اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

بن كيران ودبلوماسية الجنائز

كتب بواسطة : futurosahara on 17‏/04‏/2012 | الثلاثاء, أبريل 17, 2012


سالم احمودة الصغير  
 مما لاشك فيه ان التعزية والمواساة هي من القيم الاخلاقية النبيلة التي اتي بها الدين الاسلامي الحنيف, وحث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على استحباب تعزية من اصيب  بمصيبة تحقيقا لمقصد التعاون على البر والتقوى والرضا بالقضاء والامر بالصبر  والحمل عليه بوعد الاجر , والدعاء للميت بالرحمة والغفران وللمصاب بجبر المصيبة مما يخفف عنه ويذهب الهم ويزيل الغم.
وعوضا عن كونها سنة من سنن الدين القيم , فهي ايضا عادة حميدة توارثتها  الامم سابق عن لاحق, ويتنادى الى تقديم التعازي كل من سمع بالمصاب , دان او قاصي , قريب او غريب , صديقا كان او ذو خلاف وعداوة , بل ان العداوة فيها تنقلب الى  صداقة حميمة , اتعاضا بعبرة الموت التي لا مفر منها .
وحضور وفد صحراوي رفيع المستوى ممثلا لكل الصحراويين لتعزية الجزائر الشقيقة في مصابهم الجلل بوفاة الرئيس بن بلة , فهو حدث لاغروا إن حدث , فقد حضروا بدافع القيم الاسلامية ونخوة العروبة وواجبات الجوار , والله من وراء مقصدهم ,كما حضر غيرهم .
والوفد المغربي  الذي حضر ثم انسحب بحجة وجود وفد صحراوي , فذاك عذرا اقبج من ذنب, و هو الافتراء بعينه.
فهل كان سيغيب عن ذهن وحدس مستشاري القصر الملكي ( وهم من هم) ان البوليساريو سوف تغيب عن حضور مراسيم تشييع جنازة رئيس جزائري سابق, ان لم يكن حضور الصحراويين بدافع حفظ الجميل للاخوة الجزائريين فسيكون ذلك بدافع الاسلام والجوار والاعراف الدبلوماسية.
وان افترضنا جدلا ان ذلك غاب عن ذهن مستشاري القصر الملكي , هل كان ليغيب عن اعين اجهزة مخابراته  , وهي الاجهزة التي تمارس هواياتها في تتبع كل شاردة وواردة على الجار القريب والجار بالجنب ..... وحتى سابع جار.
ام ان حضور الوفد المغربي عمل سحر انقلب على الساحر!
ألم يستوعب قصرالرباط وحكومة بن كيران شجاعة الجزائر وحسن تصرف رئيسها ولباقة تفهمه في سنة 1999 عند ما شارك السيد عبد العزيز بوتفليقة في جنازة الملك الحسن الثاني وفوجئ بالصهيوني ايهود بارك يمد له يده للمصافحة , قامت الدنيا ولم تقعد بسبب مصافحة عابرة مُدّبرة, لكن بوتفليقة لم ينسحب واحترم الموقف المهيب واعطى للاموات حرمتهم , والجزائر لم تُطَبِعْ مع اسرائيل وبقت على موقفها الوفي لفلسطين ظالمة او مظلومة, عكس المغرب الذي تربطه  مع الكيان الصهيوني علاقات وطيدة  أصبحت تعرف ربيعا وانتعاشا كبيرا منذ ذلك الحين اي منذ  تولي  الملك محمد السادس سدة الحكم في المغرب والذي ربط علاقات عسكرية مع الكيان الإسرائيلي على حساب دول الجوار، كما سبق وأن  كشف موقع “دبكا” الصهيوني, فاسرائيل لها علاقات قوية وقديمة مع المغرب‏,‏ التي تحتفظ بروابط وثيقة مع اليهود المغاربة وهم كثر‏,‏ سواء المقيمون فيها حتي الآن‏,‏ أو المهاجرون إلي إسرائيل‏,‏ ولقد تباهي احد كبار المغاربة يوما‏,‏ بأن بلاده تملك أقوي لوبي يهودي داخل إسرائيل‏,‏ ومنه جاء أكثر من وزير مغربي الأصل‏ أبرزهم ديفيد ليفي وزيرخارجية سابق.
