اول مجلة صحراوية مستقلة تأسست 1999

مجلة المستقبل الصحراوي

مجلة المستقبل الصحراوي

لماذا كل هذا الخوف من الكتابة؟

كتب بواسطة : futurosahara on 15‏/07‏/2012 | الأحد, يوليو 15, 2012


اسلامه الناجم 
"مخيفة هي الكتابة دائما، لأنها تأخذ لنا موعدا مع كل الأشياء التي نخاف أن نواجهها، أو نتعمق في فهمها"
أحلام مستغانمي "ذاكرة جسد".
هذا توصيف دقيق لتأثير الكتابة، والخوف الذي تبثه ليس في صدر الكاتب، بل في صدور أولئك الذي لديهم ما يخفونه عن شعوبهم، ويخشون الاقتراب منه أو التعمق في فهمه أو كشفه وفضحه.
حاول الكثيرون أن يقفوا بالمرصاد للكتابة، فضايقوا الكتاب وارهبوهم، وتعددت وسائل الترهيب من قطع الأرزاق إلى قطع الأعناق إلى كاتم الصوت في الزوايا المعتمة على رصيف بارد، ولقد قال يوما غوبلز وزير الدعاية النازي الشهير ،كلما سمعت كلمة مثقف تحسست مسدسي، لكن دون جدوى كان الكتـّاب في كل عصر كطائر الفنيق الذي ينهض من الرماد. ومسايرة منها للزمن حاولت القوى التي تكره الكتابة وتخشاها، الانتقال من الوحشية التي باتت مدانة ومجرمة دوليا، إلى الالتفاف عليها من خلال محاربتها بابتكار ترسانة من القوانين والتشريعات تحت مسميات وذرائع عديدة، والهدف هو ذاته تكبيل الكاتب ومحاصرته .
ولان البقاء للأصلح، تمكنت الكتابة من تحدي كل العراقيل والتشريعات السخيفة، ساهم في ذلك قفزة تكنولوجية هائلة، وثورة رقمية فاقت الخيال، أنهت إلى الأبد وبالضربة القاضية أي محاولة لمنع أو محاصرة الكتابة و الرأي عموما، مهما كان شكل التعبير عنه، لم يعد بالإمكان اليوم حجب الرأي مهما كان نوعه ومحتواه كلمة كان أو صورة .
فإذاْ يقاس تقدم المجتمعات اليوم بمدى احترامها لحرية التعبير ودفاعها عنه ، فالتعبير الحر يعكس حرية المجتمعات ورقيها ، والحرية قد لا تعني تحرير الأرض وفقط، بالقدر الذي تعني حرية الإنسان الذي هو الأصل و الفصل والمبتدأ والخبر، فكم من أراض حرة شعوبها مستبعدة؟ 
هذا في السياق العام العالمي أما بخصوصنا نحن "الاستثناء" ، فنحن استثناء فعلا! واقعا وتنظيما ودولة ، والجميع يؤكد هذا ويتفق عليه قيادة وشعبا، لكن غير المتفق عليه وغير المقبول هذا الاستخدام غير البريء لهذا الواقع "المرفوض المرفوض" ذلك أننا شاهدنا النظام يشهر في وجوهنا هذا "الاستثناء" عندما يريد أن يتخفف من مطالب الناس المتزايدة في الديمقراطية بكل معانيها من ابسطها وهو التداول السلمي على السلطة وحرية التعبير إلى اعقدها وهو الفصل بين السلطات واحترامها و التوزيع العادل للثروة ومساواة تامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات. وفي أحيان أخرى عندما يريد أن يرفه نفسه ويدللها يتجاهل هذا الاستثناء ويغدق على نفسه نفس حقوق الحكومات في الدول المستقلة حصانة ونفوذا وباقي الحقوق.
وضعنا استثنائي دون شك، هذه مسلمة محل اتفاق الجميع ، وبالتالي لا يجب على أي كان قياس إعلامنا بوضع الإعلام في البلدان الأخرى، أو يبحث عن ما يسمى ميثاق الشرف في وسائل الإعلام الدولية العامة والخاصة، ليسقطه على حالنا، فالأمر مختلف تمام الاختلاف، فكما لا يجب قياس الدولة أو الحكومة على دول العالم وحكوماته ، كذلك الإعلام، فالذي يجب أن يكون واضحا للجميع، إن واجب الإعلام الوطني لا يقف عند خبر يبدأ بفعل دشن فلان أو تفقد علان إلى آخره، بل يمتد أيضا إلى رأيه و رؤيته للشأن الوطني العام، في أي وسيلة تتيح له ذلك ، ولا شرط أو حدود لكتابته ورأيه مادام تحت سقف الثوابت والمقدسات الوطنية ، والمفترض أن تكون وسائل الإعلام الوطنية العامة الأولى بهكذا مبادرة ومسؤولية، وعلى مسؤولينا أن يضعوا نصب أعينهم، انه إذا كانت وسائل الإعلام العمومية في باقي الدنيا تقوم وتمول من ضرائب مواطنيها، فان إعلامنا نحن وباقي مؤسساتنا شيد بدماء الشهداء وتضحيات تفوق ضرائب الدنيا مجتمعة ثمنا . 
وبعد اختم هذا المقال كما بدأته باقتباس آخر من رواية الجزائرية أحلام مستغانمي "ذاكرة جسد" الممتعة والرائعة "بين أول رصاصة وآخر رصاصة تغيرت الأهداف .........وتغير الوطن"