بقلم/ ابنوا بلال
في العالم المتحضر تسعى المؤسسات الحزبية ومراكز البحوث التابعة لها ومايدعى لجانها المركزية ومحافظاتها في طول وعرض البلد جاهدة لإستقطاب النخب والكفاءات من المجتمع بصفة دائمة ، من مختلف التخصصات العلمية والثقافية بعيدا عن الإنتماء القبلي او اللون المحبب ليكون أدائها ناجحا ومنسجما مع متطلبات أي حكومة تسعى لتشكيلها حال
كسبها لرهان الإنتخابات التشريعية المستندة نتائجها لحرية إختيار الشعب .
للقاعدة أستثناء عندنا في بلادنا السعيدة بمنفاها ، وحيث أن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب هي المؤسسة الحزبية الوحيدة ومنتخبيها هم مسيرو الحزب والدولة ، لابد لعقل الحكومة "تخمامها" أن يكون موازيا لفكر بناء وتطوير الدولة حتى يمكنها من أداء مهامها القيادية دون أي معوقات أو مشاكل إدارية أو تنظيمية بصرف النظر عن انتماءات الكوادر مادام العقد السياسي الذي إرتضته السلطة يقوم بالأساس ومنذ بواكير المشروع الوطني على تساوي الفرص بين جميع أبناء الوطن الواحد في الحزب الواحد قبل أن تصيبه عين حسود ويعود مثل "أقرون الكبش " لينعقد على أسس قبلية بحتة لاتأخذ مبدأ التكنوقراط أو دولة القانون مرجعية حقيقية بل فقط مفهوم "أنت من أي الناس "
ولأنها رعت الانتماءات القبلية وشجعتها منذ ذاك الحين كان لابد من الطبيعي للقيادة الرشيدة أن تواجه اعتبارات أخرى قد تعود بردود عكسية لا تتماشى وماهية المرحلة ومبتغى الوطن للجميع ، كالتذمر أو ما شابهه من بعض الأقليات التي تذوب بحكم الاكثرية مهما كانت مؤهلاتها الثقافية والعلمية ، وبالتالي تبدو النتيجة منطقية وطبيعية وهي أن الإختيار على أساس الكوطة القبلية يجني المفاسد أكثر مما يضر من المنافع بل ويصطدم بالكيان الصحيح المؤطر للمجتمع ككل .
ومن البداهة القول أنه كلما توفرت مؤسسة الجبهة على خبرات وكوادر تخصصية كلما حققت النجاح على مستوى إدارة الدولة حدث ذلك أيام العز النضالي الجميل وبالتالي كانت القيادة تنجز أعودها للقاعدة الشعبية التي تقطعها على نفسها بين مؤتمرين الشي الذي عزز فرص استمرارها في السلطة دون أي حاجة لبعبع الإصطفافات القبلية والتمسح ب"أدراريع" شيوخ القبيلة كل موعد لتجديد ، لكن دوام الحال من المحال سرعانما إنقلب الوجه الآخر للصورة ولم يدم العز البطولي سوى سنوات وبداءت القيادة الحكيمة تنتقي أعضاء حكومتها أعضائها على أساس خارج التخصص أو الكفاءة متمثل ذلك في ( القبلية ، التبعية ، المحسوبية) الأمر الذي عقد مهامها وافسد "تخمامها" أكثر وأصبح الهم الوطني العام معرض للإتكالية بحكم أن الكوادر الضعيفة المؤطرة على أساسات غير واضحة أو بالأصح غير سليمة ، كانت تستند على كوادر ذات تجربة فاشلة تزحف نحو الإصلاح بطريقة السلحفاة بعد أن مكنتها الظروف من صقل موهبتها في إحتراف كل حلول الوهم المجسدة في صنع اللوبي الموالي إما تزلفا لمصلحة او دما لقرابة ما الشييء الذي ساهم مساهمة مباشرة في تفشي ( الخراب . الرشوة . المحسوبية .) وإنعكس ذلك في سؤالخدمات ونقص الأمن وتهكم الجمهور على أداء السياسيين مما وسع الهوة بين الحكومة والمواطن بغض النظر عن أدائها وقزم الانجازات مهما كانت شاخصة وأفقد الثقة بين المواطن والقيادة
بهكذا وصف يتضح أن التغيير لابد أن يكون أولا من داخل السلطة نفسها ( الجبهة ) رأفة بها ، وهو طرح يتماهى مع رأي البعض من إطاراتها التي تفتخر أنها منتخبة ولن تتخلى عن مراكزها إلا في حال عدم انتخابها مرة ثانية ، لكن قد يبدو التغيير من داخل الصنم الهالك ضربا من الخيال يصعب جدا تصديقه بحكم أن القاعدة الشعبية هي الأخرى ليست على سكة الوضوح فيما يتعلق بأدائها السياسي والثقافي ، وبما ان لجان الانتخاب التي تببدو للعيان سنام تفعيل وإحداث التغيير المرجو لن تكون عادة مستقلة بل ويعتري عملها بعد الخيفة والتوجس بحكم ان أعضائها مرشحين ومشرفين على صناديق الانتخاب "كلوة وفرسن مايخلط فشدق" الأمر الذي يجعل تلك ا للجان خادعة لإرادة السلطة القوية التي بيدها الجاه والسلطة لتضمن مراكز قيادية تتماشى مع الوصاية مهما كان بعدها ، لأنها لو استجابة لآليات التغيير ستجبر على العودة إلى أدنى السلم الاجتماعي أحيانا بالحسانية الواضحة "تنصاع"، وتخسر امتيازاتها الغير شرعية لعدم قدرتها على التعاطي مع متطلبات المرحلة نتيجة لضعف إمكاناتها الفكرية والسياسية
هنا وجب التفريق بين ماهية القيادة السياسية و فكرة إدارتها للمشروع ، أي أن يكون على قمة الهرم الإداري شخص كفء ليس بالضرورة سياسي يشرف على أداء المشروع ويستشرف الحلول الممكنة للرفع من وسائل تطوير المشروع الوطني وتقريبه وتقليص وتوسيع مساحات مشاركة المواطن في صنعه بحكم أنه سيد مصيره قبل أي كان أو أن يترك الحبل للقائد السياسي المتمصلح ليتدخل في شؤون إدارة المشروع الوطني مثلما يتدخل في تحديدأسعار قطعان ماشيته فيضر بذلك المشروع وتصبح القضية ملك له دون بغية الغوغاء والرعاع وهم هنا أنا وانت ونحن البسطاء وهنا تتجلى الفكرة القيمة بين مشروع الشعب ومشروع لفريق "وولاد لخيام لكبار"!