية الاختطاف تورط فيها صحراويون ممن "أعماهم البحث عن المال"، وذلك من أجل "بيعهم" أو "مقايضتهم" مع تنظيمات إجرامية قد تقوم هي الأخرى بدورها ببيعهم أو مقايضتهم مع تنظيم القادة في منطقة المغرب الإسلامي." 
المشكلة إن انزولا ذكر كل المسئولين الصحراويين الذين التقاهم بالاسم، الوظيفة، وحتى القيافة والهندام ما عدا هذا المسئول الذي قال له " أن صحراويين تورطوا في علمية اختطاف الرهائن من المخيمات".  من هو إذن هذا المسؤل مجهول الهوية الذي قال هذا؟ بكل تأكيد لا أحد.  .
كم عدد سكان المخيمات؟
سؤال ظل يؤرق المخزن المغربي منذ حوالي ثلاث سنوات. الاحتلال المغربي يريد أن يقول أنه لا يوجد لاجئين في المخيمات، ويحاول قطع القليل الذي ترشح به المساعدات الدولية على الصحراويين هناك. فحسب انزولا، وهذا ما يريده المخزن طبعا،" يبقى عدد سكان هذه المخيمات سر من أسرار الجبهة التي لا تريد الإفصاح عنه. وعندما أسأل – يقول انزولا- سيدينا ( موظف او مواطن صحراوي) عن سبب امتناع الجبهة عن إحصاء سكان مخيماتها، يقول بأن من يتحفظ على ذلك هي الجزائر وليست الجبهة، وذلك لأسباب أمنية وسياسية حتى لا يتم توطين اللاجئين. " 
هل منا من سمع يوما أن الجزائر هي التي تتحفظ على إحصاء السكان الصحراويين في المخيمات. إن إحصاء سكان المخيمات ليس مشكلة، وتم إحصاؤهم في الكثير من المرات، لكن الذي تتحفظ عليه جبهة البوليساريو هو أن المخيمات ليست فوضى وليس كل من يريد أن يقوم بعملية إحصاء، حتى لو كان منظمة مجهرية، يستطيع فعل ذلك. إن الإحصاء في المخيمات خاضع لقوانين مثله مثل الإحصاء في كل بلدان العالم. .
التهريب والسوق السوداء
دعاية أخرى تؤرق المخزن المغربي. فالسؤال عن السوق السوداء في "المخيمات" يبدو أنه كان من الأسئلة التي يتعطش انزولا كثيرا إلى طرحها، لكن لم يجد من يتجاوب معه في حكمه المسبق فراح يعطي انطباعه الشخصي. يقول في التقرير:" نشاط السوق السوداء ازدهر داخل المخيمات في العشرية الأخيرة، فالكثير ممن يوصفون بـ "المقاتلين" العائدين من جبهة الحرب بعد وقف إطلاق النار لم يعد يجدوا ما يشغلون به أوقات فراغهم فتفرغ الكثير منهم إلى التجارة بكل أصنافها بما فيها حتى تلك المحرمة دوليا مثل تجارة المخدرات. وتحولت المخيمات إلى سوق سوداء كبيرة يتم التعامل فيا بكل العملات وبكل أشكال المقايضة بما فيها حتى تلك التي تخص مقايضة الرهائن والمختطفين كما حدث مؤخرا مع الأجانب الثلاثة المختطفين من داخل مخيمات الجبهة". 
عند هذه النقطة سيحس من قرأ التقرير أن الرجل فقد البقية الباقية من مصداقيته، وتعري حتى من الداخل. فهو يصور المخيمات أنها منطقة مفتوحة للمخدارت والتجارة المحرمة دوليا، في حين أنها منطقة تتواجد يوميا فيها مئات الوفود الأجنبية ومنظمات حقوق الإنسان التي لم تقل أبدا مثل هذا الكلام.         
حل القضية
يبدو من خلال التقرير أن انزولا متعطش لسماع أية كلمة تدعم حكمه السابق المتطابق مع حكم المخزن حول حل قضية الصحراء الغربية. فمثلا حين يقول محدثيه أن " الاستقلال هو الحل، وأن الكل أو لا شيء" يسأل هو وماذا لو أن هذا الحل( الاستقلال) لم يوجد إطلاقا"؟ هنا ينسب إلى أحد محدثيه قوله " أنه إذا كان لا يوجد استقلال فالحكم الذاتي هو الأفضل وهو أحسن من الانضمام للمغرب." في كل الأحوال لا يوجد أي صحراوي حتى لو تم فهم كلامه خطأ يقول في المخيمات أن الحكم الذاتي هو حل للقضية. هذا كله من اختراع علي انزولا الذي نزل ضيفا وهو لا يفهم الضيافة ولا ينقل الحقائق كما هي.  
   6) موقف الصحفيين الجزائريين.. موقف علي انزولا
بالنسبة لعلي انزولا الجزائريون لا يفهمون أي شيء عن القضية الصحراوية، وموقفهم " سطحي" ويكررون نفس موقف الحكومة الجزائرية. إذن، إذا كان موقف الجزائريين متطابق مع موقف حكومتهم، لماذا لا تتطابق مواقفه هو( انزولا) مع مواقف المجتمع الدولي الذي يقول أن المغرب احتلال، ويقول أن الحل يكمن في الاستفتاء.؟ لماذا لا يقبل إن يناقش مع الجزائريين حول الشرعية الدولية ويعترف معهم بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير؟ لماذا يظل يكرر عن عمد ما تكرره المملكة المغربية حول " ما يسمى الجمهوية الصحراوية" ما يسمى الجيش الصحراوي"، ام إن موقف الحكومة الجزائرية الداعم لحق الشعوب يجب إن تتم مراجعته ولا تتم مراجعة موقف المملكة التي تمارس الاحتلال.      
إن الخلل يكمن في العقلية والثقافة. ما الذي يمكن أن يُنتظر من علي انزولا الذي تربى في مجتمع يعبد الملك، يقبل يد الملك، يركع للملك ويقول ما يقوله الملك. أنه نسخة ممن سبقوه وعلى رأسهم الجابري الذي ظل يقول أنه حضر لعملية رفع العلم الجزائري مكان العلم المغربي في مدينة التندوف. إن انزولا هو صحفي ظل دائما غير قادر على المجاهرة بارائه، وهو خائف من السجن. ففي حين انه مقتنع، مثله مثل جل المغاربة، أن الملكية المطلقة انتهى وقتها، وأن الشعب المغربي يريد بديلا لها، فإنه لا يجاهر على التلفزيون ولا في الجرائد بذلك. وفي الأخير أن تقريره عن رحلته الى المخيمات كشف الخلل في عقليته وكشف أنه يريد من خلاله ألعودة إلى المغرب الذي طُرد منه بلا سبب. 
sidhamdi@yahoo.es