اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

العنوسة في المجتمع الصحراوي

كتب بواسطة : futurosahara on 11‏/04‏/2012 | الأربعاء, أبريل 11, 2012


سيدأحمد المعطي أحمد محمود
شرع الإسلام الزواج لغايات سامية،ولتحقيق مقاصد نبيلة،فمنها أنه وسيلة من وسائل الإحصان والعفة وتكوين أسرة متكاملة، لأنها نواة المجتمع وركيزته الأساسية، ومنها يبدأ وكلما كانت الأسرة مستقرة ومترابطة كان المجتمع متماسك ومتوازن وقوي، وكلما ابتعد المجتمع عن منهج الله وسنة رسوله كلما زادت المعضلات التي تصيب توازنه ومنها العنوسة والتي تكدر على الأولياء والمجتمع قبل الفتيات، وجوهر المشكلة يكمن في تأخر سن الزواج للفتيات عن السن الطبيعية وما يترتب عليه من الآثار والفتن التي عواقبها المحن وأثار نفسية واجتماعية ضارة.
ولعل التساؤل المطروح والإشكال الجوهري،حول ماهية أسباب انتشار مثل هذه المشاكل في مجتمع هو أحوج من غيره إلى التكاثر، وبما أنها تكاثرت في المجتمع الصحراوي يمكن أن نقسم أسبابها إلى ثلاثة أقسام:
 القسم الأول: يتعلق بالفتاة وبقضية مواصلة الدراسة، فمجتمعنا كان يعتبر أن كل فتاة تجاوز عمرها العشرين فما فوق فهي عانس (بائر ) لكن مع تطور وتأثر المجتمع بالمتغيرات الخارجية التي فرضها العصر وبفضل تطور وسائل الاتصال والمواصلات وانتشارها في المخيمات،أصبحت بعض الفتيات تلزم نفسها بقضية إكمال دراستها قبل الارتباط والإنجاب، مما يعود عليها بعاقبة وخيمة تكون نهايتها ما نحن بصدده، وبما أننا ما زلنا في بداية هذه المرحلة فبعض البنات رفضن الزواج حتى تكملن دراستهن ورفضهن هذا قد يكون سببا في عنوستهن في بعض الأحيان حسب تفاعل المجتمع ومحيطها الاجتماعي، ومن الأسباب أيضا المبالغة والتشدد في مواصفات الزوج فبعض فتيات مجتمعنا وللأسف تجدهن يبالغن في مواصفات الزوج ويركزن على الجانب المادي من شخصيته، فهذا الصنف ما في بالهن إلا المادة وتجد في حديثهن عبارات شائعة –(لودي ألواحد امونكك )-(يبنيلك كيكوطة )-(يصيف بك فالدشرة)،ويقودهن هذا التفكير إلى أوهام ووساوس تراودهن، وهناك سبب يتعلق بإصابة الفتاة ببعض العاهات والأمراض المزمنة،وهذا الأمر يتعلق بأمر مقدور لاغبارعليه، كما أن بعض الفتيات يرفضن التعدد وهذا إجحاف في حق المجتمع،  فالتعدد من حقوق الرجال وبه تعالج وتدرأ الفتن، كما نصت عليه تعاليم ديننا الحنيف، فلماذا تخطئ بعض الفتيات وتحرم بعضهن الآخر من الزواج، ،فهذا يزيد في انتشار الظاهرة.
أما القسم الثاني من أسباب العنوسة في مجتمعنا قسم يتعلق بالأولياء حيث نجد الكثير منهم يتحججون بحجج واهية لعدم تزويج بناتهم وبأن الرجل الذي تقدم لخطبتها ليس بكفء  ولن يسعدها أو يضمن لها العيش الطيب لأنه لا يملك شئ– ونسى نفسه عندما تقدم لخطبة في زمن حرب التحرير ومقاومة الاحتلال ففي تلك المرحلة نعرف أن معظم أبائنا تزوجوا بمهر قليل جدا، فرسول صلى الله عليه وسلم قال: (اقلهن مهرا أكثرهن بركة)- ,ويوجد أيضا بعض أرباب العائلات يطبق نظرية جديدة (عقلية ) تتزوج الكبرى ثم الوسطى ثم الصغرى وهكذا فإذا تقدم رجل إلى الوسطى أو الصغرى يقابل بالرفض لأن بعض الأولياء يفكر بأن إذا تزوجت الصغرى أو الوسطى يكون عائق في زواج الكبرى وهذا التصور لا أساس له من الصحة أو يخشى أن تبقى عنده في البيت .
أما القسم الثالث من أسباب العنوسة فيتعلق بالأسرة والمجتمع ومنها غلاء المهور والتبذير في مراسيم الزواج والعادات الدخيلة وما يصحبها من فساد أخلاقي وهذا متناقض مع حالنا.
يقول الشاعر محمد سالم جدو في قصيدته-خيمة لق-
تشجيعات أخيام أخر وجو                                   ياللأجيين أل تتلصق
ضيعتوا شباب اللوجـــــــــو                                    لأعراس ألحقها تلبق
وكذلك تأخير الزواج لبعض الفتيات بحجة العمر وان الزواج تلزمه خبرة وتجربة في الحياة ،وسوء سمعة الأسرة فقد تجد بعض الفتيات ذات أخلاق عالية إلا أن سمعة أسرتها على نقيض ذلك، وهذا من أهم عوائق الزواج في مجتمعنا ونحن نعرف الشائعات وسرعة انتشارها (ماشاءالله)في المجتمع .
فمشكلة العنوسة لها آثار خطيرة ونتائج سلبية أكثرها يعود على الفتاة، فقد تصاب الفتاة العانس ببعض من الآلام النفسية فتشعر بالحزن والاكتئاب والنفور من الناس خشية السخرية والتلميح الجارح –(التمعني )- ونحن نعرف جيدا بعض اجتماعات الناس (اجمايع أتاي ) ، وقد تنحرف عن الطريق السوي ومن أثارها على الأسرة حيث أن بعض الأسر تخاف من نظرات الناس –(أسواقة )- وتفسيرها بغير معناها واعتبارها نوعا من الإتهام لهم ولبناتهم .مما يؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع ومن أثارها على المجتمع انتشار التفكك والانحلال في المجتمع وانتشار الأحقاد بين الأفراد وكما ينتشر الفساد والرذائل والانحرافات، فعلى مجتمعنا أن يصحو من هذه الغيبوبة ويفيق من هذا السبات فهذه الحال ما سببها إلا الابتعاد عن الشرع فالإسلام حث على الاعتدال ومراعاة حالة المجتمع ووضعه والوسطية في كل شئ في المهور والحرص على الخلق والدين قبل المال عند اختيار الزوج، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) أخرجه الترمذي، وإزالة فجوات التعصب السلبي للقبيلة وتقريب بين أفراد المجتمع الذين يربطهم مصير مشترك وهدف عليهم تحقيقه والتخلص من العادات البالية وأخذ مبدأ تعدد الزوجات الذي يعد متنفسا شرعيا والتمسك والعودة دائم إلى الشريعة فهي الأداة المنيعة والطريق البديعة قال عليه الصلاة والسلام (تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما :كتاب الله وسنتي ) .
وهذه خطوة أولى في محاولة للفت الانتباه إلى قضايا عالقة قد رأيناها وعايشناها،فكانت هذه الالتفاتة مجرد تجربة بدائية للإدلاء بدلونا في معالجة قضية حساسة من قضايا مجتمعنا .
*رأينا خطأ يحتمل الصواب،ورأيكم صواب يحتمل الخطأ*
Sidahmed58@hotmail.fr