غالبا ما إغتنم السياسيون فرصة حضورهم في مراسيم تشييع الجنائز الرسمية من أجل تلطيف الاجواء السياسية، لكن يبدو ان الاسلاميين المغاربة الذين حضرو في جنازة الراحل احمد بن بلة لهم منطق أخر.
فالوفد المغربي حضر الى الجزائر على خلاف بقية الوفود الرسمية برأسين، رئيس الحكومة المنتخب ومستشار القصر الملكي ممثلا لحكومة الظل ولذلك قد يحدث ارتباكا لدى القائمين على البروتوكول الجزائري في التعامل مع هذا الموقف الذي يظهر رئيس الحكومة الاسلامي بغير المؤهل سياسيا لتمثيل نظام المخزن المغربي، وهو نفس الاشكال الحاصل في المفاوضات الصحراوية المغربية التي لايستطيع المغرب ان يعول فيها على الاسلاميين حديثي التجربة مالم يكن بمعيتهم احد وزراء القصر الملكي.
انسحاب رئيس الحكومة المغربية من جنازة الرئيس الجزائري الراحل بن بلة وقيام رئيس الوفد ورئيس الحكومة قبل مدة قصيرة بتقبيل زوجة السفير الامريكي تأتي لتثبت النفاق الذي يصل الى حد التناقض في مواقف السياسيين المغاربة بمختلف مشاربهم، فبن كيران الاسلامي تناسى الضوابط الدينية التي تنهيه عن تقبيل النساء بينما لم ينسيه المصاب الجلل الذي حل بالجزائر الشقيقية في خلافاته مع جبهة البوليساريو.
ماجرى في جنازة الرئيس الجزائري الاسبق يثبت ان الاسلاميين المغاربة حتى وإن إستطاعوا ان يصلوا الى الحكم الا انهم لم يستطيعوا تحرير أنفسهم من التبعية للاوامر المخزنية، فالمخزن المغربي لايفرق بين وفد رسمي ووفد شباني وأوامره تصدر الى شبابه بالمهرجانات العالمية على غرار المهرجان العالمي للشباب والطلبة بجنوب افريقيا مثلما يصدرها الى شيبه امثال بن كيران.
انسحاب الوفد المغربي من جنازة المرحوم احمد بن بلة تأتي في وقت تعول فيه الامم المتحدة على تعزيز إجراءات بناء الثقة بين الطرفين الصحراوي والمغربي ولكن بعد حادثة مقبرة العالية الجزائرية نرى انه لافائدة من تلك السياسة مالم يترفع القائمين على الديبلوماسية المغربية عن تصرفاتهم التي تصل في احيان كثيرة الى درجة الصبيانية.
بن كيران وفي تبريره لقرار الانسحاب قال إن "الانسحاب كان احتجاجا على المكانة التي أعطيت لجبهة البوليزاريو في الجنازة"، الا يعرف رئيس الحكومة المغربية ان الجزائر تعترف رسميا بالدولة الصحراوية كدولة كاملة السيادة، وهل من المعقول ان تقدم الجزائر رئيس حكومة على رئيس دولة؟.
إنسحاب بن كيران من أجواء جنائزية إستجابة لاوامر القصر الملكي تثبت بما لايدع مجالا للشك ان طاعة ملك المخزن هي اولى من طاعة الاوامر الدينية.
رحم الله بن بلة الذي رحل ورحل معه الأمل في تلطيف الاجواء المغاربية بسبب المواقف الصبيانية للسياسة المخزنية.
