اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

إجراءات تقشفية أم إرشادات صحية !!!؟

كتب بواسطة : futurosahara on 22‏/06‏/2012 | الجمعة, يونيو 22, 2012


بقلم : سمير
عادة عندما تمر الدول بفترات عصيبة ؛ كالأزمات الاقتصادية والمالية ، تتخذ الحكومات حزمة من الإجراءات  التقشفية التي من شأنها ضبط الإنفاق العام للحد من التأثيرات السلبية لتلك الأزمات خصوصا كل ما من شأنه أن يمس قوت المواطن اليومي ، لما لذلك من مخاطر قد تمس امن واستقرار البلد ؛ ومن بين تلك الإجراءات:
1-  تحجيم القطاع الحكومي والجهاز الإداري من خلال دمج بعض الحقائب الوزارية ذات الوظائف المتشابهة ، وعدم استحداث مناصب ووظائف إدارية لا ضرورة لها ، والحد من التعيينات الجديدة في الوظائف العامة ..الخ.
2- خفض النفقات الحكومية من خلال الاستغناء عن الإنفاق الذي لا لزوم له ( الإنفاق غير المنتج ) ، بالإضافة إلى تقليص الخدمات المجانية الموجهة لكبار موظفي القطاع الحكومي.
3- تخفيض النفقات التشغيلية لمختلف الوزارات والدوائر والمؤسسات الحكومية.
وغيرها من الإجراءات التي لا يتسع المقام للحديث عنها.
والمتتبع للإحداث الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم اليوم ؛ صغيره وكبيره في مشارق الأرض ومغاربها ؛ يدرك جيدا أبعاد وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية وآثارها المدمرة التي عصفت باعتي الاقتصاديات ولا زالت تعصف بدول وحكومات وتهدد مصير شعوب وقارات.
ونحن كجزء من هذا الكون ؛ لسنا بمنأى عن تلك التداعيات لاسيما وأننا نعتمد كليا على مساعدات خارجية من دول ومنظمات تتعاطف معنا إنسانيا أو سياسيا ؛ ومن ثم يكون التأثير مباشر والآثار صعبة وخطيرة.
إن ذلك يحتم علينا اتخاذ تدابير وإجراءات صارمة وسياسات حكيمة ؛ تستهدف تشجيع الإنتاج المحلي ، وتعمق ثقافة الاعتماد على الذات ، وترشد النفقات العامة لندخر ، القرش الأبيض لليوم الأسود ، حتى لا يكون مصيرنا كمصير الصرصور مع النملة.
أما أن نسبح عكس اتجاه التيار ونتخذ إجراءات عكس ما يواجه به العالم الأزمات والظروف الصعبة التي يمر منها ، فان ذلك شئ يدعو إلى الاستغراب حقا ..!.
بعيد المؤتمر الثالث عشر للجبهة ؛ وشبح الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية حينها قد بدأ يلغي بظلاله على الكون ، كنا نتوقع أن يتخذ صناع القرار تدابير وإجراءات – لان المؤتمر خول لهم ذلك - من شأنها تخفيف وطأة تلك الأزمة على المواطنين ، على غرار ما اتخذته بعض دول العالم ، فإذا بتوقعنا ينقلب إلى عكسه ، فبدلا من تحجيم الجهازين الحكومي والإداري ، عمد صناع القرار إلى توسيعهما ؛ بسلخ هياكل جديدة من هياكل قائمة واستحداث مناصب نعتقد انه لا لضرورات وظيفية أو مهنية لها ، ناهيك عن التوسع في الإنفاق البذخي ( الاحتفالي ) على أنشطة غير منتجة اللهم ما ندر في جانبيها الإعلامي والدعائي.
باستثناء ذلك ؛ عمدوا  إلى اتخاذ إجراءات – نستحي من تسميتها بهذا الاسم – كهدف لتخفيض النفقات العامة تمثلت في الحد من شرب المياه المعلبة أو المشروبات الغازية والألبان ...!!!.        
فهل ذلك حقا إجراءات تقشفية أم مجرد نصائح طبية !!؟.
يذكرني هذا بموقف ظريف لإحدى سيدات العالم ، عندما ثار الشعب في مظاهرات عارمة من اجل الخبز ، وكانت الجماهير الجائعة تهتف على مقربة من القصر الرئاسي  ، فإذا بالسيدة الأولى تطل من شرفة القصر وتتساءل ما خطب الناس؟ ، فأجابها احد من كان حولها ؛ إنهم يهتفون من اجل الخبز يا سيدتي ، فردت لماذا لا تعطوهم خبز؟ ، فرد عليها : الدولة تعاني نقص حاد في مادة الخبز، فردت السيدة : أعطوهم بسكويت إذن بدل الخبز.
فمن جواب السيدة يبدو أنها لا تعيش واقع شعبها وما يعانيه من ظروف قاسية ومأساة ، ومن الطبيعي أن تأتي بوصفة أو ببديل غذائي غير واقعي ، وكأن الجماهير المسكينة قادرة مثلها على استبدال الخبز بالبسكويت ، واللحم بالكافيار ، ودخان مالبور ببورو...الخ.
انه لمن الرشادة أن نكون أكثر واقعية وحكمة وننساق إلى العقل والمنطق ، ونعي جيدا انه إذا كان الله من علينا بشعب طيب  وصبور فان للصبر حدود .