حاوره : ابراهيم احمد
نظرة تعريفية:
محمد المتوكل من مواليد العاشر اكتوبر 1966 باسا جنوب المغرب، مجاز في العلوم الطبيعية/جيولوجيا سنة 1990. اعتقل بمناسبة مشاركته في انتفاضة 24 سبتمبر 1992 باسا وحوكم الى جانب مجموعة من المناضلين بسنة سجنا نافذا قضوها بالسجن المدني بانزكان. من مؤسسي فرع الصحراء لمنتدى الحقيقة والانصاف بالعيون المحتلة غشت 2000 وبعد المشاركة في الاستقبال الشعبي للمعتقلين السياسيين المغرج عنهم في نوفمبر 2001 بالعيون سيتم تهجيره الى الدار البيضاء. اعتقل مرة اخرى في العشرين يوليوز 2005 الى جانب مجموعة معتقلي انتفاضة الاستقلال، مر من السجن الاكحل بالعيون المحتلة قبل ان يختطف الى جانب اربعة من رفاقه ليودع المركب السجني عكاشة بالدار البيضاء. خاض اضرابا مفتوحا عن الطعام ضمن مجموعة السبعة والثلاثين بلغ حدود اثنين وخمسين يوما، ثم اضرابا ثانيا بعد العودة للسجن الاكحل دام خمسة عشر يوما. يشتغل الى جانب رفاقه في تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان "كوديسا" بصفة عضو المكتب التنفيذي. له العديد من الاستجوابات الصحفية المنافحة عن قضية الشعب الصحراوي في الاعلام المغربي.
- الاخ محمد المتوكل كيف كنتم تتجاوبون مع مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي ، الذين كانوا اسيادا للميدان قبل توقيف اطلاق النار؟
لقد ارتبطت الثورة الصحراوية بالبندقية وبالرجال الصناديد الذين امتشقوها، اسود جيش التحرير الشعبي الصحراوي الاماجد. فتلازم الانجاز وصيحات الاقتحام في ساعات الصباح الاولى جعل من كل معركة فرحة جديدة تكسر طوق حصار الرعب وتمسح دموع الأم الثكلى وتحمل املا بالفرج عن المعتقل والمختطف. وظلت حركة كتائب ودوريات المقاتلين وهم يجوبون خارطة الوطن، في الشرق كما في الغرب وفي الجنوب كما في الشمال ترياقا يبطل مفعول ما تنفثه الة التوسع من سموم، ونسيما ينشط دورة الحياة لدى الانسان والطبيعة الصحراويين. ماذا عسى المرء ان يقول عن مجد بحجم معارك الطنطان واسا وطاطا ومحاميد الغزلان، بل بما سيصف ملاحم بوزن كلتة زمور والبيرات والواركزيز وبير انزران وكيف له ان ينسى معارك الشرف بام الكطا والعايديات والمحبس والسمارة وام ادكن؟ انها بصمات الخلود في سجل لن تطويه السنون ولا محاولات الطمس والنسيان التي تسللت عبر مسلسل التسوية الطويل والثقيل، فذاك المجد من تركة تثقلها موازين الانفة والكبرياء والسخاء باريحية لا تضاهى. وكما كانوا، سيظلون اسياد تجربة صنعوها بلغة الحديد والنار، بالصبر والعزم والاستبسال في الذود عن الوطن فأعطوا المثال في ذلك لابناء الشعب الصحراوي بل الهبوا حماسهم في التسابق للظفر بمجد جديد يصنع في ميدان القتال او ساحات نضال اخرى.
- الاخ محمد المتوكل ترك مقاتلو جيش التحرير الشعبي الصحراوي في هذه المرحلة (مرحلة اللا سلم واللا حرب) زمام المبادرة لكم في المقاومة بالمناطق المحتلة وللديبلوماسية الصحراوية، فكيف تقيمون ذلك ؟
لقد اختارت الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ابرام وقف اطلاق النار وقبول مسار التسوية الاممي الافريقي، من منطلق البدائل الممكنة "المفروضة" لحل النزاع خصوصا بعدما بات اكيدا ان العالم وقتذاك يمضي وبسرعة متراجعا عن ثنائية القطب وشروع الولايات المتحدة الامريكية في التحضير لقيادة العالم. لم تكن الظرفية تلبي انتظارات شعب حقق جيشه انتصارات كبيرة ووقف مرات قاب قوسين او ادنى من حسم المعركة عسكريا، وهو ما يعني تكبيل قوة صحراوية قادرة على انتزاع النصر مقابل انقاذ وتخليص قوات الغزو المغربي من انهيار وشيك، وليس من دليل اوضح على فداحة الخسارة من اسر العقيد لعبيدي عبد السلام قائد الفيلق الثالث، اقوى فيالق النظام المغربي في معركة ام الدكن منتصف شتنبر 1988 .
