اسلامه الناجم
تستكثر علينا قيادتنا حتى الكلام، في شؤون لصيقة بحياتنا ومصيرنا وكفاحنا وبكيفية حكمنا وهي التي استكثرت لنفسها ما شاءت من متاع الدنيا وحتى الآخرة من خلال أفواج الحجيج المتوالية، فقد وصلت قيادتنا أرذل الفعل، وباتت تمنع مجرد الرأي، وتعجز أن ترد عليه بالرأي، وسيلتها الوحيدة توقيفك عن العمل، والتوقيف لمن لا يعلم هي الطبعة الجديدة "الناعمة" من الطرد والذي كان قد أثار موجة استياء واستنكار في السابق، وتم الالتفاف عليه من خلال هذا المصطلح الجديد والمخزي "التوقيف عن العمل".
ففي وقت انفتحت فيه سموات العالم وأراضيه وامتلأت الدنيا بمختلف وساط الإعلام، وصارت حرية الرأي ضمن أقدس حقوق الإنسان، يرجع نظامنا نحن القهقرى على طريقة قرون الكبش.
انه لمن المعيب جدا بل المؤلم أن نرى صحافة العدو تمتلئ بالآراء التي تنتقد أداء حكومتها، بل صارت الآراء تحوم حول القصر نفسه، و تمنعنا نحن قيادتنا من نشر أرائنا في مواقع صحراوية مستقلة، عوض أن تكون وسائل إعلامنا الوطنية هي ذاتها منبرا وجامعا لكل الآراء مهما كان نوعها ما دامت تحترم الثوابت الوطنية وخيارات شعبنا وتضحيات شهدائنا.
إن الحرية كل لا يتجزأ فتحرير الأرض يوازيه في الأهمية تحرير الإنسان من كل القيود التي تعيق تقدمه وحقه في العيش الكريم، من هنا اكتسبت حقوق الإنسان كل هذه الأهمية والتي من ضمنها أو على رأسها حرية التعبير.
من بين الحجج التي ساقها النظام أو ممثله على الأصح ، بأننا نقول في الإذاعة شي ونكتب في المواقع شيء آخر، ورغم أن النظام ورموزه يتقنون جيدا هذه اللعبة فقولهم منفصل تماما عن فعلهم وهو ما نعاني من آثاره المباشرة وغير المباشرة ، غير أننا نرفض هذا الاتهام ورفضناه أمامه، وهو اتهام يقوم على مغالطة، فأي تناقض في إذاعة خبر عن الجولة التاسعة من المفاوضات على سبيل المثال؟ و كتابة موضوع حول عدم جدوائية المفاوضات دون ضغط !، أليس هذا ما يصرح به أعضاء الوفد المفاوض أنفسهم؟ ألا تكفي 21 سنة من التفاوض دليلا؟ اقصد منذ انخرطنا أو انخدعنا بما يسمى مسلسل السلام أو التسوية أو سمه ما شئت فلا فائدة منه أو فيه؟! .
أي جريمة ارتكبنا إذا كتبنا عن الاستقالة؟ بل أي جريمة كنا سنرتكب لو سكتنا عنها؟ أو اعتبرناها على الأقل مثل ما يريد النظام ليس هذا وقتها فالظرف استثنائي !!!.
ليس من عادتي الحديث عن نفسي فكيف مديحها! لكن الله يشهد على ما أقول والمنصفون من زملاء المهنة بأننا– هيئة تحرير الإذاعة الوطنية جميعا – لم ندخر جهدا حتى يبقى صوت الشعب الصحراوي ملعلعا في سماء الله يحمل تطلعات الصحراويين وأمالهم في الحرية والانعتاق من أي كان لا في القريب والبعيد، رغم إهمال مقصود و ممنهج للإذاعة من ولاة الأمر، فما أكثر ما تعطلت الإذاعة الوطنية ولأتفه واضعف الأسباب،وربما لا يعلم الكثيرون أن الإذاعة التي يدعي النظام الغيرة عليها لا تمتلك سيارة للمهام منذ ما يزيد على ست أو سبع سنوات وهي الوحيدة من بين سائر مديريات وزارة الإعلام التي لا ميزانية لها، أضيف إلى هذا كله ضعف الانترنت و قطع الهاتف بحجة التقشف وارتفاع تكاليفه، ولو أن الحكومة وفرت شهرا واحدا ثمن المياه المعدنية التي تشتريها بمناسبة وبدونها، لسددت تكاليف هاتف الإذاعة سنة بحالها، دعك من الإنفاقات الأخرى الكثيرة والكبيرة، ويشهد الله أيضا أنني لم اطلب امتيازا لشخصي ولا سعيت فيه ، ويكفي أن تعلموا أن معنى رئيس تحرير في الإذاعة الوطنية هو أن ينحت الأخبار ولو من الصخر كل ليلة ، دون أي امتياز آخر فراتبه نصف راتب نظيره في التلفزيون وليس له سيارة أو حتى محمول، وليس له من راحة إلا عطلة نهاية الأسبوع أو شهر من كل سنة لا يستثنى في ذلك عيد أو أي مناسبة دينية أو وطنية أو حتى خاصة وهذا حال معظم طاقمها، دون تذمر ولا حتى ندم أو من، فكل تضحية لم تصل إلى تضحية الشهداء عار ذكرها، رغم إننا نعلم جميعا إن هناك من تفتح له خزائن الدولة ومقدراتها يفعل بها ما يشاء بلا حساب دونما فائدة للوطن أو القضية .
سوف لن نسكت مهما كانت الضغوط أو الإغراءات ولن نغمد القلم أو ندع لوحة مفاتيح الكومبيوتر ترتاح، ما انعم الله علينا بالحياة، ليس لذاوتنا لكن وفاء للشهداء وعهدا لشعبنا، بان نفضح الفساد والمفسدين، الذين يقتاتون من دم الشعب والذين يجدون راحتهم في معاناته لم نسكت ولن مهما أثاروا حولنا من شبهات أو استدعوا من مغالطات تبرر أفعالهم من اجل إسكاتنا أو إرهابنا.