وتصريح بن كيران لجريدة الشروق الجزائرية بان انسحاب الوفد المغربي كان بسبب الحضور البروتوكولي لوفد من البوليساريو , فهوضحك على الذقون .
هل نسي بن كيران او تناسى انه في اقل من شهر كان يجلس جنبا الى جنب في مواجهة وفد من البوليساريو في مناهاست في مفاوضات يقال فيها الكثير ويسكت فيها عن الكثير واستمرت المفاوضات يومين ولم ينسحب بن كيران ولم يصدرسيده في قصر الرباط اوامره بالانسحاب , ام ان حرمت الامم المتحدة في بلد العم سام اقدس من حرمت الاموات في بلد الجزائر.
هل نسى بن كيران, سليل الاسرة الصوفية , ان صبر ساعة في مواساة جار في مصيبته اعظم عند الله اجرا واثقل في ميزان الحسنات من افتراء حجة واهية , هي كلمة باطلة يراد بها باطل.
وهل غاب عن بن كيران ان ينسحب من لقائه مع رئيس الحكومة الاسبانية السيد ماريانو راخوي ام تناسى بن كيران_سهوا او عمدا_ ان سبتة ومليلة مازالاتا محتلتين من طرف اسبانيا.
بن كيران , الحاصل على اجازة في الفيزياء , والمدرس سابقا بالمدرسة العليا للاساتذة , هل نسى واحد  من اهم القوانين الفيزيائية على الاطلاق " لكل فعل رد فعل مساو له بالمقدار و معاكس له بالاتجاه" هل سيغفر الاخوة في الجزائر هذا الاستخفاف المغربي؟
ولكم ان تتصوروا معي ان وفدا مغربيا قدم الى الجزائر لحضور احتفالية فتح الحدود الجزائرية المغربية المغلقة منذ 1994 للاسباب المعروفة سلفا, وليكن خيالكم اوسع بما يستوعب سيناريو دعوة الجزائر لوفد صحراوي بالحضور للمناسبة عينها  , حينها هل يجروء المغرب على الانسحاب من هذه الاحتفالية بسبب تواجد وفد صحراوي مهما يكن حجم تمثيله , بالطبع لا ,لانه ببساطة شديدة , الحدود هي منفذ لتصدير حشيش القصر المكلي في الرباط , وكذلك الحال سيكون لحكومة ين كيران(ذات التوجه الاسلامي) التي بدأت هي الاخرى تتجه الى زراعة الكيف, حسب ما افادت به جريدة هسبريس المغربية على صفحاتها على شبكة الانترنت, وبالتالي فان عدم انسحاب المغرب وقتها ستبرره (المصلحة الاقتصادية العليا للشعب المغربي) وان الوفد المغربي بقى صامدا رغم كل المؤمراة التي احيكت ضده والمحاولات الاستفزازية من اجل ان ينسجب وترك الساحة خالية امام خصوم وحدته المطاطية؟! 
الانسحاب اما ان يكون سلوكا انهزاميا حين تقف عاجزا عن مواجهة الخصم  ويصبح همك الوحيد هو النجاة بنفسك وما يرافق ذلك من إحباط وتوتر وخيبة أمل وعدم الشعور بالمسؤولية و اما ان يكون  لخطة تكتيكية , الى حين استجماع عوامل القوة لمواصلة المواجهة,فأي الوصفين يختار المغرب, عجز امام البوليساريو او تكتيك لاعداد خطة اخرى  في جنازة رئيس جزائري اخر؟! بعد عمر مديد ان شاء الله.  
فلا عجب اذن ان نرى الوفد المغربي ينسحب برئاسة بن كيران , وهو الشخصية المثيرة للجدل في كثير من مواقفه والمحابية لميول المخزن , وهو من المؤيدين لاطروحة المخزن بخصوص القضية الصحراوية منذ ان كان ناشطا في تنظيم الشبيبة الاسلامية بزعامة الاشتراكي عمر بنجلون, فلا نستغرب منه مواقف مثل هذه , وان كانت بدون ادنى شك هي أملات فوقية من سيده في القصر الملكي , لكنها أملات تنسجم وطبعه , وهو الشخص الخالص الايمان بنظرية " انه لا يمكن للانسان ان يسير الى الله  آلا بشيخ او مرشد" ها وقد املى عليه مرشده واميره بما تحب نفسه وترضاه .
السلام على الجميع ...... وتصبحون على وطن حر.