اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

انتظار القرار .. في منازل "العلك"

كتب بواسطة : futurosahara on 11‏/06‏/2012 | الاثنين, يونيو 11, 2012


السالك صلوح
 تقدم بجدتي العمر فأصبحت في بعض الأحيان  تفقد التركيز وتعيد تكرار  أشياء من الماضي ، فبينما ونحن حول "طبلة الشاي" في صباح من أيام الصيف الحارة والتي يفضل فيها كبار السن الزيارات العائلية  دخل علينا شيخ من جيراننا القدماء قبل أن يفرق الفيضان دائرتنا وتتناثر خيمنا حول مركز الدائرة الذي بقي وحيدا شاهدا على أن الدائرة كانت مجتمعة قبل "الواد" كما أصبحنا نسميه تلك الحقبة، سلم علينا الشيخ وأخذ مكانه بيننا يشاركنا الحديث بل وقد انحرف بحديثنا حول  ذكريات  جمعته بجدتي أيام "اللجان الشعبية" أين كانا الاثنين يشتغلان في "لجنة القضاء" بالدائرة وبعد أن كاد الجمع يفترق بتناول أخر كؤوس الشاي سألت جدتي الشيخ الذي هم بالوقوف مودعا وهو لا يكاد  من شدة الوهن  وألم المفاصل ،سألته أن يقضي  يومه معنا فالجو يبدو حارا ونحن على مرتفع بينما لازالت خيمة الشيخ تقع فيما يعرف عند سكان الدائرة بالـ" الحفرة" قال الشيخ ان ذلك صحيحا وخاصة أنه لازال لا يملك "بيتا" من الطين الى اليوم وانه يعيش أيام الصيف الحارة بمعينة بناته وأحفاده تحت خيمهم المتواضعة...وبخطوات مثقلة تركنا الشيخ وكنت قد هممت بغسل أواني الشاي ودون ان يفوتني  سالت جدتي : لماذا لا يبني أبناء " الشيخ" له بيتا  الى اليوم يقيه  وعائلته الحر؟..فقالت جدتي إنهم حاولوا اقناعه بذلك عدة مرات لكنه في كل مرة يرفض ويقول:"..ان القرار سوف يصدر قريبا ونرجع الى أرضنا، حينها سوف نرجع الى بيوتنا  و مراعينا وأبارنا (..)..." ، ظننت أن ما قالته جدتي كان جزء من ألأشياء الكثيرة التي أصبحت تقولها مؤخرا وهي تقصد أشياء أخرى ولكن بعد استرسالها في الحديث عن جارنا القديم  أدركت ان ما تقوله صحيحا..تركت جدتي تتحدث عن فضائل الجار الكريم الذي ألفناه خلال السنوات التي كنا نسكن إلى جواره   
وشرد ذهني الى أناسا يقضون صيفهم على ضفاف شواطئ أو في بيوت مكيفة مأجورة على حساب أموال الشعب أو أقتنوها  من "أموال  العلك" التي تعود للشعب ، وعملية جني المال من جمع  مادة "العلك" وبيعه  عند الصحراويين من أحل الطرق والأكثر ها نقاوة من هجين الكسب الغير حلال، و الأكيد أن ما يملكه قياديونا من منازل وسيارات وأموال لم يكن نتاج "العلك" ولكن يعلم الله وحده من اين لهم بكل ذلك..؟ فقد دعاني صديق لي ليريني منازل القادة  والمتنفعين من قادتنا الأخيار في مدينة تندوف الجزائرية وقد كنت حريصا على أخذ صور لها  لتبقى لدي، وقد كان لذلك أثر كبير في نفسي وأنا أتذكر  جارنا الشيخ وهو يعاني تحت حرارة يوم من أيام الصيف التي يعرفها الجميع  وبالمقابل كيف يقضي هؤلاء  القادة  وعائلاتهم صيفهم ؟ وأين.. ينتظر الشيخ  تحت خيمته المتواضعة صدور القرار الاممي ؟ "الذي لن يصدر أبدا"  حتى يعود الى أرضه ويتلذذ  قادتنا بمعاناتنا وهم في منازل فخمة  ومكاتب مكيفة  بفناءنا على هذه "الحمادة" التي ابتلعت أحلامنا وطموحاتنا بعد أن طال بنا المنفى فيها ونحن نعول على ملهات مفاوضات يتخذنا العدو والعالم سخرية...انها المفارقة بين من بقو على العهد وهم كثر  وبين من باعوا القضية والشعب والوطن لقد أصبحنا نشك في أن  من يمتلك كل وسائل الرفاهية في "لحمادة" ويجني المال على حسابنا لا يريدون لنا الاستقلال والعودة إلى أرضنا  بل العكس يريدون لنا ان نبقى في هكذا وضع وتحت هته الخيام في انتظار غيث من أحدى الدول او المنظمات المانحة لن يصلنا إلا جزء منه بعد ان  تتلقفه أيادي ناهبي المساعدات ليضيفونها رصيدا إلى أموال يتبجحون بها علينا هم وأبنائهم  " كل صيف ونحن نكتوى ".