ولما اصبح وقف اطلاق النار امرا ساري المفعول منذ السادس سبتمبر 1991، لم يعد من موضوع يأسر ألباب الصحراويين غير السؤال عن المصير وترجمة رسالة وضع سلاح الجيش الصحراوي الى افعال تحقق للشعب انجازا يحفظ جذوة المشعل ان لم يزدها بريقا و تلألأ. لم يطل انتظار الصحراويين ولا بحثهم عن اشكال تبعث الامل من جديد، وما تجاوز الامر عشرين يوما بعد تاريخ وقف اطلاق النار حتى هبت الجماهير الصحراوية في اسا يوم الرابع والعشرين سبتمبر 1991تدشن انطلاق ثلاثية الغضب اسا/ السمارة /العيون. انتفاضة الغضب ترسم بذلك التناغم المنشود بين البندقية والحنجرة، فتحول مضمون الصمود من انتظار دائم لسماع نصر عسكري او ديبلوماسي الى صنع ملاحم الصمود والتحدي في المسيرات والوقفات والاحتجاجات المنددة باستمرار الاحتلال والمطالبة باستفتاء تقرير المصير. وتواصل مسلسل المواجهة بين سلطات الاحتلال المغربي والجماهير الصحراوية الغاضبة فثابرت الجماهير الصحراوية وابدعت في اساليب الاحتجاج واشكال الضغط على الدولة المغربية للتسليم بحقيقة مطلب الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال. وقد ساهمت موجات التاطيرالحقوقي العابرة للبلدان والقارات منذ منتصف التسعينات وبداية الالفية الثالثة في تشكل انوية حقوقية وهياكل تستوعب الفعل الجماهيري وتؤطره ليساند المعتقلين ويكثف الضغط من اجل اطلاق سراحهم ويطلب الكشف عن مصير المختطفين. ولكن ايضا واساسا استعادة الجماهير الصحراوية لمنسوب عالي من الثقة في النفس وانخراطهم في الاجتهاد في تطوير الاساليب النضالية، وتستطيع بالنهاية، وبالرغم من شراسة القمع وتكثيف حملات الاعتقال وسقوط العديد من الشهداء والمعطوبين، ان تتوج كفاحها الوطني بمنتوج نضالي صحراوي صرف "ملحمة كديم ازيك" التي تدخل صنف ميادين التحرير المميزة للربيع العربي.
بعضكم يرى تقصيرا من النظام الصحراوي في تقوية العمل النضالي بالمناطق المحتلة ، كيف ذلك؟
في رايي يصعب تقدير حجم مسؤولية البوليساريو في الاخفاقات كما في الانجازات المرتبطة بالاعمال النضالية بالداخل، طالما لم يتم تحديد النسق التنظيمي الذي يتيح المحاسبة او المساءلة تجاه كل مراحل الفعل النضالي. وبكيفية ادق ففيما يتعلق بالفاعل تتدرج حلقات المسؤولية من الدوائر القاعدية الى اخرى قيادية او العكس بما يفترض كونها منغلقة وبعيدة عن متناول الفحص او التتبع لغاية التقييم من غير المعنيين. الا انه وفي احيان عديدة يبرز التباس ويكاد يكون خلطا في تحديد العنوان الصحيح لتحميل مسؤولية ما، فالمقاومة المدنية غير العنيفة اسلوب تنهجه الجماهير الصحراوية في مواجهة الاحتلال المغربي وكل ما يمكن ان تقدمه البوليساريو من دعم ومساندة للجماهير الصحراوية المنتفضة يفترض ان لا يقرأ الا تحت عنوان الامكانيات المتاحة اكثر/اقل والوسائل والاساليب انجع/بدون جدوى .
اثناء ملحمة اكديم إزيك، يرى البعض فتور تجاوب النظام الصحراوي مع الحدث، هل لكم من تعليق؟
كثيرة هي الاحكام التي صارت تصدر في كل الاتجاهات بعد التدخل العنيف لقوات القمع المغربية ضد مخيم كديم ازيك ، الا ان المهم هو الاستبسال والاقدام الذي ابانت عنه الجماهير الصحراوية والتي اختارت اسلوبها في الاحتجاج فيما يشبه ابتكارا بخصوصية صحراوية. والاهم من ذلك هو صمود عائلات المعتقلين وكل المناضلين الذين التفوا حولهم في تنسيقية اكديم ازيك وما هم بصدد القيام به بشكل شبه يومي من مسيرات ووقفات حولت شوارع مدينة العيون المحتلة الى ساحات نضالية بامتياز ومتميزة بالحضور النوعي لفئات عمرية اعلنت تحديها لقوات القمع المغربية وهي فئات الكهول والمسنين من الجنسين .
