محمود بابيت
فعلا ،إنتهى المؤتمر و أصبح في خبر كان ، برجوح كفة قد أعد لها سلفا في شكلها و مضمونها. و لم تًستثنى الكفة الأخرى الإستثناء المعمول به في فنون المبارزة . بمعنى لم تترك فارغة , على الاقل , حتى لا يقال أن المباراة حسمت بتفوق فريق على " لا فريق "
أي نصف الفريق
أ تفوق على نصفه الآخر؛ لان الفريق ب تعذر وصوله لأسباب نعلمها و يجهلها غيرنا... فتسقط آليا اللعبة الديمقراطية في نفق العدمية.
المهم أن الفريق ب شارك مشاركة بالونية للإستهلاك الاعلامي, و تًرك الإنطباع الحسن لمن أراد أن يمدح النموذج الديمقراطي للدولة و الحزب . دون أن يحاول الفصل بين الروح و الجسد فكلاهما ـ الدولة و الحزب ـ متمم و مكمل للآخر بشكل شفاف و رفيع بل حساس إلى درجة ـ تهديد المصير ـ حسب شيوخ الحزب .لأن الحزب ولد قبل الدولة و الدولة لم تنضج حتى تحتضن قدرات الحزب التعبان الذي يعيش برموزه من سمان هذا الشعب المنهك بواحد و عشرين قرنا من الضياع.
فبالتالي آلية الديمقراطية تفرض إجراء مسحة تجميلية أمام العالم الغربي في موجة الربيع العربي الجارف، ككوطة النساء على سبيل المثال لا الحصر . لتتم التغطية برداء الكوطة على صلاحيات سيادة الرئيس، قديمها و جديدها.
لكن النساء يستحقن أكثر من ذلك لما قدمن من تضحيات عظيمة و بدون من و لا مجاملة من اي كان و مهما كانت مآربه و مقاصده الضيقة، غير أن توظيف المحال لا يقدم لأية جهة أو مجال. فدعوا عنكم النساء فلسن الورقة الخفيفة ولا الضلع المقوس الهش ، السهل الاستعمال.بل هن نصف المجتمع و عليهن اعتمدت القضية و كذا الحزب الحاكم عندما كان يمشي صوب الافق، عكس تراوحه المكان الآن دون جديد و لا تجديد بسبب من يجبروه على العودة إلى ما قبل لقاء عين بنتيلي 1976" الوحدة الوطنية" كي يدفونه و يبقوا هم الأحياء .
و من حسن الحظ أنه أثناء المداولات في قاعة المؤتمر 13و بحضور بعض الأوصياء الذين حرموا من تباهي جلب الإنتصارات التي تهاطلت على القضية بقدرة قادر. و بفضل الله لم يكن للمؤتمرين من هؤلاء يد في ذلك لأن ـ الزمانكية ـ لعبت ضدهم . ففي واشنطن يقر الكونغرس الأمريكي و بشبه إجماع على أن المساعدات الأمريكة للقوات المغربية مشروطة باحترام حقوق الانسان في الصحراء الغربية و حق الصحراوين قي التظاهر و السماح للصحافة الدولية و المراقبين بدخول الاقليم و القيام بنشطاتهم بحرية.و لم يتواجد لا من قريب و لا بعيد أي صوت و لا صورة لأي مسؤول كان ساعة التصويت في محيط الكونغرس ،لان ساستنا مشغولين بتعديل الدستور في تفاريتي بالصيغة التي أريد لها .
الخضر, بدورهم رفعوا أصواتهم في أوربا مطالبين بتوقيف إتفاقية الزراعة مع المغرب مثلما أوقفت اتفاقية الصيد البحري بفضل نضالات ويلي ميير و رفاقه من أصدقاء الشعب الصحراوي في البرلمان الاوروبي.
في دبي، يفصل رسميا على إشهارية الألعاب العربية الأخيرة بين خارطة المغرب و الصحراء الغربية. فيهيج المخزن و بلطجته هيجانا في دبي و خارجها..و لم يكن لساستنا ضلع في الموضوع لانهم مشغولين بالصمت الرهيب على ما يقع بحضورهم مع إحتراماتنا لأصواتهم .
الحزبان القويان باسبانيا ، الشعبي و الإشتراكي لم يشاركا بأي مندوب في مؤتمر 13 بتفاريني كمشاركة ودية، بالرغم من توظيفهما لحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره في كل الحملات الإنتخابية . و سيادة رئيس الدولة يشارك الحزب الاشتراكي " في مؤتمره الأخير" هذا الحزب الذي اشتهر بخيانات قادته للقضية الصحراوية و آخرهم ثاباتيرو الذي وظف حكومته للدعاية المغربية في الحل الذي يراه المخزن الغازي لصالحه و المتمثل في الحكم الذاتي الموسع تحت السيادة المغربية بموازة ساركوسي.
فقدم لهم سيادته خدمة و دعاية مجانية ، بل خطيرة على القضية الوطنية ، لأن كل الطعنات التي تعرضت لها القضية الوطنية من قبل ثابتيرو وفريقه عبر السنوات الأخيرة كانت موجعة و مخيبة لأمالنا و أمال أصدقائنا من الشعوب الاسبانية. كان لا يجب على الرئيس تلبية دعوة هذا الحزب، و إن كان لا بد من ذلك فالاحرى به أن يشترط المشاركة بخطاب ناري يرد فيه على تلك الحكومة الساقطة التي اشتهرت بميولاتها للمخرن الغازي. فبمشاركته الغير مبررة أعطى الضوء الأخضر للحكومات الاسبانية أن تعبث بحقنا و تميل لخصمنا متى رأت لهامش مناوراتها فرصة، كما آلفناها منذ تخلي اسبانيا عنا 1975 إلى يومنا هذا .
المهم ، أصبحنا نعد الايام و الشهور بعد المؤتمر، كما نعدها منذ أن تركنا الوطن ورائنا، فهو يبتعد و نحن نبني في أذهاننا أوطانا من الوهم و التمني. و لا ندري الى أية جهة تحملنا قررات المؤتمر التي تمخضت عن تسريبات خطيرة، تفضلت مجلة المستقبل الصحراوي مشكورة بنشرها ، خصوصا ما يتعلق بالمشاركين في المؤتمر و كيفية إنتقائهم على طريقة الشرائك الخاصة " المملوكة".
كانت أولى النتائج ، تلك التصريحات المتتالية على هامش المؤتمر و التي تصب أساسا في عدم تبني الجبهة لخيار الحرب ،إحتراما منها للمفاوضات الغير رسمية كأحسن طريق لحل النزاع.
بعد ذلك, يرد كريستوف رووس بان هذا النزاع الراكد، الذي لم يرى حلا، كان بحاجة لطعم البارود و الدم. و يحمل الطرفين المسؤولية, بل يهددهما بخطورة وضع اللاجئيين و كذا المناطق المحتلة. و أن يستغلا جو الربيع العربي في البحث عن الحل .
ثم تأتي الندوة الاوربية لدعم الشعب الصحراوي باشبيليا لتطلق الجبهة على لسان السيد الرئيس تهديداتها بالحرب و التي لم يقرها المؤتمر الأخير بتفاريتي المحررة.فهل يصدق العالم تصريحات المؤتمر أم تصريحات الندوة الأوربية؟