الاخ محمد المتوكل أُعتقلتم سنة 1992 ثم 2005 كيف كان ذلك وكيف كانت معاملتكم في السجن؟
في كلا التاريخين اي 3 اكتوبر 1992 و 20 يوليوز 2005 ارتبط اعتقالي بانتفاضات شعبية الاولى انطلقت من اسا في 24 سبتمبر 1992 وسميت انتفاضة الغضب والثانية انتفاضة الاستقلال بالعيون المحتلة في 21مايو 2005. وبقدرما كانت تجربة السجن قاسية من خلال التضييق والحرمان ومحاولة الاذلال والمس بالكرامة الانسانية بقدرما تكون المعارك النضالية من داخل السجون والاضرابات المفتوحة عن الطعام والمرافعات امام المحاكم المغربية مصدر فخر واعتزاز ليس للمعتقل فقط بل للجماهير الصحراوية التي لا تبخل بعطائها لدعم المعتقلين والثناء على مواقفهم الشجاعة.
الاخ محمد المتوكل بكونكم عضو المكتب التنفيذي للمدافعين الصحراويين ، نظرة تعريفية عن هذا المكتب؟
تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الانسان "كوديسا" منظمة حقوقية صحراوية تشكلت بالتئام ارادات وقناعات مجموعة من المناضلات والمناضلين الصحراويين منهم من مر من المخابئ السرية للنظام المغربي ومنهم من مر من تجربة الاعتقال السياسي. يركز اشتغاله على فضح سياسة القمع المغربية المنتهجة ضد المواطنين الصحراويين من خلال بيانات المتابعة، ويفرد المكتب التنفيذي للتجمع اهتماما خاصا للانتهاكات الجارية ويتابع احوال المعتقلين السياسيين الصحراويين، ويستقبل الوفود والمنظمات الدولية القادمة الى المنطقة، ويصدر تقريرا سنويا عن وضعية حقوق الانسان بالصحراء الغربية.عقد مؤتمره التاسيسي بالعيون المحتلة في 7 اكتوبر 2007 ورفضت السلطات المغربية تسليمه وصل الاعتراف. انتخبت على راسه امينتو حيدار، ويتشكل المكتب التنفيذي من نواب للرئيسة وكاتب عام ومستشارين. نشط اعضاؤه العديد من اللقاءات والندوات باوربا وافريقيا وامريكا.
كيف تقيمون التضامن الاروبي مع القضية الصحراوية من خلال حضوركم الندوة 37 للتضامن مع الشعب الصحراوي بأشبيليا الاسبانية؟
تعتبر الندوة الاوربية لدعم الشعب الصحراوي مناسبة سنوية يستعرض فيها ممثلو الجمعيات الاوربية الداعمة حصيلة الانشطة والمشاريع المقترحة. في صيغتها السابعة والثلاثين التي اقيمت ياشبيلية استعرضت جملة مواضيع من ضمنها دعم القطاعات الاجتماعية بالدولة الصحراوية، ونضالات الارض المحتلة ووضعية حقوق الانسان الى جانب المعتقلين السياسيين الصحراويين. وقد حضر وفد صحراوي يمثل الدولة الصحراوية يقوده الرئيس محمد عبد العزيز الى جانب وفد عن الارض المحتلة، ولعل ما يخلص اليه الحاضرون لهذه الندوة هو اهمية انعقادها في اوربا بشكل يتيح للحكومة الصحراوية ومناضلي الارض المحتلة اللقاء بممثلي الهيئات والجمعيات الداعمة والتداول بشان برامج دعم الشعب الصحراوي ونضالات جماهيره بالارض المحتلة .
هل أنتم متفائلون؟
ان حجم الزخم والتراكمات التي يعدها شعبنا اليوم رصيدا نضاليا مشرفا تدعو الى الفخر والتطلع الى قرب اشراقة غد افضل ينعم فيه الشعب الصحراوي بالحرية والاستقلال.
كلمة للشباب الصحراوي؟
الشباب الصحراوي شباب مسؤول صنع التحديات ومطالب بدعم صمود الجماهير وقيادتها لتحقيق النصر.
البعض علق آمالا كبيرة على حركة 20 فبراير ضمن الربيع العربي و بعض آخر يراها كعمل استباقي من طرف المخزن لامتصاص غضب الشارع المغربي، كيف تقرأون ذلك؟
حركة 20 فبراير حركة تنتمي الى صلب الشعب المغربي، تعبر باسم الشعب المغربي، عن مطالب حفظ كرامة المغاربة، تطالب بمحاكمة رموز الفساد، ترفض الدستور الممنوح، ترفض استمرار المخزن. في غياب قيادة للحركة واقتصار خروجها الى الشارع نهاية الاسبوع يتخوف الكثيرون من ان تستنزف طاقاتها دون احراز مكاسب تذكر.
أمنية الناشط الحقوقي الصحراوي محمد المتوكل؟
اتقاسم امنيتي مع غالبية ابناء الشعب الصحراوي في تحقيق حلم قيام الدولة الصحراوية المستقلة.